لن تحظى الفعاليات الدينية في بلادنا بتوقير واحترام المجتمع ما لم تكن محل احترام الوزارة الوصية على الشأن الديني
مما يتميز به المجتمع المغربي أصالته المتميزة التي جعلته منذ الفتح الإسلامي شعبا يجمع بين التدين والمحافظة ، وقد صادف مجيء الإسلام استعدادا فطريا لديه جعله يحيط بالتوقير والقداسة كل ما له علاقة بهذا الدين، ذلك ألفاتحين الأوائل استقبلوا بحفاوة خلاف ما كان يستقبل به غيرهم ممن كانوا غزاة لا فاتحين، لأن الإسلام الذي حمله الفاتحون كرس الفطرة التي نشأ عليها هذا الشعب الأصيل والعريق الذي نشأ على توقير الدين وأهله التوقير الكبير، ولهذا تكثر في المغرب أضرحة أهل الدين من الأولياء الصالحين وذلك من فرط توقير هذا الشعب للدين ولأهله فكانوا دائما مقدسين ومحترمين أحياء وأمواتا . وكانوا يقضون في الناس ويقبل قضاؤهم ، وكانوا يستشارون فيعمل بما يشيرون ، وكانوا يشفعون فتقبل شفاعتهم ، وكانوا يتدخلون في الصلح بين المتنازعين فلا يتجاوز صلحهم أحد، وما كان أحد يطعن فيهم أو يشكك فيما يقولون أو يفعلون، كل ذلك محبة في الدين وتقديسا له وتوقيرا واحتراما ، وذلك حبا في الله عز وجل وفي رسوله صلى الله عليه وسلم .
ولم يعرف زمن من الأزمنة رفع التوقير والاحترام عن الدين وأهله كما عرفه في هذا الزمان بسبب تسرب الأفكار والتوجهات الرافضة للدين والتدين في بلادنا ، وذلك عبر عناصر حاملة لفيروس مناهضة الدين والمنبهرة بثقافات الغير، وفيها المشبوهون المستأجرون لتسويق هذا الفيروس الخبيث .
ولم يكن المجتمع المغربي أبدا يضع الفعاليات الدينية موضع الشك والريب كما هو الحال اليوم حتى صاروا مواضيع تندر وتنكيت ، ورفع عنهم الوقار والاحترام ،ذلك أنه لا يوجد وصف أو نعت مشين إلا ألصق بهم ، وصار ذلك مؤشرا على بداية فتور التدين لدى فئات في هذا المجتمع تحلم بتوسيع دائرة هذا الفتور لتشمل أكبر شريحة ممكنة لتحقيق ما يسمونه المجتمع المدني الذي يعني عندهم تحديدا مجتمعا بلا دين ولا تدين على غرار المجتمعات التي وقع الانبهار بها والتي تعيش في الحقيقة حالة إفلاس فظيع على مستوى القيم الأخلاقية لا يأبه به المستلبون عندنا لأنهم لا يميزون بين تقدم تكنولوجي معه إفلاس في القيم .
ووسيلة المنبهرين بالحضارة الغربية المفلسة في قيمها لتسويق نموذج حياتها في مجتمعنا هو هدم ثقة هذا المجتمع في دينه من خلال تصوير فعالياته من علماء ،ودعاة ،وأئمة ،وخطباء، ووعاظ ... تصويرا مشينا يجعل المجتمع ينفر منه نفورا، ويتقزز مما يوصفون به وما يفترى به عليهم .
كيف يمكن أن يثق المجتمع الذي تربى على توقير المتدينين، وهو في الحقيقة توقير للدين في بعض المحسوبين كرموز له حين تسوق عنهم وسائل الإعلام المختلفة الورقية والمصورة والرقمية أنهم أصحاب شهوات يغتصبون ، ويمارسون الفاحشة باسم الدين ؟ وتنشر لهم فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي ،وهم في سجال مع اللواتي يتهمنهم بذلك ، يدافعون عن أنفسهم، ولا أحد يثق فيهم ،بل الكل يثق في اللواتي يتهمنهم مع أن التزام الموضوعية والحياد والتجرد يقتضي أن يتهم الجميع، ولا يبرأ أحد حتى تثبت براءته إذا كانت قاعدة الإنسان بريء حتى تتثبت إدانته لم تعد سارية المفعول في هذا الزمان.
ولقد صار مجتمعنا اليوم يسارع بتصديق المدعيات أنهن ضحايا الاستغلال الجنسي أوالاغتصاب دون تريث أو تبيّن خصوصا حين يكون المتهمون بذلك محسوبين على الدين بحيث لا يخطر على بال أحد أن يتساءل كيف تمر مدد طويلة على هذا الاستغلال أو هذا الاغتصاب حتى يقع الحمل أحيانا ولا يبلغ عن ذلك إلا بعد تراخي الزمن ؟ فإذا صحت أخبار هذا الذي يسمى استغلالا جنسيا أو اغتصابا فما المانع في أن يقال إن الأمر يتعلق بزنى أو فساد والذي صار يطلق عليه العلاقة الجنسية الرضائية، وهو ما يعني الإصرار على فاحشة الزنا من جميع الأطراف ثم يصير في الأمر بعد ذلك مشتكيات وضحايا وقد قضين وطرهن كما قضاه شركاؤهن في الجرم .
ولقد صار اتهام المتدينين بالاعتداء الجنسي أو الاستغلال الجنسي أو الاغتصاب هو الوسيلة الأفضل المستعملة للنيل من سمعتهم،، ومن مكانتهم الدينية في المجتمع ومن ثم وسيلة للنيل من الدين بفقد الثقة فيمن يحسبون عليه .
