البيت الزجاجي والحجر

د. محمد أحمد الزعبي

هنالك مثل شعبي معروف يقو ل : (من كان بيته من زجاج ، عليه ألّا يرمي بيوت الآخرين بحجر) . تذكرت هذا المثل الشعبي وأنا أستمع قبل قليل ، عبر إحدى الشاشات للسيد (ظريف) وزير خارجية إيران ، وهو يلقي بأحجاره على البيت الأبيض ، بسبب تزويده  السعودية بالآسلحةالتي دمرت بها اليمن . وقتلت مئات  الألوف  من آبنائه المدنيين العزل .

 نتفق مع السيد ظريف في أن مايفعله السيد  ترامب في اليمن هو من المحرمات الدولية والأخلاقية ، وأنه بفعلته هذه بات شريكا للسعودية في انتهاكها لحقوق الانسان في اليمن ، وفي قتلها لمئات الألوف  من المدنيين العزل من أبنائه . بيد أن اتفاقنا معه ( السيد ظريف )  هذاحول اليمن ، يستلزم منّا ، سياسياً وأخلاقياً أن نسأله ، عن عدد من قتلتهم قوات ولي الفقيه ، أي عملياً قوات  النظام الذي هو وزير خارجيته ، في سوريا من الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين العزل ؟ ، أظن ، ياسيد ظريف ، أن الفرق بين ماقمتم وماتقومون به  اليوم ( أنتم وبوتين وبشار الأسد ) في سوريا ، وما قام و يقوم به ترامب ومحمد بن سلمان ومحمد بن زايد ، في اليمن ، يكاد يلامس الصفر (!!) .

 إن بيتكم ياسيادة الوزيرهو من زجاج ، ومن الطبيعي - في هذه الحال - ألاّ تضربوا بيوت الآخرين بالحجارة . يمكنكم أن تفعلوا ذلك ، فقط عندما تكون بيوتكم من الإسمنت المقوى بالأخلاق ، وبالتمسك بالقيم الحقيقية للإسلام ، والتي تقتضي منكم ، أن تخرجوا من رؤوسكم أوهامكم الطائفية المقيتة ، التي تعشعش في رؤوسكم ورؤوس عائلة الأسد  التي أتت بكم إلى سوريا لمساعدتها على الإستمرارفي الباطل ضد الحق (!!) ، ولدفعكم إلى الإنخراط في الثورة المضادة ، لثورات الربيع العربي التي اندلعت في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا عام 2011 ، والتي يجتاح أوارها اليوم شوارع الجزائر والسودان ، ضد الإستيداد والفساد ،  وبمطلب شرعي بسيط هو الحرية والكرامة ، وهو مطلب ينطوي - بطبيعة الحال - على الديموقراطية ، وحقوق الإنسان ، ولا أظن أن مثل هذه المطالب الشعبية ، المتوائمة مع الشريعة الإسلامية ، يمكن أن تكون  على حسابكم أو تسيئ إ ليكم . إن عليكم ياسيادة الوزير قبل أن تطالبوا السعودييين بالخروج من اليمن ، أن تطالبوا أنفسكم بالخروج من سوريا . عندها سيكون موقفكم متوازناً من الناحيتين الدينية والدنيوية ، وعندها سنمد يدنا لمصافحتكم .

مرة أخرى نقول للسيد ظريف ،( والله من وراء القصد ) ، إن من كان بيته من زجاج ، فعليه الاّ يرمي الآخرين بحجر .

وسوم: العدد 828