وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، والحديث عن قهر الرجال متعدد الأبعاد
فأما القهر فهو ما يملأ قلوب الكثيرين من أبناء هذه الأمة الذين يروعهم ما آلِ إليها أمرها من عجز وكسل يورث الكثير من الهم والحزن الذي يتولد عنه الشعور الضاغط الذي يسير بصاحبه إلى إحدى الحافتين : حافة الشعور بالانمحاق والتضاؤل والتلاشي والانمساخ أو حافة الشعور بالغليان والفوران ومن ثم الانتفاخ حتى الانفجار .
ذاك هو القهر في كلا بعديه وأحيانا يتناوب على الإنسان فيصعقه مرة حتى يمحقه ، ويتعاظمه أخرى حتى تكاد تخرج عيناه من مقلتيه .
والنَّاس وليس الرجال فقط ليسوا سواء فيما ينزل بهم فبعض الناس يضعف شعورهم ويتبلد إحساسهم فتراهم ينظرون إلى الجبل يقع بهم أو يكاد كذباب مر أمام أعين أحدهم فقال له بيده كذا ..
وأحيانا يفسرون لا مبالاتهم أو انعدام إحساسهم وبلادتهم بأنها ثقة وإيمان وطمأنينة ولو صدقوا لاقترن كل ذلك عندهم بعمل يكشف الغمة وينفس الكرب .أما ادعاء اليقين والثقة والإخلاد إلى الأرض فيشمله قول الرسول صلى الله عليه وسلم : والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني .
ثم نقول في التركيب الإضافي : قهر الرجال: فيه من حيث اللغة قولان ؛ فهو إما من إضافة المصدر إلى فاعله ، وإما من إضافته إلى مفعوله .
فعلى الأول يكون المعنى وأعوذ بك أن يقهرني الرجال . وإذا كان رسول الله قد تعوذ بالله من قهر الرجال ، فما هو حال من يقهره الصعاليك وحثالة الناس وسفلتهم وأوشابهم أو أوباشهم ؟!
وإما أن تكون الإضافة من إضافة المصدر إلى مفعوله ، ويكون المعنى وأعوذ بك ان أقهر قهر الرجال.لأن شعور الرجال بالقهر يختلف عن شعور سواهم من الذين ....لا يشعرون.
ولفظ الرجال هنا لا يحمل دلالة جنسية فليس المقصود بالحديث قهر الذكور وإنما المقصود قهر الأحرار من الرجال والنساء على السواء.
كل المصائب قد تمر على الفتى
فتهون غير شماتة الحساد
وأقول غير نهكة العرض والدين
لقوم يشعرون
وسوم: العدد 785