وصف الأحواز العربية، في كُتبِ الرحالة والجغرافيين والمؤرخين

د. ثروت الحنكاوي اللهيبي

قبل قرون عديدة خلت، زار عدد مِن الرحالةِ، والجغرافيين والمؤرخين العرب وغيرهم، إِقليم الأحواز العربي، المُحتل منذُ قرون خلت أيضاً، مِن قبلِ المُحتل الإيراني. ووصفوا ذلك الإقليم، بما يُؤكد أنهُ غنيٌ جداً مِن الناحيتينِ الزراعية، والثروات المعدنية، فضلاً عن موقعهِ الجغرافي المُمتاز جداً، كُل ذلك، أَهلهُ فعلاً، ليكون من ضمنِ أغنى شعوب الكرة الأرضية، لا بل مِن أهمها أيضاً.

وأود أن أُنبه القارىء الكريم، بأن أُولئك الرحالة، و..، قد أطلقوا، كما سيرد أدناه، على إِقليم الأحواز تسمية "خوزستان"، وبما هو شائع آنئذٍ.

وبهذا، فإِنهم يقصدون بتلك التسمية "الأحواز".

بمعنى آخر، أن "خوزستان تعني الأحواز"،

وأن "خوزستان" التي هي "الأحواز" لا شأن لبلادِ فارس( ) بها، لأنها ليست جزءاً منها، أو أنها كُورة - أي مدينة- مِن كُورِها - أي مِن مُدنها، بل أن "خوزستان" لا تتعدى تسمية فارسية أُطلقت على إِقليمِ الأحواز، شأنها شأن أيَّ تسمية فارسية تُطلق، أو تُسمى بها أية دولة مِن دولِ العالم، لذا فلا حرج لنا وفق ذلك في تسميةِ "خوزستان".

ولكن أين يكمن الحرجَ، ثم النفور، والإِشمئزاز مِن استخدامِ تسمية "خوزستان"؟

وما الحل للخروجِ مِن هذا النفور، وذلك الإِشمئزاز؟

 وبالتالي الخلاص منهُما، وما هو على شاكِلتهما؟

النفور والإِشمئزاز  مِن تسميةِ "خوزستان"، يتناغم مع حقبتين زمنيتين مُختلفتين:

 الحُقبة الأولى: قبل الاسْتِعْمار الفارسي للأحواز، حيث كانت إِمارة عربية مُستقلة، وكما ذكرنا أعلاه، لم تكن وقتئذٍ جزء مِن بلادِ فارس بأيِّ شكلٍ مِن الأشكالِ البتة، وكانت "خوزستان" مُجرد تسمية فارسية أُطلقت على الأحواز، شأنها شأن أيَّ تسمية فارسية تُطلق على دولةٍ أُخرى مِن دولِ العالم، لذا فلا نفور، ولا إشمئزاز  إنساني، أو عربي، أو أحوازي مِنها. 

الحُقبة الثانية: تمثل مرحلة مِن أسوأِ المراحل في التاريخِ الإنساني، بدأت سنة 1925بثنائيةِ: المؤامرة والاحتلال العسكري للأحواز العربية، اشتركت بهِما من حيث التخطيط المُبكر والتنفيذ الفعلي: بريطانيه حيث كانت تُسمى وقتئذٍ بالعُظمى، وإِيران الفارسية بعد أن توج عليها رضا خان( ).

الرحالة والجغرافي "المقدسي"، تغزّل بجغرافيةِ إقليم الأحواز، بعبارةٍ جميلة رائعة، تضمّنت: "أرضهُ نحاس، نباتها ذهب"، وهي عبارة جمعت، بين:

 ثنائية: البلاغة، والشمولية.

وثنائية: الجغرافيا والإقتصاد.

فبيّن أسس الثنائية الأخيرة، وذكر "وفرة مياهه"- أي وفرة مياه إِقليم الأحواز- و"تنوع زراعة محاصيله ووفرتها"..، ثم بيّن الحرف والصناعات التي ميزت عدداً مِن مُدنهِ، فعرج على ذكرِ مدن "تستر، وعسكر مكرم، والأحواز، والسوس"، ثم نبّه بوقتٍ مُبكر، أن أرضه تحوي على الثروةِ المعدنية المهمة، مُشخصاً بالذاتِ: "النفط والقار".

