الظروف : مَن يصنعها ، ومَن يستغلّها ، ومن يحتجّ بها !

الظروف : يصنعها المبادرون ، لتحقيق أهدافهم .. ويحتجّ بها الفاشلون؛ لتسويغ عجزهم، والتنصّل من مسؤوليّاتهم !

أمّا الأذكياء الحازمون ، فعملهم مع الظروف ، هو استغلالها ، إذا صنعها غيرُهم ، لتنفيذ بعض مآربهم ! وإذا لم يجدوها ، ولم يستطيعوا صنعَها ، تحيّنوا الفرَص !

ماأكثر مايسمع الناس ، عن الظروف : (الظرف غير مناسب) .. (الظروف غيرمواتية) .. (الظروف صعبة) .. (الظروف لا تسمح لنا) ..!

ولو نظرالعاقل ، في هذه الجمل ومثيلاتها ، لأدرك ، بكلّ بساطة ، أنها صادرة ، من أناس عجَزة ، أو فاشلين ، أو خاملين ، أو جهلة ..!

قيل لإسكندر المقدوني : لن تتمكّن ، من فتح المدينة الفلانية ، حتى تحلّ هذه العقدة ، على باب المدينة ! فنظر في العقدة ، فرآها شديد التعقيد ، فسحب سيفه ، وشطرَها ، وفتحَ المدينة

رسول الله : خرج ، في غزوة تبوك (غزوة العُسرة) ، في يوم شديد الحرّ، وسار، مع جيشه، مسافات بعيدة ، للقاء جيش الرومان ، ولم يمنعه الحرّ، وبُعد المسافات ، من الخروج ، ولا احتجّ ، بظروف الحرّالشديد !

كان أتباع عليّ بن أبي طالب ، يحتجّون عليه ، بالحرّ، إذا دعاهم ، إلى القتال ، في الصيف.. ويحتجّون ، بالبرد ، إذا دعاهم ، إلى الحرب ، في الشتاء ! فخاطبهم ، قائلاً ، في خطبة طويلة رائعة : إذا كنتم تفرّون من الحرّ والقرّ، فأنتم - والله - من السيف أفرّ !

إيران : اليوم ، توظف كلّ ماتستطيع توظيفه ، لتحقيق أهدافها .. وأهمّ ماتوظفه : محبّة آل البيت الأطهار، لنشر مذهب التشيّع (الرفض) ، واستغلاله ، في تجنيد الشيعة العرب وغيرهم، لمقاتلة السنّة (النواصب!) ، بينما يحاصِرُ حكّام العرب ، دعاة المسلمين ، ويحاربونهم : بلقمةا العيش ، والزجّ بهم ، في السجون .. فيصنعون ، لعدوّهم ، بأيديهم ، الظروفَ ، التي تساعد هذا العدوّ، على قهرهم !

اليهود ، في فلسطين المحتلة : بثوا جواسيسهم ، في أغلب الدول العربية ، وفي مستويات مختلفة من المواقع ، بما فيها : المواقع العليا ، في الدول ! واستغلّوا علاقاتهم الوطيدة ، بأمريكا ، للضغط ، على عبيدها ووكلائها ، في مواقع صناعة القرارالعربي ؛ لتصبح دويلة إسرائيل ، المحتلّة لفلسطين ، دولة صديقة ، في نظر بعض الحكّام ، بعد أن كانت العدوّ الأوّل، للأمّة العربية ، كلّها ! بل ، بات بعض الحكّام ، يدعو، إلى التحالف معها ، ضدّ التمدّد الإيراني، في المنطقة ! وإيران تدرك هذا ، جيّداً ، وتستغلّه ، بدورها ، لإضعاف الدول العربية ، مالياً، عبر الابتزاز الأمريكي ، الذي يمارسه حكّام أمريكا ، على بعض الحكّام ؛ لحمايتهم من إيران، عبرَ لعبة شيطانية ، متفق عليها ، بين الأطراف الثلاثة : إسرائيل وإيران وأمريكا ، برغم العداء الظاهر، بين إيران ، وكلّ من أمريكا وإسرائيل ! والنتيجة: نزف مستمرّ، للطاقات العربية ، المالية ، وغيرها .. جرياً ، وراء وهم خادع ، بأنّ أمريكا ، تحمي العرب ، من إيران !

 بشار الأسد : بثّ (ضفادعه!) ، من الخونة والمنافقين ، للتجسّس على الفصائل المسلّحة ، المعارضة ، ولتخذيلها ، وإدخالها ، في لعبة المساومة، على تسليم أسلحتها ، والأراضي التي تسيطر عليها ، للروس (الضامنين!) الذين يفتكون ، بأهل سورية ، بطائراتهم وصواريخهم.. والنتيجة : انسحاب كثير من فصائل المعارضة المسلّحة ، من أراضيها ومدنها ، وإخلاؤها للمجرمين ، قتلة الشعب السوري !

ومن الطريف : أن ضفادع الأسد ، تزيّن ، للمقاتلين ، الانسحاب من مواقعهم ، وتسليمها للروس ، حُماة بشار، بحجة (الظروف الصعبة!) ، وبأن المقاتلين ، لا يستطيعون الثبات والمقاومة ، في مواجهة الروس والرافضة ، وجيش الأسد وميليشياته ! وينسحب المقاتلون، مع أهاليهم ، في أوضاع مخزية ،محزنة.. تاركين ، وراءهم ، كلّ شيء ! ليستغلّ الأسد وحلفاؤه ، مَن يبقى منهم ، ويوظّفه ، ضدّ أهل بلده : فيجنّد بعضَهم جواسيس ، وبعضَهم مقاتلين ، وبعضَهم مخذلين ، وبعضَهم عِبرة ، لمَن حولهم ، من الفصائل التي تأبى الاستسلام!

وبعضُ قادة الفصائل ، مازالوا يصدّقون هذه الحيلة الشيطانية ، ويحتجّون على الاستسلام، (بالظروف!) بعد أن ثبتوا سبع سنين ، وهم يكبّدون عدوّهم خسائر فادحة ، بالرجال والعتاد!    

 ولله في خلقه شؤون !

وسوم: العدد 781