غناء في جهنم!!
أياً كانت المغنية/المغني المنتصر في مسابقة «يوروفيجن» الذي يعلن اسمه اليوم، لا بد من الاعتراف أن المنتصر الوحيد في حقيقة الأمر هو إسرائيل. فمجرد اختيارها لاستضافة مسابقة الأغنية الأوروبية (وإسرائيل في علمي هي فلسطين المحتلة ولا تقع في أوروبا بل في آسيا!) مجرد اختيارها لاستضافة ذلك الحدث الذي يرقبه ملايين المتفرجين على الشاشات هو انتصار للبلد العنصري الذي قام على الاحتلال وهو (الوطن القومي لليهود) كما أعلن نتنياهو ربما ليتابع حلب بقرة (الشفقة) على اليهود المساكين ضحايا (النازية) ناسياً الفلسطيني الأبي الذي لا يتسول وطناً، بل يدافع عن أرضه وبيته وزيتونه وبرتقاله وتراثه في أزمنة عدوانية تضطهده كما سبق لهتلر اضطهاد اليهود، وتحاول تحويل فلسطين إلى جهنم للفلسطيني.
القدس عاصمة لإسرائيل؟ نكتة سمجة!
في البداية حاولت إسرائيل تنظيم مسابقة الأغنية الأوروبية (يورو فيجن) في القدس، بصفتها عاصمة لها تبرع بها من ميراثه الرئيس ترامب (!). وتم رفض ذلك كجزء من خضم ردود الأفعال العنيفة بشأن اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل (أي فلسطين المحتلة!) وتم رفض الطلب الإسرائيلي. وخوفاً من خسارة عقد «اليورو فيجن» عندها وافقت على حل وسط هو عقدها في «تل ابيب» وهكذا كان.
وأكثر من 140 من أهل الإبداع العالمي وقعوا عريضة طالبت بمقاطعة «يورو فيجن» إذا تم عقدها في الوطن العنصري إسرائيل، وذكّرت العريضة بالقتلى الفلسطينيين في كل يوم جمعة من المحتجين العزل على الاحتلال في مسيرة العودة والذين يتم إطلاق الرصاص الحي عمداً على أقدامهم وهم عزل. ولن ننسى صورة ذلك الطفل الفلسطيني (10 سنوات) وأربعة جنود إسرائيليين يقتادونه!!
بلال حسني، المغني الذي يمثل (فرنسا) فرنسي الجنسية وله أصول مسلمة، كما يدل اسمه (بلال كان اسم مؤذن الرسول العربي) ولم يكن من بين 140 فناناً عالمياً دعوا لمقاطعة ذلك إذا تم تنظيمه في إسرائيل!
لا… لدعاية مجانية لإسرائيل!
في الأسابيع الأخيرة كان اسم تل أبيب «يتردد» باستمرار على شاشات التلفزيونات العالمية كمكان لاستضافة «يورو فيجن» المسابقة الأوروبية التي يرقبها 200 مليون متفرج تلفزيوني، كما سبق وذكرت نقلاً عن التلفزيوني الإعلامي ستيفان بيرن.
وفي ذلك أولاً إيهام للسائح بأن الأمن مستقر في تل أبيب بعد (دحر) الفلسطيني.. ومناسبة للإشادة بالميزات السياحية لتل أبيب. وهكذا، أياً كان مغني البلد المنتصر في مسابقة «يورو فيجن»، أهو فرنسيا بأغنية من يمثلها الشاب بلال حَسني (الذي يضع باستمرار شعراً اصطناعياً نسائياً على رأسه مع مكياج نسائي) أو سواه من ممثلي الدول الأوروبية الأخرى، فإن المنتصر الوحيد في تلك المسابقة هو إسرائيل، التي استطاعت فرض حضورها (كدولة) رغم احتجاج الكثير من المبدعين الغربيين و(الشخير العربي) عن ذلك الحدث، وحظيت مدينة «تل ابيب» بدعاية سياحية مجانية ما كانت لتحلم بها..
وكعادتنا، خسرنا نحن كعرب جولة أخرى من جولات الحرب الإعلامية مع إسرائيل التي لم يعد بوسعنا أن ندعوها (الدولة المزعومة) كما كنا نفعل من زمان، وصرت أخشى أن تتم تسميتنا بالعرب المزعومين!
فرصة لدعاية عربية مضادة ضيعناها
وجدت إسرائيل في عقد مسابقة «يورو فيجن» للأغنية الأوروبية مناسبة للدعاية لنفسها إعلامياً حتى بعدما فشلت في عقد السهرات الغنائية في القدس ورضيت بذلك في «تل أبيب». رافق المسابقة قبل عقدها بأشهر حملة دعائية سياحية للمدينة ولإسرائيل.
في المقابل، لماذا لا نستغل نحن أيضاً كعرب تلك المناسبة لعرض الظلم المروع الذي يعيشه الفلسطيني في أرضه المحتلة؟
لماذا لا نلقي الأضواء على قرصنة إسرائيل العدوانية للأموال العربية الفلسطينية في تلك المناسبة الفنية؟ ولماذا لا نقوم بالتوعية على ضرورة إيقاظ الحس الوطني القومي لرفض المنتجات الإسرائيلية حتى لو لم يكن لدينا أي بديل محلي عنها؟. إن مقاطعة منتوجات إسرائيل هو أضعف الإيمان!
عميرة هاس: ما هذه القسوة؟!
بينما يغني المطربون أغاني تتسابق على جائزة في تل أبيب، نتذكر نحن الوحشية الإسرائيلية في التعامل مع الفلسطيني صاحب الأرض والوطن، ونتذكر مشهداً متكرراً عن (حرس الحدود) الذين يعتقلون شاباً طالباً في الثانوية ويكبلونه ويعصبون عينيه، وإسرائيلي جندي يطلق النار عليه. وتعلق على ذلك عميرة هاس في جريدة (هآرتس) الإسرائيلية قائلة: ما هذه القسوة؟
إنها قسوة وحشية لا مبـــررة تذكرنا بأفعال هتلر نحو اليهود.. وها هو الضحية يلعب دور المجرم، ويحمي عمليات اقتحام المستوطنين الإسرائيليين للمسجد الأقصى بقوة السلاح، ولن يدهشني أن يخترع نتنياهو تاريخاً يهودياً لذلك المسجد الذي يعني الكثير للمسلمين، فهو مسجد الإسراء بالرسول العربي..
إسرائيل لا تبالي لا بالمشاعر الدينية ولا بأبناء الوطن المحتل فلسطين، وكل ما يهمها ترسيخ دعائمها وتنشيط السياحة و«الفن» بأي ثمن. ويقال إن المغنية الشهيرة مادونا ستغني في «يورو فيجن» ولعلها فعلت وكان ذلك مقابل مليون دولار، بالإضافة إلى إعلانها عن اعتناقها الديانة اليهودية؟!.. هذا إذا صح الخبر. هل فعلت ذلك مقابل مليون دولار أم لا؟ لا أحب محاكمة النوايا، لكنني أيضاً لا أحب القفز من دين إلى آخر.. حين تدور الشبهات حول مليون دولار!
وكل «يورو فيجن» وأنتم بخير، وأقل غضباً مني!
وسوم: العدد 825