الفردُ أوّلاً : سلطةً.. ومسؤوليةً.. ومحاسَبة !
عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما ، عن النبي ( صلى الله عليه وسلم )قال: (أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُ.. أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) [متفق عليه].
وفي الحديث الشريف : ( إذا كنتم ثلاثة ، فأمّروا أحدَكم ) !
وفي تجارب البشر، عبر القرون ، حَكمَ الدولَ والقبائلَ والأحزابَ ، أفرادٌ لهم سلطات معيّنة ، يحاسَبون على أساسها ! وبقدر ماتكون السلطة ، تكون المسؤولية، وتكون المحاسبة ؛ فلا سلطة بلا مسؤولية ، ولا مسؤولية بلا سلطة !
وحتى في الدول ، ذات الحكم (الأوليغاركي / الأوليغارشي) أيْ : حكم المجموعة، كالدول التي حكمها الحزب الشيوعي ، كانت المجموعة تختار فرداً منها ، ليقودها، ويحكم البلاد ، من خلالها ، عبر الحزب ! وكان الرئيس ، الذي يسمّى : الأمين العامّ للحزب ، يستحوذ على السلطات كلّها ، ويهمّش الآخرين ، بحكم الواقع !
وبحكم الواقع ، أيضاً ، لايمكن محاسبة قيادة جماعية ، على قرار صنعته ، معاً ، بالتصويت ، إلاّ بصورة جماعية ؛ فيحاسَب مَن وافق على القرار، ومَن عارضه ، بشكل متساوٍ ، فيؤخذ المصيب ، بذنب المخطئ ! أمّا إذا كان على رأس الجميع ، قائد فرد ، مخوّل بمحاسبة مرؤوسيه ؛ فإنه يحاسِب كلاّ، على خطئه أوتقصيره ، منفرداً، وإلاّ يُعَدّ القائد ، نفسُه ، مسؤولاً عن خطأ مرؤوسه ، وبالتالي ؛ سيجد نفسه ، مندفعاً إلى محاسبة المرؤوس ، كيلا يحاسَب هو، مِن قِبل الجهة ، التي عيّنته في موقعه !
ونظرة واحدة ، إلى الحديث الشريف ، في بداية هذه السطور، تبيّن لنا ، بشكل لايقبل اللبس ، ارتباط الرعاية الفردية ، بالمسوولية الفردية !
وهاهم أولاء ، قادة العمل السياسي ، وقادة العمل الميداني ، في الثورة السورية : كلّهم يحملون ، مسؤولية ما آلت إليه الثورة ، لكن ، أيّهم مسؤول ، بشخصه ، عن كلّ ماآلت إليه؟ إنهم يتقاذفون التهمَ ، فيما بينهم، وكلّ يحاول تبرئة نفسه ، واتّهام غيره!
وسبحان القائل : ومَن يؤتَ الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً !
وسوم: العدد 782