أُمَّتُنَا الإسْلَاميَّةُ وَاحِدَةٌ بِرَغْمِ جِرَاحِهَا الكَبيرةِ, ومَكَائِدِ أعدائِها الكَثيرةِ
كَلِمَةٌ وقَصِيدَتَانِ
قصيدتان عن الوحدة الإسلامية للشاعر الإسلامي محمد مُنلا غُزَيِّل ت2016م
*قبس من نور كتاب الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم
1- قال الله تعالى: {إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون*}. الأنبياء 92.
2- وقال عز شأنه: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تَفرَّقوا...*}. آل عمران 103.
3- وقال سبحانه: {واطيعوا الله ورسوله لا تَنازَعوا فتفشلوا وتذهب رِيحكم(1) واصبروا إن الله مع الصابرين*}. الأنفال 46. *شذرات من الحكمة النبوية:
1- وقال سيدنا وقرة أعيننا وحبيبنا وقائدنا إلى الأبد سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم: "مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطفهم, مثل الجسد إذا اشتكى منه عُضوٌ تَداعى له سائرُ الجسَدِ بالسهر والحُمَّى" متفق عليه عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما. "رياض الصالحين للنووي 123 برقم 224".
2- وقال عليه الصلاة والسلام أيضا: "المؤمن للمؤمن كالبنيان, يَشُدُّ بعضُه بعضًا", وشَبَّكَ بين أصابعِه. رواه البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. "صحيح البخاري 488 برقم 2446".
3- وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "عليكم بالجماعة, وإيَّاكم والفُرْقَة؛ فإن الشيطان مع الواحد, وهو من الاثنين أبعد, من أراد بُحْبُوحَةَ الجَنَّة(2) فليلزم الجماعة". رواه الترمذي والنسائي وأحمد عن عمر رضي الله عنه. "موقع الدُّرَر السَّنِيَّة علوي السقاف, على الشابكة".
4- وقال عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم: "ما من ثلاثة..., فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئبُ من الغنم القاصية"(3).رواه أبو داود بإسناد حسن. "رياض الصالحين للإمام النووي 454 رقم 1070".
5- وقال عليه الصلاة والسلام: "إن الله تعالى لا يجمع أمتي على ضلالة, ويَدُ اللهِ على الجماعة, ومن شَذَّ شذ إلى النار". رواه الترمذي بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما. "الجامع الصغير 138 برقم 1818".
6- وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "الجماعة رحمة, والفُرْقَةُ عَذابٌ". رواه أحمد والطبراني والبيهقي بسند صحيح عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما. "مقالة للدكتور حسام الدين السامرائي في "موقع الألُوكة" عنوانها عين الحديث المذكور, على الشابكة".
*قِصَّة وتَجرِبة عربيَّتان فيهما حِكْمَةٌ بالغة عن قوة الوحدة, وضعف التفرُّق:
- حين اقتربت وفاةُ القائد العربي الشجاع الشهير المُهَلَّبِ بن أبي صُفْرَة - ظالِم بن سَرَّاق- الأزدي ت 82هـ(4)-"الذي كان من رؤساء جيش الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان"- : حين اقتربت وفاته جمع أبناءه السبعة ونصحهم, ثم أمرهم بإحضار رماحهم مجتمعة, ثم أعطاها لهم واحدًا واحِدًا ليكسروها مبتدئا بأصغرهم؛ فلم يقدروا. فقال لهم: فرِّقُوها وليتناولْ كل منكم رُمْحَهُ ويكسره, فكسروها بسهولة؛ وعندها قال لهم: اعلموا أن مثلكم مثل هذه الرماح؛ فما دمتم مجتمعين ومؤتلفين يَعضُدُ بعضكم بعضا, لا تنال منكم أعداؤكم غرضا, أما إذا اختلفتم وتفرَّقتم فإنه يضعُف أمركم, وتتمكَّن منكم أعداؤكم, ويُصيبكم ما أصاب الأرماح.(5)
*وأنشد بمعنى القصة السابقة أميرُ العرب وجوادُهم المشهور معن بن زائدة الشيباني ت 152هـ(6)- لله دره- قائلا:
كُونُوا جَميعًا - يا بَنِيَّ- إذا اعتَرَى خَطْبٌ , و لا تتفرَّقوا آحادا(7)
تأبى الرِّمَاحُ إذا اجتمعنَ تَكسُّرًا وإذا افترقنَ تكسَّرت أفرادا(8)
*مَوقِفٌ لِعالمٍ ربَّانِي: يُحكى عن الداعية الرباني الشيخ الشهيد حسن بن عبد الرحمن البَنَّا ت 1949م؛ أنه زار بلدا في رمضان فذهب إلى أحد مساجده ليصلي فيه صلاة التراويح فوجد المصلين فيه يتنازعون حتى كادوا يقتتلون, وأتى المُتنازِعون فسألوه فلم يُجبهم, لكنه سألهم عن حُكم صلاة التراويح أهي سُنَّة أم فريضة؟ فقالوا كلهم: بل هي سنة. فقال لهم: والأخُوَّة بين المسلمين واتِّحَاد كلمتِهم: سنة أم فريضة؟ قالوا جميعا: بل هي فريضة. قال لهم: كيف تَهدِمُون فريضة من أجل سنة؟! خير لكم أن تدَعوا صلاة التراويح نهائيا في المسجد, وتحتفظوا بأخُوَّتِكم سَلِيمَةً, بَدَلَ أن تُصَلُّوا ويَضرِبَ بعضُكم وُجُوهَ بعض.(9) *القصيدتان: أما القصيدتان اللتان اخترتهما عن الوحدة الإسلامية وفرضيتها وضرورتها؛ فهما قصيدتان جميلتان طريفتان من مجزوء البحر الوافر وقد نُشِرَتا في مجلة "حضارة الإسلام" الدمشقية سنة 1977م؛ الأولى "7 أبيات" للشاعر الإسلامي الكبير المنبجي المعروف محمد منلا غزيل (1936- 2016م) وهي في ديوانه بعنوان: "هوامش نقشبندية على اوراق وهابي"؛ وهي مقدمة شعرية لقصيدة له في الموضوع نفسه, والثانية معارضة لها "9 أبيات" لمفتي الباب الأسبق الشيخ محمد سعيد بن محمد المسعود (1907- 1977م), تغمدهما الله بواسع رحمته.
