أي مجتمع هذا الذي يقود فيه مجنون أومعتوه مئات الأشخاص الأسوياء
أي مجتمع هذا الذي يقود فيه مجنون أومعتوه مئات الأشخاص الأسوياء غرهم الطمع في الحصول على كنز لا وجود له إلا في خيال هذا المجنون أوالمعتوه ؟
تداولت مؤخرا المنابر الإعلامية الورقية والرقمية على حد سواء ما سمي واقعة " كنز جبل سرغينة " حيث استطاع رجل مجنون أو معتوه التأثير في المئات من سكان المنطقة ، فساقهم إلى جبل زعم أن فيه كنز يغنيهم جميعا ، فغرهم الطمع، وأسال لعابهم ،فهبوا إلى حيث ساقهم مجنون كما تساق القطعان ، وقد عطلوا عقولهم، وحولهم الطمع في الحصول على الكنز إلى معتوهين . ولا ينساق وراء مجنون أو معتوه إلا مجنون أو معتوه مثله .
ومن المؤسف جدا أن يوجد في القرن الواحد والعشرين في العالم مثل هؤلاء الذين ينساقون وراء أحمق، ويكون الدافع وراء انسياقهم هو الطمع الذي يشبه بالطاعون، ذلك أن الطمع يهلك الطماعين كما يهلك الطاعون المطعونين . ويعتبر هذا الحادث مؤشرا على استفحال أمر الجهل في بلادنا ، وسيادة العقلية الخرافية المتأثرة بالأحاجي الشعبية التي كان الناس في زمن قد مضى يتسلون بها فقط لقتل الوقت والسمر ،وهم على يقين بأنها مجرد خيال وأوهام .
وليس مجنون كنز جبل سرغينة الوحيد الذي استطاع أن يسوق مثل هذا الجمع الغفير من الناس، بل هناك كثير من أمثاله وإن كانوا غير مجانين أو معتوهين ، ولكنهم أشباه متعلمين أو حتى أميون يتقدمون للانتخابات البرلمانية ،فينساق الناس وراءهم ويصوتون عليهم ، فيسوقهم هؤلاء سوق القطعان، ويكون وراء ذلك الانسياق طمع كطمع سكان منطقة جبل سرغينة . وإذا كان سكان هذه المنطقة قد أغراهم كنز ، فإن الذين يصوتون على من ليسوا أهلا لولوج قبة البرلمان قد تغري بعضهم ورقة مالية زرقاء من فئة 200درهم أو أقل من ذلك ، ويكون مصيرهم تعريض أنفسهم لسخرية الساخرين كما سخر الرأي العام الوطني من الطامعين في كنز الجبل .
والمؤسف حقا أن الذين يساقون سوق قطعان الماشية يشكلون أغلبية تمكن أشباه المتعلمين والأميين من الوصول إلى المؤسسة التشريعية التي تشرع للأمة ، وأي مجتمع هذا الذي يشرع له أمثال هؤلاء ؟ وأي مجتمع هذا الذي يقود فيه مجنون أو معتوه عقلاء عطل الطمع عقولهم ؟
وسوم: العدد 776