قائمة الإرهاب التي تضعها الإدارة الأمريكية مفتوحة في وجه كل من ينتقد سياستها الداعمة للاحتلال الصهيوني
لقد بدأ الحديث مؤخرا عن قرب إدراج الإدارة الأمريكية جماعة الإخوان المسلمين المصرية ضمن قائمة المصنفين عندها كإرهابيين. ويبدو أن الرئيس الأمريكي الحالي يريد تقديم أكبر خدمة ممكنة للكيان الصهيوني قبل أن ينصرف من البيت الأبيض خصوصا في ظل ما يثار من جدل حول كيفية وصوله إلى مقاليد السلطة.
ولقد دأب رؤساء الإدارة الأمريكية على دعم الكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين وما حولها بسخاء إلا أن دعم الرئيس الحالي له تميز عن دعم من سبقوه بأكبر سخاء وذلك من خلال تقرير مصير مدينة القدس حيث جعلها عاصمة للصهاينة ،وملكا أبديا لهم كأنه إله يقرر مصير الكون ، وذلك بجرة قلم منه، وهو يدوس على تاريخها برجله غير مبال بمشاعر ما يزيد عن مليار ونصف المليار من المسلمين ، كما أنه يسارع الزمن قبل رحيله لتنزيل ما بات يسمى بصفقة القرن التي يراد بها إنهاء القضية الفلسطينية نهاية تسعد الكيان الصهيوني .
ولا غرابة إذن في أن تفتح قائمة المصنفين في خانة الإرهاب لتشمل كل من يدين الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين ، ويعارض صفقة القرن المشئومة ، ويرفض تهويد القدس، وتهديد أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين فيها ، وتشريد الشعب الفلسطيني، وتقتيله ،واغتيال قياداته ، واعتقال أبنائه ، ومصادرة أراضيه .
ولقد جاء التلويح مؤخرا بوضع جماعة الإخوان المسلمين المصرية على قائمة الإرهاب التي ظلت ،وستبقى مفتوحة حسب هوى الإدارة الأمريكية ومن يحذو حذوها من الغربيين الذين تسلك بهم كل مسلك تقررسلوكه دون أن تكون لهم مواقف تعترض عليه .
ومعلوم أن جماعة الإخوان المسلمين المصرية هي جماعة ككل الجماعات الإسلامية في العالم الإسلامي لها تصورها الخاص بها بخصوص قضايا الأمة الإسلامية خصوصا قضيتها الأولى، وهي القضية الفلسطينية لارتباطها بمقدس ديني لا يمكن المساس به أو التفريط فيه . والذي جعل الإدارة الأمريكية تمضي قدما في إدراج هذه الجماعة ضمن المحسوبين على الإرهاب هو تصريح هذه الأخيرة بالعداء للكيان الصهيوني ،وهو التصريح الذي كان سببا في تقويض نتائج الانتخابات المصرية التي أوصلت حزب تلك الجماعة إلى مركز صنع القرار في مصر بعد تجربة ديمقراطية حقيقية لأول مرة في تاريخ هذا البلد الذي لم يذق شعبه طعم الديمقراطية في ظل حكم عسكري جاثم على صدره لعقود. ولم تسكت الإدارة الأمريكية ،ولا الغرب السائر في فلكها كسكوتهم على انقلاب عسكري دموي على الديمقراطية والشرعية في مصر بل كانت لهم أياد مع أنظمة خليجية في طبخ هذا الانقلاب ،لأن الأمور كانت تهيىء سلفا لطبخة القرن المشئومة . وبالرغم من الظلم الذي وقع على جماعة الإخوان المسلمين من طرف متزعم الانقلاب الدموي ، فإن الإدارة الأمريكية المهتمة بسلام وأمن الكيان الصهيوني تريد أن تجعلها على قائمة الإرهاب ،لأن الكيان الصهيوني قد قرر ذلك حتى لا يوجد صوت في الوطن العربي خصوصا والإسلامي عموما يفسد عليه صفقته المشئومة .
ولقد جاءت مباركة ديكتاتور مصر العسكري الدموي المفروض على الشعب المصري بالحديد والنار سريعة لفكرة إدراج الإدارة الأمريكية جماعة الإخوان المسلمين على قائمة الإرهاب ،لأن ذلك يضفي المشروعية على اغتصابه للسلطة في مصر ، ويجعل ذلك أمرا واقعا ومفروضا ، وهو ما يخدم الكيان الصهيوني الذي يخطط معه ومع أنظمة خليجية أصبحت متخصصة في صناعة الانقلابات العسكرية في الوطن العربي لتمرير صفقة القرن المخزية في ظروف ملائمة.
ولا شك أن اعتبار الإدارة الأمريكية جماعة الإخوان المسلمين المصرية جماعة إرهابية سيمهد لها الطريق لتوسيع دائرة تلفيق هذه التهمة بغيرها لتشمل كل من يلتقي مع هذه الجماعة في فكرة رفض الاحتلال الصهيوني خصوصا من منطلق وجهة نظرة إسلامية .
ويسود الاعتقاد لدى الغرب بزعامة الإدارة الأمريكية ، ولدى كل التوجهات العلمانية بما فيها الموجودة في الوطن العربي أن تنظيم جماعة الإخوان المسلمين هو تنظيم عالمي، لهذا تصنف كل جماعة أو كل فرد مسلم حيثما وجد ضمن هذا التنظيم . ومن الرائج في بعض دول العالم العربي استعمال وصف الإخوان المسلمين لكل من التحى من الذكورأو لكل من احتجبت من الإناث ،وكأن اللحى والحجاب حكر على تلك الجماعة ،أو كأنه لا يوجد انتماء إلى الإسلام خارج دائرة الانتماء إليها حتى بلغ الأمر حد نحت من اسمها وصف "الخونجة " .
ولا شك أن مضي الإدارة الأمريكية في وضع جماعة الإخوان المسلمين المصرية على لائحة ما تسميه الإرهاب، سيفتح شهية أنظمة عربية مستبدة لتحذو حذوها ولحشر كل ذي لحية أو ذات حجاب في زمرتها، واتخاذ ذلك ذريعة لتصفية من يعارض فسادها أو استبدادها أو تعطيلها للمسار الديمقراطي الذي من شأنه أن ينقل الشعوب العربية من حكم شمولي إلى حكم ديمقراطي يحتكم فيه إلى صناديق الاقتراع بغض الطرف عن الانتماءات السياسية والإيديولوجية والعقدية ، ويكون الفائز فيها هو صاحب القرار المقيد باحترام لعبة الديمقراطية التي تفرض احترام إرادة كل الفرقاء دون إدانتهم أو تجريمهم بسبب ما يعتقدون.
ولا شك أن أكثر من سيستهدفون بإدراجهم ضمن قائمة الإرهاب الأمريكية العلماء والدعاة، لأنهم يعترضون على الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين باعتبار مسؤوليتهم الدينية التي تقتضي ذلك وباعتبارهم أمناء وحراس العقيدة . وسيليهم في الاستهداف بطبيعة الحال كل من يرى رؤيتهم أويعتقد اعتقادهم أو يتبنى وجهة نظرهم.
وسوم: العدد 823