قصصُ العُروج(108)
*شَظايا الشّيطان*
*أبواقُ الشيطان:*
إن الذين يقولون على الله ما لا يعلمون هم أبواقٌ للشيطان وإن تلفَعُّوا بثياب الملائكة، ومثلهم كمثل من يمارسون السُّوء والفحشاء، فقد قال تعالى عن الشيطان: *{إنّما يأمرُكم بالسُّوءِ والفَحْشاء وأنْ تقولوا على الله ما لا تعلمون}* [البقرة: 169]، وكم للشيطان من أبواق في زماننا، والغريب أن بعضهم ممن يَلبسون العمائم ويَعتلون المنابر ويتصدّون للفتاوى!
*الوعدُ والوعيد:*
من أخطر أساليب الشيطان الوعد والوعيد، حيث يَعد الناس بالمُحال ويُمنّيهم بالمستحيل، كما قال تعالى: *{يَعدُهم ويُمَنّيهم وما يَعدُهم الشيطانُ إلا غُرورا}*، ولكن أنّى لقصار النظر أن يفهموا ذلك؟!
وبالنسبة للوعيد فإنه يخوف المؤمنين من أمور كثيرة ومنها الفقر، كما قال تعالى: *{الشيطانُ يَعدِكُم الفقرَ ويأمرُكم بالفحشاء}*، ومنها اليأس والبطش، قال تعالى: *{إنّما ذلكم الشيطانُ يُخوّف أولياءَه فلا تخافوهم وخافوني إن كنتم مؤمنين}* [آل عمران: 175]، حيث يخوف المؤمنين من القيام بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويُخوّفهم من التّصدّي لأعباء الجهاد، مضخماً لقوة الأعداء، ومزيناً للمؤمنين السلبية والقعود.
وهناك شياطين من الإنس يقومون بهذا كله بكفاءة تتفوّق في بعض الأحيان على إبليس، عبر أجهزة إعلام ووسائل اتصالات متطورة، ومتسلّحة بخبرات علماء نفس واجتماع يوضحون لهم المداخل التي تُؤكل من خلالها أكتاف الناس.
*العزيمة بين الإنسان والشيطان:*
تُعد حياة آدم في الجنة منجماً ضخماً من العبَر والعظات، فقد أوضح القرآن أن سبب إقدام آدم على الأكل من الشجرة المنهي عنها هو ضعف الذاكرة وغياب العزيمة، قال تعالى: *{ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسيَ ولم نَجدْ له عزماً}*.
وفي المقابل فإن السلاح الأمضى لإبليس في إغواء بني آدم هو التصميم والإرادة، فقد قال لربه: *{فبِمَا أغويتني لأقعدنَّ لهم صراطَك المستقيم}*، وتتضح العزيمة القوية من:
- استخدام لام التوكيد.
- استخدام فعل القعود وهو يفيد الزمن الطويل بعكس الجلوس، ولذلك أُطلق على العجائز الطاعنات في السن مصطلح القواعد.
- حذف حرف الجر (على) من أمام كلمة (صراطك) وانتصابه بالفعل، مما يدل على الملازمة والديمومة وعدم المبارحة بتاتاً.
ومن المعلوم أنه لا يَفلّ الحديد إلا الحديد، ولا يمكن مواجهة هذه العزيمة الشيطانية إلا بإرادة آدمية تستقوي على التزيين، وتستعصي على الوساوس، وتنتصر على كافة محاولات الإغراء والإغواء.
وسوم: العدد 802