المعضلتان المزمنتان : متحمّس أحمق ، ومنافقٌ عليمُ اللسان !
(1)
في العهد النبوي ، كان النفاق ، في المدينة المنوّرة ، اكبر مشكلة ، عانى منها المسلمون ، برغم وجود مشكلات غيرها ! والسبب في ذلك ، هو: أن المنافقين ، محسوبون على المسلمين ؛ لأنهم يتظاهرون بالإسلام ، ويبطنون الكفر! وقد كانت أساليبهم الملتوية ، واضحة للنبيّ، وكان يصبر، على مؤامراتهم الخبيثة ، ولا يقتل أحداً منهم ؛ مخافة أن يقال : إنّ محمداً يقتل أصحابه!
وقد كان اليهود جزءاً ، من مواطني المدينة المنوّرة ، لكنّ أمرهم ، كان أخفّ شرّاً ، وأقلّ ضرراً، على المسلمين ؛ لوضوح هويتهم الدينية ، التي تقف حاجزاً ، بينهم وبين المسلمين! وفي النهاية، أقاموا الحجّة ، على أنفسهم ؛ بغدرهم ، وخياناتهم للعهود ، التي أبرموها ، مع المسلمين ! فأجهز عليهم النبيّ : بعضهم بالقتل ، وبعضهم بالجلاء ! وظلّ المنافقون ، في المدينة ، يثيرون المشكلات للمسلمين ، طوال العهد النبوي، وفترة من العهد الراشدي !
(2)
في أواخر العهد الراشدي ، كان التحمّس الأحمق ، أو الحماسة الحمقاء:(الخوارج)!
في عهد عليّ بن أبي طالب ، رابع الخلفاء الراشدين ، انشقّت فرقة من جيشه ، وخرجت عن طاعته ، فسُمّوا : الخوارج ! وقد حاورهم الإمام عليّ، عبر وسطاء، فرجع قسم منهم ، وبقي الآخرون ! وحاربهم الأمام عليّ ، وانتصر عليهم ، في معركة النهروان ، لكنهم ظلّوا موجودين، بين ظهراني الأمّة ! وكانوا يتخذون ، من بعض مظالم الحكام ، في العهد الأموي ، ذرائعَ ، لتغذية عناصرهم ، بالحقد والتمرّد .. ولكسب أنصار جدد ! وقد قهرهم المهلّب بن أبي صفرة، الذي ولاّه الحجّاج أمر محاربتهم ، فأجهز على قواهم الرئيسية ، وتفرّقوا في البلاد !
(3)
في العهد العباسي ، عاد النفاق الجديد:(التَقيّة الرافضية)
وقد عاد النفاق ، إلى الساحة الإسلامية ، بوجه جديد ، اتّخذ له ستارة جديدة ، هي محبّة آل بيت النبيّ، والتعاطف معهم ، ضدّ الذين ظلموهم ! وقد طوّر الرافضة ، مذهبهم ، الذي أسّسه اليهودي ابن سبأ(ابن السوداء) ، في زمن عليّ بن أبي طالب ، فصنعوا له ، عقائد وأحكاماً وأخلاقاً! لكنهم كانوا يكتمونه ، في أكثر الأحيان ؛ خوفاً من بطش الحكّام ، ويتظاهرون بأنهم مسلمون ! وكانوا يُسمّون هذا النوع من النفاق : تَقيّة !
(4)
اليوم : نفاق متعدّد الوجوه ، وتحمُّس أحمق متنوّع الملامح .. والأبرياء يُقتلون ، بين هذا وذاك، في فوضى عارمة ، اختلط فيها: الحابل بالنابل ، والحقّ بالباطل ، والسامي بالسافل ! واختلطت فيها الملامح ، وتمازجت الأصوات : صوت المخلص ، وصوت المنافق ، وصوت العدوّ، وصوت الصديق .. وصوت الطيران المعادي ، يدمّر بيوت الجميع ، فوق رؤوسهم !
وسوم: العدد 814