ثم ينتقل إلى بيانِ ثنائية ثالثة، هي: "ثنائية التاريخ والعلم": فيُبين المعارك الطاحنة التي جرت على أراضيهِ –أي أراضي إِقليم الأحواز- خلال حقبة الفتح الإسلامي، ومعارك الخوارج وثورة الزنج..، ثم يُبينُ منزلة العلم فيهِ، بحيث أنهُ لا تخلو كُورة مِن كُورهِ مِن إِنجابها لـ: فقيهٍ، أو مُحدِّثٍ، أو عالمِ، أو..، وبالتالي انعكس ذلك على "المستوى العلمي المُتقدم" لسكنةِ الإقليم، وجراء كل ذلك، كان خراجهُ المالي ذا أهمية لدى الخليفة لوفرتهِ.

 الوصف أدناه الذي يقرب إلى الحالةِ النموذجية، التي يطمح أيَّ سكنة إقليم، أن يكون إقليمهم بمثلِ ذلك، كان عليهِ إقليم الأحواز وقتئذٍ، فلنقرأ النص المقدسي الذي حوى ذلك وغيره: « هذا إِقليم أرضهُ نحاس، نباتها ذهب، كثير الثِمار، والأرزاز والقصب، وفيهِ الإِنجاص، والحبوب، والرطب، والأترنج الفائق، والرُمان، والعنب، نزيه طيب، أنهارهُ عجب، بزه( ) الديباج والخز( )، والرقاق مِن القطنِ والقز، معدن السكر، والقند( )، والحلواء الجيدة، وعسل القطر، بهِ تستر التي اسمها في المشرقين، والعسكر التي تميز الدولتين، والأهواز المشهور في الخافقين، وبَصِنَّا التي ستورها في الدنيا، إِلى سدرة المُنتهى، ومثل خز السوس لا ترى، ومع هذا بهِ معادن النفط والقار، ومزارع الرياحين والأطيار، ثم واسطة بين فارس والعراق، بهِ كانت وقائع الإسلام، وثم معارك القوم، وقبر دانيال، لا يخلو مِن فقيهٍ وأستاذ، ولا في الثمانيةِ أفصحَ منهُم لُغات، بهِ الدواليب الظريفة، والطواحين الغريبة، والأعمال العجيبة، والخصائص الكثيرة، والمياه الغزيرة، دخلهُ كان يُعضد الخليفة، ولهُ أثين وطيبة، لم يطب لي في الثمانية غيره».( )

ويعدُّ، الوصف المقدسي أعلاه، من أكثر الأوصاف، شمولية، ودقة، وردت في حق إِقليم الأحواز العربي، حيث جمع في وصفه، بين طبيعة الأرض الأحوازية، فسطحها زراعة، وصناعة، وباطنها ثروات نفط وقار.

لم يقتصر وصف إِقليم الأحواز الإيجابي على "المقدسي"، بل نحا نحوَهُ "الإدريسي"، الذي وصف بدورهِ الطبيعة الجغرافية لإِقليم الأحواز، وصفاً بديعاً، بقولهِ: «وأرض خوزستان هذهِ أرض وطيئة، حسنةٌ ثرية، موضعها فسيح، وهواؤها صحيح، وهي سهلة الأرجاء، كثيرة المياه، وبلادها كثيرة عامرة».( ) ثم يعود في مكانٍ آخر مُؤكداً: «وأرض خوزستان كلها سهول، وأرضها رمل، وليس بها شيء مِن الجبال، إِلا ما كان بنواحي تستر، وبالجملة إِنها كلها سهول، وفِجاج غير عالية».( )

ويصف أيضاً "القزويني" الأحواز، بقولهِ: «ناحية بين البصرة وفارس، ويُقال لها خوزستان، بها عِمارات، ومياه، وأودية كثيرة، وأنواع الثِمار، والسُكر، والرز الكثير».( )

ويذهب "الحلبي" إلى وصفِ: «أرض خورستان: وهي مِن بلادِ الجبال، وهي أرض سهلة معتدلة الهواء، كثيرة المياه، واسعة الخير والخصب، وبها مدن كثيرة، وقرى عامرة.

