الصراع مصيري ، في تركيا ، بين : قادة البناء ، وقادة الهدم ، ومعهم حزب السعادة !

قلوب المسلمين المخلصين، في العالم ، التفّت حول أربيكان ، حين كان يحمل مشروعه الإسلامي ، وسط زوابع الفساد والإلحاد ، والإجرام والتخريب ، في تركيا !

وقد عاني أربيكان ، يرحمه الله ، من ظلم عظيم ، وتآمر بشع ، في دولته ، التي كان يهيمن عليها أذناب الاستعمار، وعبيد الشهوات ، الذين كانوا له بالمرصاد : كلما تقدّم خطوة ، في سبيل الوصول ، إلى السلطة ، عبر ديموقراطيتهم الزائفة ، دبّروا له  مكيدة عسكرية ، عبر انقلاب ، أومكيدة دستورية ، عبر حلّ الحزب ، بتهمة ملفقة ( مناهضة العلمانية) !

حتى حين استلم السلطة ، حلّوا حزبه ، وصادروا ممتلكاته ، بحجّة : معاداة العلمانية !

أخفق منهج البروفيسور أربيكان ، في السعي إلى الحكم الإسلامي ؛ لا لعجز منه ، ولا لنقص إخلاصٍ فيه ؛ بل : لأنه طبّق القاعدة المأثورة ( مَن تعجّلَ الشيءَ ، قبل أوانِه، عُوقب بحرمانه!  (والأوان : هو الظرف المناسب ، في الزمان والمكان ، والأشخاص والعلاقات ، والقوى والمصالح) ! إنّه يريد حكماً إسلامياً ، في دولة ، حكمتها قوى العلمانية والإلحاد ، قرابة ثمانين عاماً ، وتساندها قوى هائلة ، خارج البلاد وداخلها !

وجاء تلميذه النجيب أردوغان، وقد عرف أبعاد الواقع ، الذي يحكمه، فنحّى الشعار، وعمل بمضمونه ، فنقل تركيا ، نقلة هائلة ، وحقق لها ، مالم يستطع أحد تحقيقه ، في تاريخ تركيا الحديث ! وما زال يحمل شعار العلمانية ، حتى يصنع الظرف المناسب: (الأوان) !

فماذا يريد خلفاء أربيكان ، في قيادة حزب السعادة ، اليوم !؟

وما الذي يتوقعونه ، لتركيا ، ولأمّة الإسلام ، اليوم ، ممّا عجز عنه ، أردوغان وحزبه !؟

وما الذي يحلمون ، بالحصول عليه ، مِن تحالفهم ، مع قوى العلمانية ، التي خبروها جيّداً ، والتي كانت السبب ، في إخفاقهم ،عبر عشرات السنين !؟

وما الذي سيربحونه ، من معادة أردوغان وحزبه !؟

وما الذي يظنون ، أن الملاحدة والعلمانيين ، سيمكّنونهم ، من السيطرة عليه ، من مقدّرات تركيا ومؤسّساتها ، فيما لو فاز هؤلاء ، على أردوغان وحزبه ، في الانتخابات !؟

وما الذي سيبقى لهم ، من حبّ مسلمي تركيا ، ومسلمي العالم ، وتعاطفهم ، فيما لو أخفق أردوغان ، في الانتخابات ، أو فاز فيها .. حين يرى الناس ، جمبعاً ، تآمرهم مع عبيد الغرب وأذنابه وعملائه  !؟

وإذا أسقَطَت القيادةُ الحالية ، لحزب السعادة ، حزبَها : خُلقياً ، بعدما أسقطته شعبياً، فما ذا ستكون نظرة الشعب التركي ، إليها ، بمن في ذلك العلمانيون ، الذين تتحالف معهم ، ضدّ أخيها : في الإسلام ، وشريكها في السعي ، الى نقل بلادهم وشعبهم ، إلى مستوى الحلم المشترك ، الذي حلموه ، معاً !؟

 وإذا أعمى الحقدُ ، أو الحسدُ ، أو الأنانية ، أو حبّ  الغلبة ، أبصارَ قيادة حزب السعادة وبصائرهم ،عمّا ينتظرهم وحزبهم ، من البلاء - إذا عادت العلمانية الحاقدة ، إلى حكم تركيا- .. إذا حلّ هذا العمي ، في الأبصار والبصائر، أليس في العالم الإسلامي ، كلّه ، مَن ينصح هؤلاء ، ويبصّرهم بالمآلات البشعة ، التي سيصيرون إليها ، حزباً ومؤسّسات وأفراداً ، من جرّاء هذا العمى المُهلك ، وهم يرون ، الآن، ماتنفثه أفاعي الغرب ، من أحقاد مسمومة ، ضدّ الإسلام ، وأهله ، جميعاً ، وكلّ من يؤمن به ، ويسعى إلى نصرته !؟

ليس الصراع ، اليوم ، مجرّد صراع سياسي ، بين خصوم ، يناور بعضُهم ضدّ بعض ، لتحقيق مكاسب سياسية محلّية ، صغيرة أو كبيرة.. بل هو صراع مصيري، قاسٍ ورهيب ، بين الأمّة وأعدائها، ولا بدّ ، فيه ، من حساب دقيق ، لكلّ خطوة ، يخطوها المرء، لمعرفة ما يفيد الأمّة ، وما يضرّها ، في الحال والمآل !

وسبحان القائل : فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوبُ التي في الصدور! 

وسوم: العدد 777