مقالة رأي حول سورية
في هذا الظرف العصيب الذي يمر به شعبنا السوري العظيم والذي قدم الغالي والنفيس في ثورته على طريق الحرية والكرامة ...بعد أن تركه طوعاً أو كرهاً الكثير من أصدقائه وبعد أن انحازت قواه العسكرية للشمال السوري ...ولم يبقى لها ظهر بعد الله إلا الجار التركي ....بدأت تنطلق الحملات الإعلامية الضخمة والحسابات المعلومة والمجهولة ...لتذر الشقاق والخلاف بين الشعبين السوري والتركي مستغلة تأوه المظلومين وصيحات المهجرين العاتبة عتب المحب على تركيا والتي تتمنى منها أكثر وأكثر من الدعم والمساندة ..ولكن كما قيل لرسول الله عليه الصلاة والسلام ...يارسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟
قال : نعم إذا كثر الخبث )
اليوم نحن في عصر جهنمي يحكم العالم مابين عاهر ومقامر ..وسوى الروم خلف ظهرك رومٌ ..فعلى أي جانبيك تميل
وصحيح أن المواطن السوري المظلوم ليس مطاباً بفهم وتحمل هذه الملفات والتوازنات وأن يدفع هذه الحسابات ...ولكن لاينبغي من طرفٍ آخر أن تستغل هذه التأوهات للاسترزاق والتجارة في بلدان الثورة المضادة
وكلما أراد صاحب قلم أن يقدم مقاربةً متوازنة عن ضرورة الحفاظ على آخر الحلفاء والأصدقاء ...برزت سناجق الاتهام ضده بأنه عميل أو مخبر أو بائع لوطنه عدا عن الأخونة والدعشنة ووو...
فلو قلنا #شكراً_تركيا قالوا هذا من صنيع الإخوان وإن رفع المواطن السوري علم تركيا قالوا هذا من نسيج الإخوان ، وإن كتب شعاراً على لافتة حيا بها رئيس تركيا قالوا من أطفال الإخوان ،
ولانضع مجموع المنتقدين هنا في سلة واحدة فلا شك أن الكثير من التفاصيل يمكن أن يبحث عنها ولكن علمتنا التجارب أن الصوت العالي يغطي على الصوت العاقل، ولذلك لابد من الإصرار على التأكيد على مصيرية المساندة التركية لشعبنا السوري في جميع المجالات
:
أولاً: لماذا نشكر تركيا ولاشكر على واجب ، أما هذه فعبارة ليست مقدسة بل نرى أن الإنسان يقوى بالشكر ويتضامن مع من يقدر عمله وهو من أعلى درجات التحفيزعلى فعل الخير وعلى أساسه كانت الأعطيات والمكافئات والجوائز والتهادي لتعزيز عمل الخير ، فالناس ليسوا حجارةً مصمتة خالية من المشاعر فكما أن القدح والشتم يؤذيهم فإن الشكر والثناء يثريهم
ثانياً : إن موقف تركيا المشرف حكومةً وشعباً ليس شيئاً جديداً بل هو مداد التاريخ المشترك منذ ألف عام اختلطت فيه دماء الشهداء ومداد العلماء وصروح الحضارة والعمران ومواجهة العوادي والمحن وامتزجت به الأنساب والبشر ولمعت في ثناياه بروق ملاذكرد وجالديران وجناق قلعة ، وركب متون الأحداث الغابرة خيرة شباب الأمة من المعتصم لنور الدين وصلاح الدين وألب أرسلان وملكشاه وعثمان وبربروسا والفاتح وبيبرس فماكان يعرف التركي من العربي ولا الكردي من الفارسي ، فمن عبق هذا التاريخ نستمد عزمنا نحو إدارة التاريخ المشترك
ثالثاً : كلنا يعرف أن تركيا دولة تسير نحو الديمقراطية وبذلت في سبيل ذلك الجهود الجبارة عشرات السنين وصارت نموذجاً يحتذى للشعوب العربية بحكم الدين والجوار والمبادئ والثقافة المشتركة ، والتقارب مع هذا النموذج ومحاولة استمداده واستنساخه بما يمكن هو أمر ممكن أمام الشباب السوري خاصةً والعربي عامةً وهذا يقتضي زيادة حجم التواصل والتآخي مع الشعب التركي وعلى كافة المستويات وعدم الإنغلاق والصد عن طرق التطور والنمو وخاصة بعد فترة الإنهاك التي أوقعتنا بها قوى الثورة المضادة وسدنة الاستبداد في عالمنا العربي
رابعاً : إن الشعب السوري لم يقم بثورته من أجل جنيف ولا أستانة ولا سوتشي ولاتبريز... هذا شيءٌ قطعي ، ولسنا ملزمين بالدفاع عن نتائجها وخاصة أن السوريين لم يكونوا حاضرين ، ولكننا هنا لانتكلم عن مبادئ ثورةٍ منتصرة وإنما عن إدارة خسائر وحفظ ماتبقى بعد أن غدرت بنا الثورة المضادة وخذلتنا أنظمة الاستبداد وبطش بنا العدو الإيراني والروسي ، فكان الموقف التركي الدبلوماسي والعسكري والأمني خير ظهير وجارٍ لنا في ساعة العسرة في حماية ماتبقى من محرر بعد أن بلغت القلوب الحناجر وزلزلنا زلزالاً شديداً ،
خامساً : شعبنا السوري في الشمال خاصة ومنذ أكثر من سنة وهو لاحديث له إلا بتدعيم الدور التركي وزيادة حجمه في الثورة السورية مرحباً بجيش تركيا رافعاً لعلمها لأنه لايثق بمن يتركونه في وسط الطريق ومن تركوه وذهبوا ليدعموا ميلشيات البيادي ، وهو يعلم كم تعاني تركيا من ضغوط دولية على كل ملف تحاول التخفيف فيه عن السوريين
سادساً : لكل دولةٍ مصالح وتركيا دولة لها مصالحها وهذه هي السياسية ونحن عندما نصبح دولة قوية ستكون لنا مصالحنا وسنقدمها على مصالح الآخرين وهذه سنة الحياة وليس عيباً ، وتركيا بشر ويحكمها بشر يخطئون ويصيبون ولو أنا تركنا كل من أخطأ بمجرد خطأه لتركنا جيشنا الحر العظيم فكم وكم وقع بأخطاء ، ولكم وقعنا نحن كثوار في أخطاء ، ولكننا لم نطلب الخطأ قصداً وإنما وقعنا به تبعاً
وأخيراً : شكراً لتركيا وشكراً لأردوغان ومرحباً بالجيش التركي صديقاً حامياً للقيم ومعززاً للصمود وحليفاً في مواجهة المحن ، وأخوةً في القضية والمصير نتطلع لمساعدتهم في بناء سوريا دولة الحرية والعدالة والقانون والديمقراطية بعد سقوط نظام الطائفية والفجور والاستبداد
وسوم: العدد 824