ومِن مُدنها المشهورة الأهواز، وهو القطر الكبير الواسع، المعمور النواحي، وهي قاعدة هذه المملكة، وبها أرزاق، وخيرات زائدة الوصف، وبها تعمل الثياب الأهوازية التي لا نظير لها في الدنيا، وكذلك البسط والحلل والستور وملابس ومراكيب الملوك، وبها يصنع كل نوع غريب».( )

ويُبين في مكانٍ آخر، أن: « الأهواز: مِن خصائصها أن بها ثلاثة بلاد، كل واحدة منها مخصوصة بشيءٍ لا يوجد مثله في البلاد، منها عسكر مكرم الذي لا يكون أحد يقاومه؛ ومنها السكر الذي لا يعادلهُ شيء في الدنيا طيباً وكثرة؛ ولا يكون إلا بها، ومنها تستر التي بها طراز الديباج الفاخر، وهو موصوف مع ديباج الروم. ومنها السوس التي بها طرز الخز النفيسة الملوكية».( )

سمات المدح الجغرافية أعلاه تُؤكد الخير الوفير الذي يعيشه شعب الأحواز وقتئذٍ، الذي سلبهُ منهُ الاستعمار الفارسي المُعاصر، حيث سعى قسراً إلى تحويلِ تلك السمات الجغرافية الخصبة، إلى سماتِ جدب وجفاف، نتج عنها أضرار جسيمة، عانى ولا زال يُعاني منها الشعب الأحوازي، تحت مظالم ذلك الاستعمار المُتجرد مِن الإنسانية، والمتشبث بالعنصرية.

ما ورد آنفاً، انعكس بلا شك على تنوع الزراعة الأحوازية، الذي يُعدُّ شكلاً مِن أشكالِ التكامل الزراعي، بمعنى أن كل مدينة مِن مُدنِ الأحواز تقريباً، مشهورة بزراعةِ نوع مِن الحاصلاتِ الزراعية، فمنها ما هو مشهور بزراعةِ الحبوب "الحنطة والشعير"، أو زراعة السكر، أو الرز، أو الباقلاء، أو الثمار المُختلفة الأنواع..، بحيث أن شعب الإِقليم يُحقق الاكتفاء الذاتي، بإنتاجِ ما يحتاج إليهِ في معيشتهِ اليومية، مِن دونِ الحاجة إلى استيرادها مِن الخارجِ، وهذا ما شخّصهُ بوقتٍ مُبكر جداً، كثير مِن الرحالةِ والجغرافيين والمؤرخين،

فهذا "ابن الفقيه الهمذاني"، ينقل ما قيل عن الأحواز: «قالوا: ولنا السكّر وأنواع التمر. وهم أحذق الأمة في إيجاد أنواع السكر، ثم الأهواز وما قد خصوا بهِ وأعطوا من أنواع السكر، وكثرة التمور».

أما الرحالة "الأصطخري"، فبيّن الحاصلاتِ الزراعية المنوعة، التي تشتهر بها كل مدينة مِن المُدنِ الأحوازية، ذاكراً إِياها بالأسم، فيقول: «وأمّا ثمارهم وزروعهم فإِنّ الغالب على بلاد خوزستان مِن الأشجارِ النخل، ولهُم عامة الحبوب من الحنطةِ والشعير والباقلاء، وأكثر حبوبها بعد الحنطة والشعير الأرز، فيخبزونهُ، هو لهم قوت، وكذلك في رستاق العراق، وليس مِن بلدٍ ليس بهِ قصب سكر مِن هذهِ الكور الكبار، ولكن أكثر ما بها مِن السكر بالمسرقان، ويقع جميعه إلى عسكرِ مكرم، وليس بعسكرِ مكرم في القصبةِ كثير سكر، وكذلك بتستر والسوس فإِنهُ يتخذ منهُ السكر، والقصب في ساير المواضع، إِنما هو للأكلِ دون أن يتخذ منهُ السكر، وعندهم عامة الثمار لا يكاد يُخطئهم إِلا الجوز، وما لا يكون إِلا ببلاد الصرود..».

ويُبين "االإدريسي"، تنوع المحاصيل الزراعية في المُدنِ الأحوازية، فهو يُعمم خير الزراعة على مُدنِ الإقليم، فيقول: «وفواكههم كثيرة إلا الجوز، فهو عندهم قليل.. وخوزستان مدينة حسنة عامرة بسوقٍ، وحصن منيع، ولها رستاق كبير، لهُ غلات مُفيدة.. ودستنبوي تستر، وقصب السوس، ورطب نهر تيري في غاية الجودة».

