يوميات العطش (3)
قبل تسع سنين وعندما كان أهل المحمرة يعانون أشد المعاناة من تلوث مياه الشرب، سافر رئيس الجمهورية آنذاك محمود أحمدي نجاد إلى المحمرة ليعلن إكمال مشروع المياه الصالحة للشرب والاستثمار منه.
فأحضر المسؤولون خروفا وذبحوه ليباركوا هذا المشروع المهم في حضور الناس المجتمعة ومعظمهم كانوا من فقراء حي العبارة، وفي أجواء الروحانية المصطنعة والصلوات فتح أحدهم صنبورا وملأ منه كأسا وقدمه لنجاد ليشربه، فشربه نجاد وقال إنه لم يشرب في حياته أجود من هذا الماء قط!
وبعد أن أنهى التلفزيون الحكومي تصويره من الرئيس والمشروع المفبرك، حملوا الذبيحة في سيارتهم وغادروا المكان.
ولم ير أهل المحمرة الماء الصالح للشرب من ذلك المشروع رغم مضي ما يقارب العقد من الزمن من افتتاحه!
وقبل خمسة أيام ونحن نعاني أشد المعاناة من ماء البحر الأجاج، كنت أتسوق في سوق الصفا، وكان هناك صهريج ماء بحجم 200 لتر وضعه أهل السوق للمتسوقين لكسب الثواب؛ شربتْ منه امرأة كأسا وغسلت وجهها بكف لتخفف عن نفسها شدة الحرارة التي تفوق الخمسين درجة؛ فصاح بعض المتسوقین وأهل المحلات مستنكرين:
يا امرأة، يا خالة، يا زائرة، كيف تغسلين وجهك بالماء المخصص للشرب ونحن في قحط وجدب؟!
وسوم: العدد 788