نعم المؤامرة على سورية كونية

في حمأة انشغال العالم بما يجري في بحار الشرق الأوسط من حشودات عسكرية متبادلة بين كل من واشنطن وطهران، ضمن سياق الردح الأراجوزي بين العاصمتين، والتهديد المتبادل بينهما عبر وسائل الإعلام المشاهد والمقروء والمسموع، إضافة لوسائل التواصل الاجتماعي التي تزخر بالتعليقات والتحليلات والإشاعات بين هبوط وصعود، حتى ليظن البعض أن هناك على الأبواب حرباً عالمية ثالثة قد تنفجر في أية لحظة!!

في خضم كل هذا التشويش الإعلامي المتعمد هناك مجرم حرب اسمه بوتين، ينفرد بالشعب السوري فيقتل بلا رقيب ولا حسيب، ويدمر بيوتاً ومستشفيات ودور عبادة ومدارس ودور ثقافة وبنية تحتية، ويدفن تحت ركامها العشرات وربما المئات كل يوم دون خشية من التحدث أو التعليق عما يفعله هذا المجرم الأفاق، الذي جاء إلى سورية وهدفه القتل والتدمير واستباحة المحرمات بأسلحة محرمة إنسانياً ودوليا، يجربها على الشعب السوري والمدن والبلدات السورية لأول مرة، وبدلاً من أن يمعّر وجهه خجلاً مما يفعل، تتورد وجنتاه من الشماتة والفرحة والدم يتفجر بين مخالبه وأنيابه نشوة بما يحقق، أمام صمت دولي وعالمي لم يشهد التاريخ له مثيلا، وهناك ذيل للكلب اسمه بشار يفعل ما يفعل الكلب بوتين وزيادة، من قتل وتدمير وتشريد وتهجير وحرق للمحاصيل الزراعية، مستعملاً كل ما يصل إلى يديه من وسائل الموت المحرمة وغير المحرمة.

إذن فإن ما يجري في سورية هو مؤامرة عالمية وقد كان النظام صادقاً عندما تحدث عن «مؤامرة كونية»، لكن المؤامرة لم تكن عليه، كما يدّعي، بل كان هو أحد أركانها، لا بل أهم أدواتها. لقد كانت المؤامرة، وما تزال على سورية الشعب والوطن والحضارة، والنظام كان وما زال أداة التنفيذ بصفته يرأس النظام الشرعي لسورية في عيون العالم المتوحش والمنظمات الدولية اللاإنسانية، فيستجلب من الشرق ومن الغرب القاتلين وأدوات القتل، ليفعل الأفاعيل بالشعب السوري الذي يعيش وحيداً بصدور أبنائه العارية ينافح ما استطاع لرد العدوان ووقف الغزو البربري الذي يقوده مجرم الحرب بوتين ومجرم الحرب خامنئي وذيل الكلب بشار.

مجرم الحرب الروسي بوتن، قال قبل عدة أيام بكل صفاقة، إنه لا يستبعد شنّ عملية عسكرية شاملة على محافظة إدلب شمالي سورية، إلا أنه أشار إلى أن هذه العملية "ليست ملائمة الآن".

قوات الحلف السوري الروسي ترتكب انتهاكات تشكل جرائم حرب في ادلب وحماة والشمال السوري، والمجتمع الدولي يراقب التصعيد الكبير في وتيرة الضربات العسكرية من جانب الروس وقوات نظام الأسد على استحياء، فقد وثقت اللجنة السورية لحقوق الإنسان، مقتل (292) شخصاً في سورية خلال شهر نيسان / أبريل 2019، من بينهم (64) طفلاً و(34) سيدة و(30) شخصاً تحت التعذيب.

الولايات المتحدة قائدة العالم الحر كما تزعم، دعت روسيا عبر الدبلوماسية الراقية إلى احترام التزاماتها وإنهاء "التصعيد" في منطقة إدلب، حيث قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية مورغان أورتاغوس: "ندعو جميع الأطراف وبينهم روسيا والنظام السوري إلى احترام التزاماتهم بتجنّب شنّ هجمات عسكرية واسعة والعودة إلى خفض تصعيد العنف في المنطقة".

‎الاتحاد الأوربي الذي يدعي صداقته للشعب السوري، حذر بلغة نرجسية، من مغبة التصعيد في محافظة إدلب وشمال حماة، وذلك جراء تكثيف الغارات الجوية من قبل نظام الأسد وروسيا هناك، داعياً روسيا وتركيا لتنفيذ التزاماتها بشأن منطقة خفض التصعيد في إدلب.

بيان الاتحاد الأوربي دعا على استحياء، إلى احترام اتفاق خفض التصعيد في سوتشي وأستانا، "لأن التصعيد العسكري في إدلب يعرض حياة أكثر من ثلاثة ملايين مدني في المنطقة للخطر، وهو سيؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية وسيزيد من خطورة مواصلة زعزعة الاستقرار في سورية وفي المنطقة". ولأن "الهجمات الأخيرة في إدلب استهدفت أحياء سكنية ومنازل ومستشفيات ومراكز لإيواء النازحين، الأمر الذي نتج عنه سقوط مزيد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين العزل".

لكن جميع هذه الدعوات والتحذيرات لم تجد لها صدى لدى موسكو حتى اللحظة، بل إن المؤشرات تقول بأن المنطقة مقبلة على تصعيد خطير سيكون ضحيته الأبرياء من المدنيين.

الأمين العام للأمم المتحدة، وبعيداً عن جرح مشاعر الروس، ندد بالقصف دون أن يحدد في بيانه من يقوم بالقصف الجوي للمراكز الطبية والمدارس في ادلب وحماة والشمال السوري، وكأن من يفعل ذلك جاؤوا من كوكب آخر.

نعم الكون كل الكون من عدو وصديق يتآمر علينا ويريد أن يستأصلنا لأننا شعب ثار من أجل الحرية والكرامة الإنسانية، وهيهات هيهات أن يقهر شعب ثار من أجل انتزاع حريته والفوز بكرامته، ودروس التاريخ مليئة بانتصارات الشعوب الثائرة على المستبدين والطغاة الذين كنستهم مزابل التاريخ في طياتها العفنة، وبقيت الشعوب تنبض بالحرية والحياة.

وسوم: العدد 826