حرب جديدة في الشرق الأوسط ..
الساعات الأخيرة كانت حاسمة ومثيرة وسريعة، تمكّن الموساد من سرقة أرشيف البرنامج النووي الإيراني من قلب طهران؛ نتنياهو يحرض على اندلاع الحرب الخاطفة والمدمرة، رغبة في عادة ايران لعشرات السنوات، والمستغرب أنحلفاء ترامب وحتى من دول الخليج يتغنون بخطابه المتمثل بإنسحاب أمريكا من الاتفاق النووي (5+1) بالرغم من أن الدول التي وقّعت الاتفاق النووي الإيراني، أجمعوا على ضرورة التمسّك بالاتفاق النووي الإيراني، والذي تم خلال ولاية أوباما الثانية، وفي نفس الوقت تريد اسرائيل حماية أمريكية تمنع طهران من الانقضاض عليها بالصواريخ، وتريد تحييد روسيا وتجميد موقف الاتحاد الأوروبي، وأن يدفع العرب تكاليف الحرب بالوكالة والتي ستدمر عواصم عربية .
نتنياهو الذي ضغط على ترامب للانسحاب من الاتفاق الايراني بحجة الحفاظ على تفوق وامن (اسرائيل) ومنع تعاظم القوة النووية الايرانية، عمل من خلال زيارته أمس الى روسيا ولقاء بوتين على توصيل رسالة واضحة أن " مصلحة روسيا في سوريا لا تنسجم مع مصلحة إيران"، وتزامنا مع الزيارة صرَّح المتحدث باسم جيش الاحتلال الاسرائيلي ، صباح اليوم الخميس، " إن سلاح الطيران الإسرائيلي نفذ أحد أكبر العمليات الجوية في العقود الأخيرة"، وهنا يمكننا قراءة طبيعة الرد الروسي، هل استجاب لمطالب نتنياهو وربما علمها مسبقا بالهجوم، وهل ستوقف التدهور و التصعيد العسكري الصاروخي.
ربما تنسحب روسيا بإتجاه دمشق، وتمتنع عن الدخول في أي سجالات مع أي من الأطراف، وخاصة أن هناك تهديد مباشرة من(اسرائيل) الى سوريا بأنه إذا سمح السوريون بعمليات مباشرة ضد إسرائيل فسوف يدفعون الثمن، ويبدو أن (إسرائيل) قد اتخذت قرارًا إستراتيجيًا بمنع تعزيز الوجود العسكري الإيراني في سورية، وهنا يمكننا توقع ثمن وقوف ايران مع القيادة السورية وتعزيز قدراتها العسكرية في الحرب الأهلية المستمرة منذ سنوات، فهل يكون هناك موقف سوري كرد للجميل الايراني وبالتالي نصل الى ذروة الدخول في حرب إقليمية فوق الأرض السورية تمتد لعواصم أخرى.
مما سبق يتضح أن الادارة الأمريكية قررت الدخول مباشرة في صراع النفوذ والسلاح النووي في الشرق الأوسط، وليس لفض النزاع أو منع التسلح النووي، بل من أجل تقوية منظومة الاحتلال وانهاء القدرة الايرانية وفرض نظرية الاستقواء على الدول واستنزافها الى عقدين قادمين، وأمام ذلك تطرح العديد من الأسئلة الاستيراتيجية، ومنها ما هو الدور القادم للاتحاد الأوروبي، وكيف ستكون حسابات روسيا، وهل ستولد قوى قطبية أخرى مقابل الولايات المتحدة، مثل روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا، وما تأثير الحرب على الاقتصاد، وهل تم تأمين أسعار البترول.
المؤكد المعادلة قد تغيرت وأن الشعوب المنهكة لم يعد لديها القدرة على تحمل مزيد من الدمار والحروب والموت والفقر والتشريد، والأكثر تأكيداً أن ترامب ونتنياهو أرادوا فرض معادلات جديدة في طريقهم لاعلان افتتاح السفارة الأمريكية في القدس مرة أخرى والانقلاب على القوانين الدولية واضعاف القضية الفلسطينية في زحمة الفوضى القادمة.
وسوم: العدد 772