عصا البشير و الثقب الأسود؟
بينما كانت الحكومات العربية تتهيأ للإحتفال بالقضاء على ثورات الربيع العربي، و تستعد لمكافأة نظام الأسد المجرم في إنتصاره على الثورة السورية أعتى و أقوى ثورات الربيع العربي.
الثورات التي هزت العروش، و خلعت أربعة من إخوانهم، بينما الأسد المجرم (البطل في نظرهم) هو الوحيد الذي صمد في وجه العاصفة، و هو الذي أنقذ نفسه أولاً، و أنقذهم من الهلاك ثانياً.
فأرسلت الأنظمة العربية رسولها، و لم يكن هناك مناسباً لهذه المهمة أكثر من البشير رئيس السودان لكي يطير بشيراً إلى بشار الأسد، يدعوه لكي يستعد و يتهيأ للإحتفال تحت قبة الجامعة العربية مع أشقائه و إخوانه، و يتوجوه بإكليل النصر على أعدائهم من الشعوب، و يعلقوا على صدره أوسمة النصر.
إلا أن السحر ينقلب على الساحر، ذهب البشير محملاً بالبشريات، إلا أنه يعود بالمنذرات، و أي نذر أكثر شؤماً عليهم من عودة إشتعال ثورات الربيع العربي من جديد، و كأن البشير حمل رائحة الثورة، و عاد بها إلى شعبه، كيف لا و تراب دمشق لا يزال رطباً بدماء عشرات الآلاف من الشهداء .
و ما أن عاد البشير الى أرض السودان حتى إندلعت التظاهرات و هبت الجموع و بشكل غير مسبوق بالقوة و العدد و المضمون، و هي تمتد و تشتعل أكثر يوماً بعد يوم.
و السؤال الذي يطرح نفسه:
هل سيكون السودان هو الثقب الأسود الذي سيحرج و يهدد الأنظمة العربية من جديد،و يلتهم الثورات المضادة، و يعود الربيع العربي هائجاً، بعد أن إطمأنوا إلى خمود ذلك الجحيم .
علماً أن الثورة السورية لا تزال مشتعلة ملتهبة رغم إنحسار مساحتها الجغرافية.
فالثورة لا تزال تحتفظ بساحتها البشرية – و هو الأهم - سواء في الشمال المحرر، أو الممتدة إلى دول الجوار، حيث الإحصاءات تؤكد وجود أكثر من (6) مليون لاجئ متوزعين بين تركيا و لبنان و الأردن و العراق، و رغم أنهم يعيشون ظروف حياتية قاسية جداً، إلا أنهم لا يزالون يفضلون الموت و الجوع و البرد، على أن يعودوا إلى أحضان نظام الأسد المجرم.
و الذي يبشر بالخير أكثر، وجود حالات تململ واضحة داخل مناطق النظام نتيجة سوء المعيشة التي باتت لا تقل قسوة عن ساكني المخيمات.
قد يرى بعض المراقبين أن الثورات المضادة إنتصرت، الحقيقة أن ثورات الربيع العربي إنحنت قليلا أمام عاصفة الثورات المضادة، لكن أعتقد أن ثورات الربيع العربي ستعود أكثر قوة، فالثورات المضادة لم تكن أكثر نجاحاً من الأنظمة الديكتاتورية المخلوعة.و عندما يحصل أي تغيير في الواقع أو الظروف، ستعود الثورات أكثرقوة من سابقاتها.
و من يدري لعل شرارة العودة تنطلق من السودان؟ّ!.
و يكون السودان الثقب الاسود، الغير متوقع أبداً، لكي يلتهم الثورات المضادة بلقمة واحدة؟.
و في الختام أقول :أرسلوا البشير لعله يشق لهم – بعصاه - وسط بحر دماء السوريين طريقاً يبسا، لكن من يدري لعل عصا البشير ستكون سببا في غرقهم و هلاكهم.
وسوم: العدد 807