السياسة الشرعية : بين المبادرة التلقائية ، وحساب الواقع ، وسد الذرائع !
لانعرف عاقلاً ، يتصرّف ، أو يتخذ قراراً ، بصورة اعتباطية ، دون حساب – ولو في الحدّ الأدنى- لنتائج تصرّفه ، أو قراره ! وقبل التفكير في النتائج – سيّئة أو حَسنة ، للحال والمآل - يأتي التفكير في الهدف : – خاصّاً ، أو عامّاً .. ممكن التحقيق ، أم مستحيلاً ، أم صعباً ، أم صعباً جدّاً - !
على مستوى الواقع : الموازنة ، بين المصالح والمفاسد :
المبادرة التلقائية ، الاعتباطية ، سواءأجاءت بفعل، أم بردّة فعل، دون تفكير، بالعواقب والنتائج، ولو في الحدّ الأدنى .. هي عبث ، فيما يخصّ عقلاء البشر! أمّا المجانين ، فلا يُنظر، إلى أقوالهم وأفعالهم – أصلاً- نظرة جادّة ، في إطار السياسة الشرعية ، أوفي غيرها !
فالعاقل يَنظر، في كلمته ، قبل أن يقولها ، أهي : طيّبة ، أم خبيثة .. نافعة ، ام ضارّة ، في الحال والمآل .. تُسجّل في سجل حسناته ، أم تلقي به ، في جهنّم ، سبعين خريفاً !
ويَنظر، في أفعاله ونتائجها ، للحال والمآل ، ومدى النفع والضرر ، فيها ، لنفسه ولغيره !
قادةُ الجيوش الإسلامية ، في عهد الخلفاء الراشدين ، أوقفوا تطبيق الحدود ، على السارق ، وشارب الخمر؛ كيلا يخسروا قوّة المحارب ، أو مخافة أن يهرب ، إلى عدوّهم ؛ فيضعف شوكة جيشهم !
عمر بن عبد العزيز: لم يطبّق الأحكام ، التي كانت واجبة التطبيق ، جُملةً واحدة ، بل تدرّج ، في تطبيقها ، كيلا يَحمل الناس ، على الِإسلام ، جُملة ، فيتركوه جملة ، كما ورد عنه !
على مستوى سدّ الذرائع :
قال ربّنا ، عزّ وجلّ :
((ولا تسبّوا الذين يَدعون مِن دونِ الله فيَسبّوا اللهَ عدواً بغير عِلم كذلك زيّنّا لكلّ أمّة عملَهم ثمّ إلى ربّهم مَرجعُهم فينبّئهم بما كانوا يعملون )) !
امتنع النبيّ ، عن قتل المنافقين ؛ كيلا يقول الناس : إنّ محمّداً يقتل أصحابَه !
امتنع النبيّ ، عن إعادة بناء البيت ، على مابناه إبراهيم،لأن قريشاً، كانت قريبة عهد، بالجاهلية، ويمكن أن تقول عنه ، أشياء غير صحيحة !
فالإسلام دين الحكمة ، كماهو دين الرحمة.. وربّنا يقول: ومَن يؤتَ الحكمة فقد أوتيَ خيراً كثيراً.
وسوم: العدد 783