مسيراتُ " العودة الكبرى " إبداعٌ فلسطينيٌّ آخر
يرى المراقبون أنّ الطابع السلمي لمسيرات ( العودة الكبرى و كسر الحصار )، التي انطلقت في قطاع غزة، صباح يوم الجمعة: 30/ 3، نحو السياج الفاصل بين القطاع وإسرائيل، تلبية لدعوة وجهتها الفصائل الفلسطينية، بمناسبة الذكرى الـ (42 ) لـ ( يوم الأرض )، باتت كابوسًا مؤرِّقًا لإسرائيل؛ و ذلك نظرًا لكونها ( شعبية، و سلمية )، و ذلك ما ينزع الذرائع من إسرائيل لاستخدام الأسلحة ضد المتظاهرين الفلسطينيين، و يفوِّت الفرصة على حكومة الصقور الذي يقودهم نتنياهو.
فبحسب وكالات الأنباء فقد انطلق الآلاف من الفلسطينيين، باتجاه عدة مواقع، شمال و وسط وجنوب القطاع، تم تحديدها من قبل اللجنة المنظمة للمسيرات، و تبعد (700 ) متر عن السياج الفاصل، كما تم نصب خيام، و توفير مرافق بغرض الاعتصام في تلك الأماكن، أطلق عليها ( مخيمات العودة ).
و قال ناشطون فلسطينيون إنها ستكون بداية العودة للأراضي التي هُجّروا منها عام 1948، كما علّق بعض المشاركين في المسيرات لافتات على الخيام التي يقيمون بداخلها، تحمل اسم البلدة أو القرية التي هُجّروا منها آنذاك.
و قد خصص المنظمون للمسيرات حافلات تقلّ المواطنين إلى الحدود الشرقية لقطاع غزة بشكل مجاني، وبدأت ( الهيئة الوطنية العُليا لمسيرات العودة وكسر الحصار )، التحضير لهذه الفعاليات منذ مدة، قبيل حلول هذه الذكرى السنوية، التي تعود أحداثها لعام 1976، عقب إقدام السلطات الإسرائيلية، على مصادرة أراضي من السكان العرب الفلسطينيين في الجليل (شمال فلسطين)، ما فجر مواجهات قُتل خلالها (6 ) فلسطينيين وأصيب واعتقل المئات حينها.
و قد أشاد المراقبون بإبداع الفصائل الفلسطينية في غزة في تنظيم و الإشراف على هذه الفعاليات، في المناطق الحدودية بين قطاع غزة وإسرائيل، و هو أكثر ما يُقلق و يزعج الجيش الإسرائيلي.
و على الرغم من ذلك فقد أقدم الجيش الإسرائيلي على استخدام القوة بحق هؤلاء المتظاهرين السلميين طيلة الأسابيع الفائتة، و قتل منهم في يوم الاثنين فقط: 14/ 5 ما يزيد على الستين، و جرح أكثر من 2000، التي تزامنت تحركاتهم مع احتجاجات أخرى على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة ذلك اليوم.
و يذكر للجهات القائمة على هذه المسيرات حرصها على التحكم وضبط مسارها، كي لا تخرج عن إطار طابعها السلمي، على الرغم من توالي قوافل الشهداء و الجرحى يوميًا، لدرجة أنها طالت نجلي الرنتيسي، و هنية، اللذين سقطا شهيدين في مواجهات يوم الاثنين.
يرى هؤلاء المراقبون أنّ فرص نجاح تلك المسيرات، في حشد التضامن العالمي مع الفلسطينيين في التأكيد على حقوقهم، ولاسيّما ( حق العودة )، مثلما ستلفت أنظار العالم إلى الحصار المفروض على قطاع غزة، منذ ( 12) عامًا، و تشارك فيه دول الجوار العربية، و هو ما أحرجها و جعل مصر تبادر على فتح المعبر مع غزة طيلة شهر رمضان، في أطول مدة منذ انقلاب السيسي.
و يروون أنّ نجاحها في تحقيق أهدافها، وتوجّه الفلسطينيين نحو تطويرها و اعتمادها كبرنامج وطني، بعد تبدُّل قواعد الاشتباك مع العدو الإسرائيليّ عبر المقاومة الشعبية السلمية، أكثر ما يقلق إسرائيل ويدفعها لمنعها، باعتبارها إبداعًا فلسطينيًّا لم يكن في الذهنية الإسرائيلية المتحفزة للعسكرة في تعاملها مع الفلسطينيين، باعتبار أنّ قطاع غزة ( حسبما شاع ) لا يملك إمكانيات المواجهة المباشرة إلا من خلال المقاومة العسكرية.
ناهيك عن أن تلك المسيرات ستساهم في تحريك الوضع الداخلي المأزوم بسبب الحصار، و تعطّل مساعي المصالحة الداخلية، باتجاه تحديد وجهة الغضب الفلسطيني نحو إسرائيل، و ليس مصر كما كان يُعتقد.
و بالتالي فهي ستطمئن مصر بأن الغزاويين لا ينوون التوسع جنوبًا نحوها، بل يريدون العودة شمالًا وشرقًا نحو أراضيهم التي هُجّروا منها، وهذا ما يزعج إسرائيل، و يجعلها في وضع غير مريح.
وسوم: العدد 773