أمنُ العقائد والأفكار: هل هو من الأمن الشامل، كالأمن السياسي والاقتصادي..؟
مقاومة الفكر الإرهابي ، صارت هماً يومياً ، من سنوات عدّة ، لصنّاع القرارات الدولية والعربية ! ترصَد لها الأموال ، وتخصّص لها حلقات البحث ، وساعات الحوار التلفزيوني والإذاعي ، وتكتب حولها الكتب والدراسات ، وتملأ بالحديث عنها صفحات كثيرة في المجلاّت ..! والحديث ، هنا ، ليس عن الإرهاب العملي التنفيذي ، بل عن الفكر الإرهابي ، الذي يشكّل مناخاً وحاضنة ، للعمل الإرهابي ! ويَعدّ صنّاع القرارات ، محاربة هذا الفكر، نوعاً من أنواع المحافظة على الأمن السياسي ، بالدرجة الأولى .. الذي يشمل أمن الحكومات ، والدول ، والمجتمعات ..!
كانت مقاومة الفكر الشيوعي ، في عهد الاتّحاد السوفييتي ، هماً أساسياً ، من منظور السياسة الغربية الرأسمالية ! وكان رصد العناصر الشيوعية ، والتي يحتمل أن تكون شيوعية .. من أهمّ وظائف الأجهزة ، الساهرة على أمن الدول الغربية ، والدول التي تدور في فلكها !
التمدّد المذهبي الفارسي ، في المجتمعات العربية والإسلامية ، اليوم ، يشكّل خطراً حقيقياً داهماً، على كل صعيد ! فهو تهديد مباشر لأمن الحكومات ، التي تنظر بريبة ، إلى المطامح الإمبراطورية الفارسية ، في المنطقة العربية، والعالم الإسلامي! لأن التمدّد المذهبي هذا، بحدّ ذاته ، إنّما هو مقدّمة للتمدّد السياسي ، والعسكري ، والاقتصادي ، والثقافي..! ولا يغيب عن أذهان الباحثين ، السلوك الاستعماري ، الذي كان أصحابه يمهّدون له ، بالتبشير النصراني! لأن الشخص الذي ينصّره المبشّرون المستعمرون، يصبح ، حُكماً، جندياً ، للاستعمار النصراني ! ( وهذا ، بالطبع ، بخلاف النصراني الوطني ، من أبناء البلاد الأصليين ، الذي ينظر إلى المستعمر نظرة شكّ وريبة ، ويقف في مواجهته ، مع أبناء البلاد المسلمين ! ومثله الشيعي الأصلي ، من أبناء البلاد العربية ، الذي يعَدّ مواطناً أصيلاً ، ينظر إلى المشروعات الغريبة ، نظرة شكّ وحذر .. حتى لو جاءت من دول تتبنّى مذهبه !) .
والسؤال ، الآن ، لصنّاع القرارات العربية والإسلامية : هل تكوّن لديكم اقتناع ، بأن العقائد والأفكار الغريبة ، التي تسعى لاختراق المجتمعات ، وخلخلة نسيجها .. لم تعد تقابَل اليوم ، بأجهزة الأمن وحدها .. بل بعقائد وأفكار، ممّا يحمله أهل البلاد ، ويدافعون عنه ، دون أن تجنّدهم السلطات الحاكمة لذلك ، كما تفعل دولة التبشير المذهبي في طهران .. بل يكفي أن تخفّف هذه السلطات ، من ضغط أجهزتها الأمنيّة عليهم !
وسوم: العدد 810