تضامن الشعوب العربية والإسلامية مع الشعب الفلسطيني بحلول الذكرى الواحدة والسبعين للنكبة واجب شرعي
تضامن الشعوب العربية والإسلامية مع الشعب الفلسطيني بحلول الذكرى الواحدة والسبعين للنكبة واجب شرعي ستسأل عنه أمام الله عز وجل
لقد بلغ تراخي الشعوب العربية والإسلامية في دعم ونصرة الشعب الفلسطيني درجة غير مسبوقة في الوقت الذي كان من المفروض أن تزداد وتيرة دعمه ونصرته بكل الأشكال والأساليب في ظرف طبخ ما بات يعرف بصفقة القرن المشئومة التي يراد بها تهويد فلسطين ومقدساتها الإسلامية وفرض الاستسلام على شعبها وتمريره تحت خدعة السلام الذي بات وهما فاضحا ومواعيد عرقوب الذي ظل يسوف على أخيه فأطلع نخله ، وأبلح ، وصار زهوا ورطبا ، وتمرا ولمّا يفي له بشيء منه، فكذلك حال الكيان الصهيوني الذي ظل لأكثر من سبعين عاما يضرب مواعيد عرقوبة لسلام مع أصحاب الأرض الشرعيين ، ويقتطع من أرضهم المحتلة شبرا شبرا ، ويقيم فوقها مستوطناته السرطانية بعد مصادرة منازلهم وقراهم وهدمها ليقيمها على أنقاضها على مرأى ومسمع العالم خصوصا الغربي منه الذي لا يدخر جهدا في دعمه عسكريا وماديا وماليا ومعنويا . ولا زالت ملايين من الشعب الفلسطيني المهجر تنتظر العودة الموعودة ،وقد هلك جيل الأجداد و كثير منجيل الآباء دون عودة ، وأحفادهم وأبناؤهم ينتظرون على أحر من الجمر العودة إلى موطنهم الأصلي ،و قد كان قدرهم أن يولدوا في مخيمات الشتات يترقبون تحقيق أغلى حلم في حياتهم .
ومازال المحتل يسوف ويراوغ ويحتال من أجل تمديد مأساة الشعب الفلسطيني صاحب الأرض والحق في العيش فوقها ، وهو يلعب ورقة تراخي الزمن لطمس معالم هذا الحق الذي لن يطمس أبد الآبدين . وما زال اللوبي الصهيوني المتحكم بالمال والإعلام في مسار الانتخابات الأمريكية يتحين الفرص لوصول إدارة تسلس له القياد لتمرير صفقة القرن المشئومة حتى دبّر مجيء رئيس أمريكي متصهين إلى مقاليد السلطة ليعلن بكل غطرسة وصلف وعدوان وجبروت حق الصهاينة المحتلين في السيادة على مدينة القدس و فلسطين وعلى مرتفعات الجولان دائسا بقدمه المدنسة على حق الشعب الفلسطيني وعلى كرامة الأمة العربية والإسلامية ،وعلى كل القرارات الأممية المقر والمعترفة بحق الشعب الفلسطيني في السيادة على أرضه التي سلمها أو فوتها الاحتلال البريطاني إلى المحتلين الصهاينة.
ويظن المحتل الصهيوني أن مرور قرن من الزمن على وعد بلفور المشئوم من شأنه أن يسقط حق الشعب الفلسطيني في السيادة على وطنه كاملا غير منقوص . وخلافا لكل أرض احتلت في المعمور لم تنعم فلسطين وحدها بالاستقلال ، وعطل حق شعبها في ممارسة حريته وتقرير مصيره كباقي الشعوب التي تخلصت من كابوس الاحتلال .
واغتنم المحتل الصهيوني إلى جانب اغتنامه فرصة وصول إرادة أمريكية متصينة إلى مركز صنع القرار ظروف التفرقة والفوضى التي دبرت في الوطن العربي الذي أوشك ربيعه ولم يحصل ذلك مع شديد الأسف على القطيعة مع الأنظمة الفاسدة المتخاذلة والراكعة والمهرولة للتطبيع معه تحت ضغط الإدارة الأمريكية وابتزازها ليلوح بقرب تمرير ما يسميه صفقة القرن المشئومة ، وتوجد مؤشرات على أن أنظمة عربية خائنة وراكعة قد تورطت في طبخة هذه الصفقة المخزية ، وهي تمارس ضغطا وابتزازا على القيادات الفلسطينية بشتى الأساليب لجرها إلى هاوية تلك الصفقة .
