الصراع الإمبراطوري الحديث : كلّ يوظّف كلاّ .. لكن ، إلى أين !؟
أمريكا وإيران ، وروسيا وتركيا : هي الدول الأربع ، المتدخّلة في الشأن السوري ، بشكل مباشر، وبقوة ، ولكلّ منها ، مصالحُها ومطامحُها ، في بلادنا ، وفي المنطقة ، عامّة !
أمّا المصالح الراهنة ، فيعرفها أصحابها ، أو يعرفون كثيراً منها ! وقد تبرز مصالح جديدة ،على ضوء الصراعات القائمة ، وتطوّراتها ، على الساحة !
وثمّة دول غير هذه ، بالطبع ، عربية وغير عربية ، لها مصالح ، في بلادنا ، لكنّ مصالحَها أضعفُ ، من مصالح الدول الأربع .. وقواها أضعف ، من قوى هذه الأربع ، وتدخّلاتها أقلّ ، من تدخلات الأربع ! وقلّما تتدخّل إحداها ، إلاّ بالتنسيق ، مع إحدى الدول الأربع !
لذا ؛ سيكون التركيز، في هذه السطور، على الدول الأربع الأساسية ، المذكورة ، آنفاً !
أمريكا : الإمبراطورية الأقوى ، في الظرف الراهن ، لها مصالحها ، ومطامحها الإمبراطورية ، في المنطقة ، عامّة ، وسورية جزء هامّ ، من المنطقة ، في الظرف الراهن ! وهي (أمريكا) توظّف مَن تستطيع توظيفه ، من أصدقاء وحلفاء ، لها ، داخل سورية ، وخارجها ، توظيفاً متبادَلاً،غالبا ً وأحادياً ، أحياناً ، لتحقيق مصالحها ! كما توظّف بعض أعدائها ، في إرهاب بعض الأطراف ، الموجودة في الساحة : سورية ، وغيرَ سورية..أو ابتزازهذه الأطراف ، سياسيا ومالياً!
وقد صارت سياساتها ، في المنطقة والعالم ، معروفة ، منذ أمد طويل ، ولها مرتكزات معروفة، كذلك ، لكلّ مهتمّ بالشأن العامّ !
أمّا إيران : فإمبراطورية ناشئة ، تسعى إلى ، إحياء هيكلها الإمبراطوري ، الذي مُحي ، من الوجود ، منذ ألف وأربعمئة سنة ، فهي تسعى ، بالتالي ، إلى التمدّد ، في المنطقة ، على حساب جيرانها ، مستخدمة مالديها ، من قوى : مادّية وعَقدية (المذهب الشيعي).. لتحقيق أهدافها ، التي تعلن عن بعضها ، أحياناً ، وتذكر بعض ماحققته منها ، أحياناً أخرى ؛ كفخرها ، بأنها احتلت ، أربع عواصم عربية !
وأمّا روسيا، بقيادة بوتين: فتحلم ، أن تعيد أمجاد إمبراطوريتها القيصرية، بعد سقوط الإمبراطورية السابقة ( الاتحاد السوفييتي ) ! وهي جعلت ، من سورية مرتكزاً أساسياً ، لإحياء إمبراطوريتها الجديدة ، التي باتت ملامحها ، تتشكّل ، عبر مناطق عدّة ، في : أوكرانيا ، والقرم ، وسواهما !
وأمّا تركيا ، بقيادة أردوغان وحزب العدالة : فتطمح إلى أن تكون قوّة عظمى ، في المنطقة ، عبر نهضتها الذاتية ، وعبر إحساسها بواجبها ، تجاه جيرانها العرب ، وعبر إحساسها بواجبها ، تجاه الدول الإسلامية ، الفقيرة والمضطهدة ! وصار بعض الإعلاميين ، يلمّحون ، إلى إعادة السلطنة العثمانية : بعضُهم يلمّح ، على سبيل الحلم الجميل ، وهذا شأن المتعاطفين ، مع تركيا وسياستها وطموحاتها .. وبعضُهم يلمّح ، على سبيل التشهير، والتحذير، ممّا يطمح إليه الحكم التركي الحالي!
والدول الأربع المتدخلة في سورية : تعي ، جيّداً ، أبعاد اللعبة السياسية ، في سورية والمنطقة.. وتعي موازين القوى والمصالح ، في سورية والمنطقة والعالم ، وتتعامل على هذا الأساس ، فيما بينها ، ومع الآخرين !
فقد تنسّق بعض الدول المتنافسة ، فيما بينها ، لتحيق أهداف مرحلية معيّنة ، لإدراك كلّ منها ، أنها غير قادرة ، وحدَها ، على تحقيق أهدافها ، في معترك القوى والمصالح المتعارضة !
وقد تحدث أمور غير مألوفة ، كثيراً ، كأن تشتري دولة ، أساسية في حلف الناتو، هي تركيا ، سلاحاً قويّاً ، من روسيا ، برغم اعتراض أمريكا ، زعيمة حلف الناتو ، بعد أن رفضت هذه ، تزويد حليفتها ، بالسلاح الذي تحتاجه ؛ بل تآمرت عليها ، مع أعدائها ، من المنظمات الكردية ، التي تمارس ، ضدّها ، عمليات إرهابية ، داخل بلادها !
إنّها السياسة .. والمخفيّ أعظم .. والليالي يَلدن كلّ عجيبة !
وسوم: العدد 769