وقد سمعتهما من الاستاذ محمد منلا غزيل - رحمه الله- أكثرمن مرة, كما رأيتهما مكتوبتين مطبوعتين على ورق مُقَوَّى"كرتون", ومُعلَّقتين في"جامع الشهداء" بالباب, قبل زُهَاءِ رُبع قَرْنٍ, وهما مشهورتان جدا بين كثير من أهل الأدب عامة في سورية وغيرها, ولا سيما في كل من حلب ومنبج والباب وأريافها.
*وإلى القصيدتين الآن:
بِبَالِغِ فَرْحَةِ الرِّفْقَةْ و خَالِصِ لَوْعَةِ الحُرْقَةْ (10)
يَبُثُّ غُزَيِّلٌ شَوقَه إلى التوحيدِ ؛ لا الفُرْقَةْ
و يَنسُجُ من هَوَامِشِه - على عِلَّاتِها - خِرْقَةْ (11)
يُطَرِّزُ "نَقْشَبَنْدِيًّا" - على أفْوَافِهَا - ذَوقَهْ (12)
فبُشرى لِلأُلَى لَمَحُوا سَنَا تِبْيَانِهِ ؛ بَرْقَهْ (13)
و شامُوا البَرْقَ شامِيًّا وعافُوا غَرْبَهُ , شَرقَهْ (14)
مُهَاجَرَةً . . مُنَاصَرَةً و رازَ - ذَكِيُّهم - حِذقَه (15)
**************
و يَحبُوها "رِفَاعِيًّا" صَفَاءَ الجَوِّ ذِي الزُّرْقَةْ (16)
و مِن "جَيلانَ" يُعطِيها جَمَالًا ؛ زادَها رِقَّةْ (17)
جِهادُ "الشَّاذِلِيِّ" أتَى لِيَسْكُبَ - فَوقَها - وَدْقَه (18)
و بـ "السلفية" المثلى أتَتْهَا رَوْعَةُ الدِّقَّة (19)
تَآخَى الكُلُّ فِي الإسلا مِ ؛ كَيْلَا تَبْعُدَ الشُّقَّة (20)
فَلا تَهِنُوا أيَا أعْلَو نَ, ولْتَقْضُوا عَلى الفُرْقة (21)
فكُلُّ مَبَادِئِ الأعْدَا ضَلَالٌ ؛ فاغِرٌ شِدْقَهْ (22)
لِيَبلُغَ مَجْدَ أُمَّتِنَا و يِبنِيَ صَرْحَهُ فَوقَهْ (23)
فَإنْ لَم نَتَّحِدْ ضِعْنَا و ضَاعَتْ فُرْصَةٌ حَقَّةْ (24)
**************
*الهوامش
(1) أي: ولا تختلفوا فيما بينكم , فتَجْبُنوا وتَضعُفوا فتذهب قُوَّتُكم وبأسُكم ويَفُوت النصر."التفسير الوجيز للدكتور وهبة الزحيلي الموسوعة القرآنية 184, بتصرف".
(2) بحبوحة الجنة: وسطها وخيارها, المعجم الوسيط 39, بتصرف.
(3) القاصية: البعيدة الشاذة عن معية رفيقاتها.
(4) تهذيب سير أعلام النبلاء للذهبي. لأحمد فايز الحمصي 1/ 153, ترجمة المهلب بن أبي صفرة برقم 532.
(5) المفرد العلم في رسم القلم. للشيخ أحمد الهاشمي, ص: 77, بتصرف.
(6) تهذيب سير أعلام النبلاء للحمصي 1/ 251 ترجمة معن بن زائدة رقم 1057.