"القزويني"، بيّن أيضاً تنوع المحاصيل الزراعية، وذكر منها: «وأنواع الثمار، والسكر، والرز الكثير».

وقد وصف أيضاً الرحالة البريطاني "لسترنج" تنوع محاصيل إقليم الأحواز، قائلاً: «أما إِقليم خوزستان، فهو في جنوبِ ماذي وشرق العراق، على جانبي المجرى الأسفل لنهر كارون، أي دجيل وفروعه العديدة، كان هذا الإِقليم عظيم الخصب، وافر الخير.. ولوفرة مياههِ زكت غلاته أرضه.. الحويزة وقد وصفها المستوفي في المئةِ الثامنة (الرابعة عشرة) فقال هي مِن أزهرِ مُدن خوزستان، يكثرُ فيها القمح، والقطن وقصب السكر».

التنوع آنف الذكر، تناولتهُ "بعثة لوريمير البريطانية" أيضاً، حيثُ تناولت بيان التنوع في المحاصيل المنتجة في إقليمِ الأحواز، ثم بين آليات الري، ومِمّا ذكرتهُ بهذا الخصوص: «عربستان بلاد خصبة ومُنتجة، وتنّوع محاصيلها كبير جداً، إِن القمح والشعير هُما الأوسع انتشاراً في توزيعهما، لكن الأرز، والقطن، والسمسم، والفاصولياء تُزرع في عددٍ مِن المُقاطعات، وتنتجُ بعض الأماكن بذر الكتان والذرة، والدخن وأنواعاً مُختلفة من حبوبِ القطاني.

أما المحاصيل الخاصة، فهي النيلج في مُقاطعة ديزفول [قنطرة القلعة]، والأفيون والبهار في مُقاطعةِ شوشتر [تستر]، والتبغ في العقيلي والراموز، وتشتمل الخُضر على الخسِ، والبندورة، والخيار، واللوبياء، والثوم والبصل يُمكن الحصول عليها كلها في مُقاطعةِ شوشتر.. وتُعدُّ مُقاطعتي ديزفول والراموز مِن أفضلِ المُقاطعات المُنتجة للفاكهة.

تناول أيضاً مُعظم الرحالة، والجغرافيين وغيرهم، بيانِ ما تنتجه كُل مدينةٍ مِن مدنِ إِقليم الأحواز العربي، وقد تتبعنا ما ذكروه، ثم وثقنا ما تنتجه زراعياً كل مدينة، ومنها الآتي:

- مدينة السوس:

أجمعَ مَن ذكرها على إِنتاجها السكر، فالمقدسي ورد لديهِ: «فأما السوس: فإِنها كورة مِن تخومِ العراق، وحدّ الجبال، بها مزارع الرز، والأقصاب، ويُطبخ بها سكر كثير..»،

ويُؤكد "الإدريسي"، أن: «السوس.. وهي مِن بلادِ السكر، ويُصنع بها منهُ كُلَّ شيء كثير، ويتجهز بهِ إِلى كُلِّ الآفاق، ويصل فاضلهُ إلى أقصى خراسان، ويُنسب إِليها، ويُصنع بها من الخزِ العتيق كل جليلة، وبها فواكه كثيرة، ولها بساتين، وجنات، ونخل، وقصب كثير»،

ويذكر "ابو الفداء"، أن: «السوس: مدينة بخوزستان، ولها بساتين وفيه تنج كالأصابع».

- مدينة رامهرمز:

أجمعَ مَن ذكرها على نفي إِنتاجها السكر، ولكنها مشهور بالنخل، فالمقدسي يقول: «وأما رامهرمز.. كثيرة النخيل، والزيتون، والحبوب، لا حظ لها في السهلِ إِلا اليسير، ولا مزارع فيها لقصبِ السكر، ولا يبلغ إِليها أنهار الإِقليم، ولهُم نهر على حدة»،

ويُضيف "الحموي"، أن: «رامهرمز مِن بينِ مدن خوزستان تجمع النخل والجوز والأترنج، وليس ذلك يجتمع بغيرها من مدن خوزستان»،

ويُضيف "ابن بطوطة": «ثم وصلنا مدينة رامز، وهي مدينة حسنة ذات فواكه، وأنهار»،

ويذكر الرحالة البريطاني "لسترنج" رُبما ما لم يذكرهُ مَن سبقه: «مدينة رامهرمز.. وفي المئة الرابعة (العاشرة) اشتهرت هذهِ المدينة بدودِ القز، وبالإِبريسم الذي يُحمل منهُ إلى سائرِ الآفاق».

