بعد أن درس سالم مهارات التفكير " ومهارات حل المشاكل " يروي قصته
يقول:
أبي و أمي شبه منفصلين ورغم انهما يعيشان في بيت واحد ، فالشجارمستمر بينهما: يدخل أبي البيت بعد عمله مجهدًا ، فيجد امي مشغولة بإخوتي أو بإعداد الطعام أو بنظافة البيت ، فينزعج جدًا ويرفع الصوت بالعتاب، فتغضب أمي ، ويبدأ الصخب والسباب!
أنا في الجامعة ، أختي في الثانوية،لي إخوةفي المتوسط والابتدائي ،
نشاهد صخبهما ، فينقلب ألـمًـافي نفوسنا .
ثم تطور الأمر حتى طلق أبي أمي مرتين، وبقي طلقةأخيرة ، و أصبح أبي يتناول حبوب الاكتئاب ، ولا يحب الجلوس في البيت، واصبحت امي معظم الوقت متضايقة و متوترة.
وهنا وبعدان بدأت أمارس التفكير الناقد ، والتفكير الإبداعي، أحسست بمدى سلبيتي وعدم وجود أي أثر أو مشاركة لي في البيت،........
كنت أدرس ، آكل ، أشرب ، أنام ،وأخرج مع أصدقائي!
أختي كذلك ، وقدكنا نتصور أن المهمات والمسؤوليات تقع فقط على أبي و أمي ، أما نحن فلا .
وقد حركني تجاههما أمران درستهما: الأول اذا احسست بمشكلة حولك فلن تحلها حتى تحس بأنك جزءٌ
من المشكلة و الحل ، والثاني أنه لا شيء مستحيل .
هنا فكرت: لماذا أنتقد والدي و والدتي ولا أنتقد نفسي !
أين دوري ؟
ثم فكرت بأسباب المشكلة ، فوجدت من أبرزها ؛ أن هناك ضغطاً جسدياً ونفسياً على الوالدين ؛ فالأب يعمل في الصباح حتى قبيل العصر ؛ ثم يأتي مجهدًا فيتابع البيت و متطلباته ، ومتابعتنا تعليمياً و تربوياً ، إضافة إلى مهام الأسرة و الأقارب ..الخ
لاحظت أن أبي لديه ١٤ مهمة ، وأمي لديها مثلها في البيت ، وأنا وأختي لا نشارك إطلاقًا ، فوضعت خطة لتحمل أربع مهام من مهام والدي: المشتريات ،
متابعة دروس أخي الصغير ، القيام " بمشاوير " الوالدة ، إضافة الى إحداث جلسة للأسرة في بعض المغربيات، أديرها أنا وفيها سوالف وفوائد وطرائف .
أيضا أختي ناقشتها فاقتنعت بإعانة أمي ، فتقوم بأربع مسؤوليات: تقوم بالإشراف على سفرة الطعام تقديمًا وتنظيفًا ، وتعين في تنظيف البيت ، وتُشرف على نظافة أختي الصغيرة ، و تدرس أختي الصغيرة الأخرى .
بقينا ننفذ ذلك لمدة شهر ، فلاحظت تغيرًا واضحًا في نفسية الوالد ، وأمي هدأت أكثر ، ونحن بدأنا نحس بدورنا في البيت ، وغاب ٦٠ ٪ من المشكلة بعد ذلك طلب سالم واخته من أبيه وامه طلبا غريبا:
طلبا منهما ان يأخذا اجازة ويذهبا بمفردهما إلى مكان ما في بلدهما أو خارجها لمدة ثلاثة أيام وينسيا هموم البيت و الأسرة والأولاد ليستجمّا و يرتاحا ، ثم ليعودا أكثر نشاطًا.
في أول الأمر رفض الوالدان الفكرة واستغرباها، ولكنهما في الأخير اقتنعا بها وقررا تجربتها.
وفي الأسبوع الذي يليه حزما حقائبهما وسافرا ظهر الأربعاء ، ولم يرجعا إلا العاشرة ليلة السبت ،
وكان بينهما وأولادهما الهاتف ، وعندما رجعا كانا كعروسين ، ووجه الأم ينضح بالبُشرى والارتواء كأنها عروسة اللحظة ، أما الأب فكان سعيدًا مطمئنًا: غاب حزنه وترك الحبوب النفسية ، وعند دخوله الى البيت ضمّ ابنه سالم وقبله ثم بكى ، وقال له ، كان حقًا عليّ أن أزوجك ، فإذا بك أنت من يزوجني .
كان لزامًا عليّ أن أبني سعادة بيتنا ، فإذا بك أنت وأختك من يمد قلبي وقلب أمك بالحب والحنان بعدما كاد ينكسر الزجاج ، و ينثلم الفؤاد .
يا بني علمتني أنت أن الحياة نحن من يصنعها في دواخلنا ، علمتني بذكائك
و لباقتك ، أن المشاركة للكل راحة للكل ، وأن المركزية تقتل سعادة المرء ، فهو متعب دائمًا و الناس معه متعبون ،
والآن شاركتم و بادرتم وريّحتم .
لقد غابت المشكلة كلها تقريبًا عندما تحرر
اﻷبناء من اﻷنانية
كم من الأولاد في بيوت أبائهم مجرد
ضيوف .
وسوم: العدد 808