حمار يوسف وجزرته، مهرجان الدستور آخر جزرة في ماراثون وأد الثورة
درس في السياسة ما زلت أحفظه من كتاب القراءة في الصف الثاني الابتدائي 1956. حكاية حمار يوسف وجزرته ، والذي يلازمني منذ عامين في تمثل حال بعض الناس الكئيب.
ولأبناء جيلي الذين نسوا الدرس ، ولغيرهم الذين لم يدرسوه ، ألخصه بكلمات معدودات : حرن حمار يوسف في الطريق ، فعمد يوسف إلى جزرة علقها على رأس عصاه ، ووضعها أمام رأس الحمار ، فرح الحمار بالجزرة وفك حرانه ، وانطلق يسعى إلى الجزرة بكل جهده ، وظلت الجزرة تسعى أمامه ، ويوسف الممسك بطرف العصا فرح بإنجازه وإنجاز حماره المجد النشيط.. انتهت الحكاية وأظنها لا تحتاج إلى جهد لتوزيع الأدوار ، وإنما قد نحتاج إلى بعض التفصيل في الحديث عن الجزرة وليس عن يوسف ولا عن ...
وجزرة يوسف في المشهد السوري تغيرت وتبدلت وتطورت كما في دارون والطفرات المرتكسة، وتقمصت كما في عقيدة أصحاب المساليخ ، وانمسخت كما في كافكا وغريغور موظف شركة التأمين التعيس .
وكانت مرة جزرة حقيقية ، وكانت أخرى بلاستيكية لمجرد التسكين ، وتحولت مرات إلى فجلة ، أو إلى مجرد باقة من برسيم . كانت في بعض المحطات، مسكنا أو كما يقول المجربون شحطات ( ماريجونا ) تريح الأعصاب ، وترتقي بالنفوس الظمأى إلى السلطة إلى أجمل ما يحلمون . تمظهرت مرة في مصافحة وزير ، وأخرى في ثرثرة مع سفير ، وثالثة في جلسة مع أمير ورابعة وخامسة في متوالية (( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ.. ))
جزرة يوسف الماكر الممدودة أمام مخيال بعض السوريين تجلت لبعض الوقت كإنجاز ، في كل فقرة إيجابية تحقق مصلحة للثورة السورية في قرارات مجلس الأمن . كل كلمة لامعة كانت جزرة ، يعقد عليها البعض أصابعهم إذا عدوا ، ويتباهون إذا مدوا ، ثم في شمس الحقيقة تبينوا أنه قد بطُل ما أنجزوا وينجزون ..
- مقررات (جنيف اثنين) :
- ومعطياته ، وما كتب فيه وعنه يبلغ طوامير، كان الإيجابي فيها مجرد جزرة ..اقتضتها حالة الفوران التي يعيشها الشعب السوري ، ثم همدت الفورة ، وذهبت السكرة ، ووجد من انتشى وأثقل نفسه على الرصيف ..
- وهيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات :
- العنوان الضخم الفخم ، أو ديناصور الحل السوري المنقرض مثّل قبل انقراضه صورة للجزرة التي لهث وراءها صديق يوسف المسكين . .
" الحل السياسي "
وما أدراك ما الحل السياسي ؟! ثم ما أدرك ما الحل السياسي ؟!
الحل السياسي الذي تخط حروفه وبنوده طائرات بوتين وميليشيات الولي الفقيه كان وما زال " جزرة ." .وما زال صاحب يوسف المسكين ، والمسكنة وصف للمضاف وليس للمضاف إليه يلهث ويلهث..
وعلى طريق الجزرات المحببة التي شط لها لعاب الكثيرين..كانت:
آستانة الجميلة وأجمل ما فيها :
جزرة ( خفض التصعيد ) استنكرنا يوما أن تكون حلب ثمنا لخفض التصعيد ، لنكتشف فيما بعد أن حلب كانت فقط هي العربون، وأن جزرات خفض التصعيد من شمع بوتين بدأت تذوب تحت حراراة القذائف الروسية حيث علمنا وحيث سنعلم وما يزال يوسف يمارس لعبته بنجاح على عاشق الجزرات المسكين ..!!
لغة التحدي ، ليست جميلة ، والإنسان لا يتحدى قومه ، وإنما يحاول بالتعبير الصارخ أن يوقظهم ، أن يرطم رؤوسهم بالحجر ، على ما تقول الحكاية الشعبية : أن المضبوع ، الذي رشه الضبع ببعض بوله فاستدرجه واستتبعه ، يحتاج أن يرتطم رأسه بحجر وأن يسيل دمه حتى يفيق ..
نقول لكل مؤسسات المعارضة ، ولكل قواها الحاطبين في حبال يوسف وعلى طريقته :اضربوا لنا مثلا واحدا عن انجاز لكم لم يكن جزرة ، لم يكن كلام ليل محاه الصبح بصدقيته..أعطونا إنجازا بحجم جناح بعوضة حققتموه منذ انطلقت رحلة اللهاث وراء حلم الجزرات الكذوب ..
ونقف اليوم أمام مخيال ما يسمى جزرة الدستور.. الدستوري السوري الذي سيكون روسيا بقوة ما تملك روسية على الأرض السورية من طائرات وقذائف وصواريخ ..
الدستور الروسي الذي يضمن للافروف أن يحقق وعده منذ شهر 3 / 2012 ، وأعيدوا قراءة التاريخ إن نسيتم، وابحثوا على الشبكة عن التصريح : لن نسمح لأهل السنة أن يحكموا سورية . وفي تصريح رديف : من الخطر على سورية وعلى المنطقة أن يحكم أهل السنة سورية . وعذرا على اللغة الطائفية ، فهي لغة ( لافروفكم راعي دستوركم ) العتيد .
الدستور الجزرة ويلهثون ...!!
وبعض الناس إذا أراد أن يجمل الدستور أنكر أنه ( روسي ) 100% فهو يصر أنه سوف يضع ترامب بصماته عليه ليكون جزرة دولية ..أبهى وأجمل ..وها هنا بيت القصيد
أيها المشاركون في ماراثون التنازلات ، أيها المرتحلون إلى حفل البصم على الدستور ، ضمنت لكم كل التجارب أنكم لن تزيدوا حرفا ، ولن تنقصوا حرفا ، على ما جفت عليه صحف بوتين ، فقد رفعت الأقلام من زمن بعيد.
إن وجودكم في مهرجان ( أجمل فيلم عن تحطيم الدول ووأد الثورات) ضروري لأن المهرجان بحاجة إلى مصفقات ومصفقين ..
ويقول بعضهم متحديا : نذهب فإن لم ...توسدنا في المطارات الحذاء. مع الاحترام للذين توسدوا الحذاء.
كلمات سمعناها وسمعناها وسمعناها حتى المرة السابعة والسبعين وسبعين ..
في الصف الثاني الابتدائي في كتاب القراءة سنة 195كانت قصة يوسف والحمار والجزرة ..
في الصف الثالث الابتدائي وفي كتاب القراءة الجميل سنة 1957 حكوا لنا حكاية الراعي الذي أكله الذئب ...
والذي ظل في كل مرة ينادي : ذئبٌ ...ذئبٌ يا رجال
وسوم: العدد 780