ثلاثة نماذج للغدر.. والرابع نمَط !
بروتوس :
تآمر عدد من الأشخاص ، على الإمبراطور الروماني ، يوليوس قيصر! وعندما همّوا بقتله ، التفت إلى الوراء، فرأى ، بين المتآمرين ، شابّاً ، اسمه : بروتوس ، كان الإمبراطور، يثق به ، ويطمئنّ إليه ، و يرعاه ، ويأتمنه على أسراره ! ولم يكن يشكّ به ، ألبتّة ، ولايدور في ذهنه ، أنه يمكن أن يتآمر عليه! فقال له، بدهشة وتعجّب، وإحساس شديد بخيبة الأمل ، قولة ، ذهبت مثلاً ، يتداوله المخدوعون ، والذين يصابون بخيبة الأمل ، من أقرب الناس إليهم : حتى أنت يابروتوس !؟
مُجير أمّ عامر:
طارد بعض الناس ضبعاً ، فهربت منهم ، والتجأت إلى بيت رجل ، فخرج يصيح : أيّها الناس ، إني قد أجرت أمّ عامر( يعني الضبع) ، فلا يحاول أحد منكم ، أن يمسّها بسوء ، أو يقترب منها ! فانصرف الناس ، عن بيت الرجل ، وتركوا أمّ عامر، في جواره !
وغافلت أمّ عامر مجيرَها ، فبقرت بطنه ، وافترسته ، وهو نائم ! فتسامع الناس بالخبر، وصاروا يتداولونه ، متعجّبين ، وهم يردّدون ، بصيغ مختلفة : أمّ عامر، قتلت مجيرَها .. أمّ عامر افترست الرجل ، الذي أجارها.. أمّ عامر، غدرت بالرجل ، الذي أنقذها من القتل .. !
وذهبت القصّة ، مثلاً ، يردّده الناس ، كلّما وقعت حالة غدر مشابهة ! وقال أحد الشعراء :
العجوز وجَرو الذئب :
ربّت عجوز، جرو ذئب صغيراً ، وظلّت ترضعه ، من لبن شاتها ، حتى كبر، قليلاً ! ثمّ غابت العجوز، ذات يوم ، عن بيتها ، لبعض شأنها ، وليس في البيت ، سوى شاتها ، وجرو الذئب ! وحين عادت ، إلى البيت ، وجدت الجرو، قد بقر بطن الشاة ، وبدأ يأكل ، من لحمها ! فأصابها الجزع ، وخيبة الأمل ، وبدأت تخاطب الجرو، قائلة :
هذه ثلاثة نماذج للغدر! أمّا النموذج الرابع ، فليس مجرّد نموذج ؛ إنه نمط ، واسع الانتشار، موجود ، في كلّ عصر ومصر: حيث يَكثر اللئام ، يسود هذا النمط ؛ فيكون ، هو، الأصل ، في تعامل الناس ، فيما بينهم ، أمّا ماعداه ، فنادر، في بعض البيئات ، وقليل جدّاً ، في بيئات غيرها ! وحسبُنا ، أن نَذكر، هنا ، شريحة واسعة ، من هذا النمط ، تتجلّى ، في رفاق البعث السوري ، الذين غَدرَ بعضهم ببعض : كلّما استلمت السلطة ، مجموعة منهم ، غدرت بها ، مجموعة غيرها ، منهم ، أطاحت بها ، واستلمت الحكم ، بدلاً منها، وألصقت بها، نعوتاً كثيرة ، من أهمّها : الخيانة ، والعمالة للأعداء ، والفساد ، والاستبداد، والتسلّط ، والتخريب ، والتآمر على الوطن والشعب !
وما نحسب هذا النمط ، يغيب ، عن أيّ بلد ، يحكمه الاستبداد !
لكن ؛ مانتمنّاه، هو: ألاّ نرى الشعوب ، التي يحكمها الاستبداد، فترات طويلة ، قد تشربت، أخلاق هذا النمط ، فصار طبعاً ، للكثير من أفرادها ، فباتوا يوجّهون سهامهم ، إلى مَن يعطف عليهم ، ومَن يحميهم من بطش حكّامهم ! ويفلسفون طعن المحسنين إليهم ، بصوَر شتّى ، وذرائع مختلفة ؛ فتُسابق سهامُهم ، سهامَ الأعداء، الذين يَرشقون المحسنين ، بسهام الحقد والمكر، والتآمر.. ليلَ نهار!
وسوم: العدد 819