حرب المئة عام بين الربيع العربي والنظام العالمي الجديد

صحيح أن الشعوب العربية تلقي بأنفسها دون النظر للوراء مقابل إنتزاعها الحرية والكرامة من الأنظمة المستبدة، وصحيح أن الشارع العربي متعطش لإعادة سكة الدول إلى طريقها الرشيد، ولكن على الجانب الآخر، لا يبدو أن المشروع العالم الجديد يسير في ذات الرغبة، ولا يتقاطع مع ما تنشده الجماهير.

ليس عليكم سوى النظر إلى العقد الماضي الحديث الذي لم ينساه احدكم، لتشاهدوا كيف ضحت الشعوب بشبابها ورجالها وفتياتها مقابل التخلص من قيود الاستبداد، ومن ثم قارنوا بين التضحيات والنتائج، لتجدوا بمعادلة بسيطة أن الحرية والديمقراطية غالية جدا، ولكن رغم كل ذلك، لم يتغير في الواقع شيء إلى نحو الأسوأ.

وهذا ليس مرده للشعوب المتعطشة للحياة الكريمة، وإنما هي السياسة العالمية الجديدة، التي دعمت الثورات بمطلعها، ثم خنقتها في مدنها وبلداتها، بعد أن حولتها وحورتها إلى العديد من الأشكال لا يتواجد فيها المشروع الوطني المنشود.

ولقد أعاد المجتمع الدولي تعويم عمر البشير، على سبيل المثال،  وطي سجل إجرامه لدى محكمة الجنايات الدولية مقابل موافقته على انفصال جنوب السودان. وهذا الكلام كشف عنه وزير الخارجية الروسي منتصف عام 2017. ورغم قيامه بذلك استمر البشير بأداء دور الرئيس الذي يرفض التقسيم ويتهم أمريكا بالسعي وراءه. وفق ما قاله الباحث “عبد الوهاب بدرخان على حسابه الخاص في مواقع التواصل.

الأن بشار الأسد، مجرم حرب وهناك اتجاه دولي عام لإعادة تعويمه. ولا يعرف المقابل الذي سيكون من أجل طي سجل إجرامه، وهو نفسه الذي يزعم تمسكه بوحدة سوريا واتهام أمريكا والغرب بالسعي لتقسيم البلاد.

على ما يبدو فإن السياسة العالمية الجديد تبتغي نقل الوطن العربي إلى مشروع جديد مع دونها من انتهاء القرن الماضية، وأن هذه المرحلة هي الأخطر على العرب، فإما أن تنجح الشعوب في فرض رؤيتها، أو تدخل في غياهب النسيان لمئة عام قادمة.

وسوم: العدد 803