الأتراك والسوريون شعبان بروح واحدة
بعد إعلان إلغاء السّلطنة العثمانيّة تعرّض المسلمون في تركيا لاضطهاد مريع هاجر كثير منهم تحت وطأته فرارًا من القتل والحبس والظلم.
هاجر آلاف الأتراك حينها إلى سوريا، ووصل كثيرٌ منهم إلى دمشق، واستقرّوا في ثلاثة أحياء رئيسة هي:
حيّ المهاجرين، وكان من بين القاطنين فيه ابنة السلطان عبد الحميد الثاني وأحفاده.
واستقرّ بعضهم في حيّ الصالحيّة بينما أقام البقيّة في حيّ ساروجة.
لم يشعر الأتراك الذين هاجروا إلى سوريا فرارًا من الظلم والاضطهاد إلّا بحبّ أهل سوريا ودمشق يغمرهم، وصاروا من أهل البلد لا فرق مطلقًا بينهم وبين أحد من قاطنيه الأصليّين.
بل إنّ أحدًا اليوم لا يستطيع التمييز بينهم وبين أهل دمشق لا في لهجتهم ولا عاداتهم ولا طبائعهم، فقد امتزجوا بأهل دمشق وامتزج بهم بهم أهل دمشق امتزاج الأخ بأخيه وتزاوجوا وتصاهروا وصاروا عائلةً واحدةً بما تحمله هذه الكلمة من حقيقة بعيدًا عن الشعارات الفارغة.
عاش الأتراك في سوريا عشرات السنين وما تذمّر منهم أهلها ولا ضاقوا بهم ذرعًا، بل إنّهم كانوا لهم أهلًا وكانت سوريا لهم سهلًا على الحقيقة لا المجاز.
ولا يستحقّ السّوريّون اليوم معاملةً أقلّ من تلك التي عاملوا بها إخوانهم الأتراك؛ فقد كان السوريون أكرم النّاس مع إخوانهم الأتراك حين لجؤوا إليهم فرارًا من الظلم والعدوان، وكانت سوريا من أقصاها إلى أقصاها موطنًا ومأمنًا لهم؛ فهم والله أصحاب الفضل الأسبق، والسّابق بالفضل لا يدركه اللّاحقون.
وسوم: العدد 834