اختيار المرشّح للمنصب العامّ، واختيار مَن يعيّنه : بين الأخلاق والنتائج !
أن يَختار المرء ، حارساً خاصّاً ، لبيته .. أو حاجباً خاصّاً ، لمكتبه .. فهذا من حقّه ، الذي لا ينازعه ، فيه أحد ؛ فهو أدرى : بمصلحته ، وبالشخص المناسب ، لحفظها !
أمّا أن يَختار حارساً ، لبناية كبيرة ، فيها بيوت كثيرة .. أو حاجباً ، لدائرة ، فيها مكاتب عدّة؛ فهذا ليس من حقّه ، منفرداً ، ويجب أن يوافق ، على اختياره ، للحارس ، سكّان البناية .. وأن يوافق ، على اختياره ، للحاجب ، الموظفون الآخرون ، في دائرته ؛ فقد لايرى سكّان البناية ، أو بعضهم ، الحارسَ ، مناسباً لهم ! وقد يكون لكلّ منهم ، اختياره الخاصّ .. وقد لا يَرى موظفوالدائرة ، أوبعضُهم ، الحاجبَ ، مناسباً لهم ، وقد يكون لكلّ منهم ، تفضيلُه الخاصّ ! وفي هذه الأحوال ، سيكون من حقّ كلّ منهم ، رفض الشخص المعيّن ، حارساً أو حاجباً ، ويمارس كلّ منهم حقّه، في اختيار مَن يناسبه ؛ فيحصل التنازع ، بين سكاّن البناية، أو بين موظفي الدائرة !
فهل فرْضُ شخص ما، على مجموعة من الناس ، حارساً أو حاجباً؛ هل هو من حُسن الخلق؟ وهل يحقّ لشخص واحد ، أن ينصّب ، على الناس ، مالا يؤخذ رأيهم فيه ، إلاّ إذا كان وصيّاً عليهم !
هذا ، على مستوى حارس ، أو حاجب ! فكيف يكون الحال ، عند اختيار رجل ، لمنصب قيادي ، أو إداري ، ليخدم مصالح أشخاص قليلين، قبل المصالح العامّة ، التي وُضع المنصب لأجلها ؟ وكيف يتصوّر العاقل ، التنازع الذي يحصل ، بين أصحاب المصالح الفردية ، الخاصّة ، عند اختيار رجل ، لمنصب عامّ ، يقع تحت مسؤوليته ، ألوف الناس، وهو مكلّف، بحماية أنفسهم ، وأموالهم ، أمنياً.. وباختيار المواقف السياسية ، المناسبة لهم ، حاضراً ومستقبلاً !؟
وما ينطبق على المرشّح ، للمنصب القيادي ، ينطبق ، بالضرورة ، على اختيار الأشخاص، الذين يختارونه !
كان أحد المرشّحين الدائمين ، لمجلس النواب السوري ، في فترة ما ، من تاريخ سورية ، يشتري صوت الناخب ، بخمس ليرات سورية ، أو بحذاء ، ثمنه خمس ليرات ، يسمّى: (داسومة – تاسومة) ! وكان يحتفظ ، بفردة الداسومة ، ويعطي الناخب ، الفردة الأُخرى ! فإذا تأكّد ، من أنه انتخبه ، يعطيه الفردة الأُخرى ! وحين يصبح المرشّح ، عضواً في البرلمان، يبيع صوته ، لمن يدفع له ، أكثر من غيره ، عند انتخاب رئيس الجمهورية ، أو رئيس الوزراء ! وقد يكون الثمن : سيارة فخمة ، أو مزرعة .. أو تمرير صفقة ، من المخدّرات ، أو المهرّبات، التي كان يتاجر بها النائب المحترم !
وهكذا ، يعود الصوت ، الذي بيع ، بداسومة ، تُلبس بالرجل، ( ويسمّونها، في حلب ، صُرماية ) .. ليقع ، على رأس الناخب ، والشعب ، كلّه ، صفعاً ، بالصرامي !
وهكذا ، يكون بيع المصالح العامّة ، للوطن والشعب ، بمصالح شخصية هزيلة ، لأصحاب الأصوات الرخيصة ، المعبّرة عن نفوس رخيصة !
وسوم: العدد 804