ومع أنه لا براءة لأحد مهما كان من الوقوع في الانحراف والفساد خصوصا عندما يتعلق الأمر بأشد الغرائز إلحاحا على النفس البشرية ، فإن المثير للانتباه أن فئة المحسوبين على الدين والتدين أكثر الفئات استهدافا بالاتهام بالفساد خصوصا عند فئات بعينها تحمل ما يسمى بمشروع المجتمع المدني الذي يقصي الدين من الحياة. وتهدف هذه الفئات إلى زعزعة ثقة عموم الناس العاديين في كل ما له أو من له صلة بالدين، لأن هؤلاء تربوا في هذا المجتمع على الثقة فيه وفي أهله واحترامهم إلى درجة التزكية والتقديس .
ومع أن المحسوبين على الدين الذين أثيرت حولهم قضايا فساد أخلاقي إذا ما صح الاتهام يعدون على أقل من أصابع اليد إلا أن المستهدفين للدين يميلون إلى تعميم ذلك على كل المتدينين دون استثناء ليلقى في روع عموم الناس أن التدين عبارة عن وهم ،ولا يمكن أن يتحقق معه الطهر والبراءة والاستقامة ما دام بعض المتدينين ينحدرون إلى حضيض الفساد والانحراف ، ومن ثم عليهم يقاس كل المتدينين .
ومع تعرض الفعاليات الدينية في مجتمعنا للطعن والهمز واللمز من طرف فئات الرافضين للحياة في ظل الدين ، وهي تسعى جاهدة لإقناع المجتمع بذلك، ولا يكاد منبر إعلامي يخلو يوميا من هذا الطعن ، فإن الوزارة الوصية على الشأن الدين تكرس الرؤية الدونية للفعاليات الدينية ، وتساهم في تجاسر المجتمع عليهم من خلال معاملتهم معاملة لا تليق بمن يشتغل بالدين علماء، ودعاة، وخطباء، ووعاظ ،وأئمة بحيث لا يحظى هؤلاء بالاحترام والتقدير الواجبين من طرف أجهزة الوزارة الوصية المتمثلة في من يشتغل قي مجالسها العلمية أومندوبياتها والتي لا تفوتها الفرص للنيل منهم بشكل أو بآخر، ولا تلمس لدى من يعتبرون موظفين رسميين في تلك الأجهزة غيرة عليهم ،وهم يمارسون عليهم نوعا من الوصاية، والتحكم ،والرقابة ،وسوء المعاملة التي يطبعها الاحتقار، والازدراء ،والسخرية ، والوشاية الكاذبة والمغرضة ،والكيد الظاهر والباطن ، و بعض ما أربأ بنفسي أن أفصل القول فيه احتراما للقراء الكرام مما يرويه بعض ضحايا تلك المعاملات الشاذة التي يمارسها موظفون أو أشباه موظفين في وزارة وصية على الشأن الديني كان من المفروض فيهم الورع والتقوى وحسن الخلق .
ومن هؤلاء الموظفين وأشباه الموظفين في هذه الوزارة من لا شغل لهم سوى التجسس والنميمة والوشاية والتحريض على الفعاليات الدينية حتى اشتهر بعضهم بها ، وصاروا مذمومين لا يذكرون على ألسنة الفعاليات الدينية المختلفة إلا ولعنوا ،ونالوا من الدعاء عليهم ما يورثهم سوء عاقبة العاجل والآجل . والغريب أنهم يعرفون أنهم من الممقوتين والمقبوحين عند تلك الفعاليات ، ولكنهم يتمادون في شرورهم ، ويحسبون أنهم على صواب، بل يفتخرون بأنهم يسيئون معاملة تلك الفعاليات الدينية متعمدين ، مصرين على ذلك ، ويحدثون به في مجالسهم إذا ما خلوا إلى شياطينهم ويفخرون به وعنادا ومكابرة .
ولهذا لا يمكن أن تحظى الفعاليات الدينية بالاحترام والتقدير إذا كانت الوزارة الوصية على الشأن الديني لا تبدي تجاههم قدرالاحترام والتقدير الواجبين من خلال الممارسات الشاذة لبعض موظفيها أو أشباه الموظفين في مجالسها العلمية أوالمندوبيات . وليكن في علم المسؤولين فيها على اختلاف مراكزهم ومهامهم أن هيبتها من هيبة الفاعلين الدينيين ، ذلك أنها منهم تقتبس هيبتها ومصداقيتها ، فلهذا عليها أن تراجع تعاملها معهم ، وألا تقف في خندق واحد مع الرافضين للتدين في مجتمع شعبه متدين ومحافظ وأصيل ، ومن توقيره للدين يوقر أهله .
وأخيرا أتوجه إلى الفعاليات الدينية على اختلاف أصنافهم وأنصحهم بألا يرضوا بالدنية في دينهم ، وألا يسمحوا لأحد مهما كان باقتحام حمى وقارهم بقول أو فعل أو بمجرد إشارة أو إيماء فيها ما يشي بعدم احترامهم وتوقيرهم .
وسأسخر من الآن فصاعدا قلمي للدفاع عن سمعة أهل الدين وحماة العقيدة كما كنت دائما من تجاسر المتجاسرين، وأفضحهم وأشهر بأقوالهم وأفعالهم تشهيرا لردعهم عن ارتكاب أينوع من أنواع الإساءة إليهم مهما كان نوعها أومصدرها
وسوم: العدد 782