- مدينة جندى سابور:

"الإِصخري" وغيره أكدوا، أن: «جندى سابور: مدينة خصبة واسعة الخير، وبها نخل وزروع كثيرة، ومياه»،

ويضيف المقدسي"، أنهُ: «يُطبخ بها سكر كثير..، أنها كثيرة السكر، وسَمِعتُهم يذكرون أن عامة سكر خراسان والجبال منها،.. ولهم نهران، وطرز كثير، وضياع جليلة، ومزارع الأرزار والرخص والخيرات»،

ويُضيف "الحموي"، أنها: «مدينة خصبة واسعة الخير، بها النخل، والزروع، والمياه»،

وكذلك "الإدريسي"، أنهُ بها: «خصب، وفواكه، وأسواق جامعة لضروبٍ مِن البضائع نافقة المتصرفات».

- مدينة تستر:

"المقدسي"، عدَّها: «كورة كثيرة الفواكه، والأعناب، والأترنج والثمار، عامتها تُحمل إلى الأهواز والبصرة.. تستر: ليس بالإقليم أطيب، ولا أحصن، ولا أجلَّ مِن هذهِ، يدور حولها النهر، ويحدق بها البساتين والنخل.. جمعت بين الأضداد، وفاقت البلاد، واشتهرت في العباد، وهي التي قيل إنها جنّة ترعاها الخنازير، ولا تسأل عن الفواكه والخيرات، ولقد استطبتُها واستحسنتُها، ترى أسواقاً سوية.. وكثيراً ما يضل في أسواقها الغريب..»،

ويذكر "ابن بطوطه" ما لم يذكره مَن سبقه، قائلاً: «ثم وصلتُ إلى مدينةِ تستر، وهي آخر البسيط مِن بلادِ أتابك، وأول الجبال، مدينة كبيرة، رايقة نضيرة، وبها البساتين الشريفة، والرياض المنيفة، ولها المحاسن البارعة، والأسواق الجامعة، وهي قديمة البناء افتتحها خالد بن الوليد، ووليّ هذه المدينة ينسب إلى سهل بن عبد الله ويحيط بها النهر المعروف بالأزرق وهو عجيب في نهاية مِن الصفاءِ شديد البرودة في أيام الحرّ، ولم أر كزرقتهِ إلا نهر بلخشان».

- المسرقان وجبّى:

"الإِصطخري" وغيره، ذكروا أن لرطبِ المسرقان ميزة غير موجودة في البُلدان الأخرى، فـ:«المسرقان خاصّة فإِنّ بها رطباً يسمّى الطّنّ، يُقال إنّ ذلك الرطب إِذا أكلهُ الإِنسان، وشرب عليهِ ماء المسرقان لم تخطئه الحمّى»،

ويُؤكد الإدريسي، أن: «أكثر شجرهم النخل،.. وعِندهم مِن الحنطةِ والشعير الشيء الكثير، وسائر أنواع الحبوب موجودة بها، وأكثر الحبوب عندهم الأرز، وهُم يطحنونه، ويتخذون منهُ خبزاً يأكلونه، ويُفضلونه على الحنطة، وبالمسرقان من غلاتِ القصب الشيء الكثير، الذي يفوق ما بسائرِ الآفاق مِن ذلك».

"أبو الفداء"، يصف ما عليهِ كورة: «جبّى: مدينة ورستاق عريض مشتبك العمارة مِن النخيلِ وقصب السكّر وغيرهما مِن الفواكه، ولأهلها رفاهة وخصب»،

ويذكر "أبو الفداء"، أنها: «مدينة كثيرة النخل، وقصب السكر».

 

أود تنبيه القارىء الكريم، إِن شاء الإطلاع على التفاصيل الدقيقة لما ورد أعلاه، وغيرهُ الأكثر، فلينظر كتابنا الذي صدر بعنوان: ثروت الحنكاوي اللهيبي، عروبة الأحواز في الجغرافية التاريخية والمعاصرة، دار دجلة ناشرون وموزعون، الأردن، عمان، شارع الملك حسين، مجمع الفحيص التجاري

وسوم: العدد 834