ومع انشغال الشعوب العربية بالتخلص من أنظمتها الفاسدة التي باتت تغير من أقنعتها عير مسرحيات الانقلابات العسكرية الهزلية لتمديد عمرها في السلطة أطول مدة ممكنة كما يريد ذلك الاحتلال الصهيوني وأوصياؤه في الغرب خصوصا في الولايات المتحدة ، وعموما في باقي الدول الأوروبية ، صار هذا المحتل يدفع بكل قواه في اتجاه تسريع وتيرة تمرير الصفقة المخزية حتى لا تضيع منه فرصة يعتبرها ذهبية لم تتح له من قبل .
ومعلوم أن الشعوب العربية والإسلامية تعي جيدا خطورة مؤامرة هذه الصفقة ، ولا عذر لها في عدم الوعي بها ، ومع ذلك تخلت عن واجبها الشرعي المتمثل في دعم ونصرة الشعب الفلسطيني . وها هي ذكرى النكبة تحل اليوم ، والشعب الفلسطيني وحيدا في سجنه الكبير فوق أرضه المغتصبة يحيي هذه الذكرى بمرارة وأسى والشعوب العربية والإسلامية لا تبالي به ، ولا تبلغ حتى حد التعبير عن مآزرته ومساندته في مصابه الجلل ، وبالحد الأدنى وأضعف الإيمان ذلك من خلال إعلان هذا اليوم يوم حداد ، ويوم حزن وغضب وإضراب عام تغلق فيه كل المرافق ، وتسير فيه مسيرات موازية لمسيرات الشعب الفلسطيني المقهور التي ترمز إلى حق العودة ليكون ذلك ردا واضحا وقويا على غطرسة الإدارة الأمريكية التي بات تقرر في شأن أرض لا دخل لها فيها . ومعلوم أن غياب موقف جماعي للأمة العربية والإسلامية مع حلول ذكرى النكبة سيجعل الإدارة الأمريكية التي صارت تتحكم في الأنظمة العربية كما تشاء تمضي في تمرير صفقة فرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني ، كما أن المحتل الصهيوني سيمضي في عدوانه على هذا الشعب المناضل والصامد لعقود والذي لا يوجد شعب على وجه الأرض قدم ما قدمه من تضحيات جسام حتى أنه لا يوجد شبر من أرض فلسطين لم يسق بدماء شهدائه الزكية .
إن الأمة العربية والإسلامية ، وهي في شهر الصيام شهر الجهاد والفتوحات التاريخية المجيدة مسؤولة أما الله عز وجل عن خذلانها للشعب الفلسطيني ، وعن تفريطها في واجب شرعي هو واجب النصرة والتأييد خصوصا والأمر يتعلق بمقدسات دينية معرضة للتهويد ، وقد أراد لها الخالق سبحانه وتعالى أن تكون إسلامية أبد الآبدين .
أما الأنظمة العربية والإسلامية سواء الساكت منها عن العدوان الصهيوني وعن الصفقة المشئومة أوالمساهم في محاولة تمريرها بشكل أو بآخر والتي لا يرجى منها خير بل تتوقع منها كل الشرور وقد حازت الخزي في العاجل والآجل ، وسيسجل التاريخ موقفها المخزي من واجب استرجاع قلب الوطن العربي والإسلامي النابض وهو رمز العزة والكرامة العربية والإسلامية ، وستلعنها الأجيال القادمة لعنة أبدية ،وستخزى بتفريطها في المقدسات بل ستخزى بتآمرها عليها .
وإذا كان الأمل مفقود في تلك الأنظمة الفاسدة ، فإنه قد بقي بصيص أمل في الشعوب العربية والإسلامية ،فلعلها تستعيد في يوم من الأيام شيئا من إرادتها المعطلة حاليا ، ويكون ذلك خطوة أولى نحو فك قيود فلسطين الأسيرة ، وكسر أغلال شعبها الصامد البطل . عاشت فلسطين حرة وعاش شعبها كريما ، والخزي والعار لكل من خان قضيتهما سواء بصمت وخذلان أم بتآمر وخيانة .
وسوم: العدد 824