(7) اعترى: أصاب, طرأ. *خطب: مصيبة.
(8) مجمع الحكم والأمثال في الشعر العربي. للأستاذ أحمد قبش, ص: 542.
(9) عن مقالة للشيخ يوسف القرضاوي في "فيس بوك", بعنوان: "حسن البنا نموذج في التربية الوسطية", على الشابكة, بتصرف.
(10) الرفقة: بضم الراء وكسرها, الرفقاء؛ الأصحاب والجماعة المترافقون, المعجم الوسيط 362, بتصرف. *اللوعة: الحزن والهم والمرض, الوسيط 846.
(11) علاتها, خرقة: أمراضها, ضعفها؛ الملاحظات عليها"وهي خرقة الصوفية"؛ حيث لم تثبت أحاديثها.
(12) نقشبنديا: إشارة إلى الطريقة النقشبندية المعروفة, وهي منسوبة إلى العالم الشيخ محمد بن محمد الاويسي البخاري؛ "بهاء الدين شاه نقشبند" ت 791 هـ . "السلسلة الذهبية للشيخ عثمان نوري طوباش ص: 225, 247,الحدائق الوردية للشيخ عبد المجيد الخاني 180, بتصرف". *أفواف: ثياب رقاق موشاة"مزخرفة" مخططة. الوسيط 706, بتصرف.
(13) الألى: الذين. *لمحوا: رأوا. *سنا: نور.*تبيانه: بيانه, كلامه الواضح الجميل.
(14) شاموا: أبصروا. *عافوا: كرهوا وتقذروا فتركوا. معجم متن اللغة للشيخ احمد رضا 4/ 247, والمعجم الوسيط 640, بتصرف.
(15) راز: جرب واختبر. *حذقه: مهارته.
(16) يحبوها: يعطيها, يقربها. *رفاعيا: نسبة إلى الطريقة الصوفية الشهيرة نسبة إلى سيدنا الإمام العارف الرباني المتمسك بالسنة الشيخ أحمد بن علي الرفاعي ت 578هـ , "تهذيب سير أعلام النبلاء للذهبي 3/ 95- 96 برقم 5221, بتصرف". *صفاء الجو ... : كصفاء... .
(17) جيلان: بلد الإمام والعارف بالله الشيخ عبد القادر بن عبد الله الجيلي "والجيلاني" الحنبلي ت 561هـ , "تهذيب سير أعلام النبلاء 3/ 58- 59 رقم الترجمة 5103, بتصرف".
(18) الشاذلي: هو أبو الحسن علي بن عبد الله, الإمام الزاهد, صاحب الطريقة المعروفة, نسبته إلى شاذلة قرب تونس, فقد نظره لكثرة مطالعته, توفي بالإسكندرية سنة 656هـ , تاريخ ابن الوردي"تتمة المختصر"2/195, معجم أعلام المورد لمنير البعلبكي 254, بتصرف. *الودق: المطر.
(19) السلفية المثلى: المعتدلة؛ كما يقول الشيخ عصام البشير حفظه الله: "لا نريد صوفية تشطح, ولا سلفية تنطح".
(20) الشقة: السفر والمسافة البعيدة, الجفاء والتقاطع والتباعد.
(21) لا تهنوا: لا تضعفوا ولا تذلوا بتفرقكم وبعدكم عن بعض. *أيا أعلون: في هذا النداء وفي البيت كله إشارة إلى قوله تعالى: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الاعلون إن كنتم مؤمنين*} آل عمران 139.
(22) فاغر شدقه: فاتح فمه يريد ابتلاعكم والقضاء عليكم.
(23) الصرح: القصر والبناء العالي. المعجم الوسيط 511.
(24) ينظر: الربانيون الثلاثة للشيخ زكريا المسعود 414- 415. و: من أعلام الطريقة النقشبندية للشيخ زكريا المسعود 2/ 407, 416- 417. و: الأعمال الشعرية الكاملة للأستاذ الشاعر محمد منلا غزيل ص: 242.
*المراجع
8- الأعمال الشعرية الكاملة. للشاعر محمد منلا غزيل, وهو يشمل دواوينه الستة:
1- "في ظلال الدعوة", 2- "الصبح القريب", 3- "الله .. والطاغوت",
4- "طاقة الريحان", 5- "البنيان المرصوص", 6- "اللواء الأبيض",
ط2, دار عمار- عمان - الأردن, 1403- 1983م.
*وقصيدة الهوامش في ديوانه هذا ص: 242.
9- المفرد العلم في رسم القلم. للشيخ أحمد بن إبراهيم الهاشمي ت 1943م, تحقيق د. محمد أحمد قاسم, ط 1؟ المكتبة العصرية - صيدا, بيروت, 1423هـ - 2003م.
10- مجمع الحكم والأمثال في الشعر العربي. للأستاذ أحمد قبش, ط 3, دار الرشيد - دمشق, 1985م.
13- الحدائق الوردية في حقائق أجلاء الطريقة النقشبندية. للشيخ عبد المجيد بن محمد الخاني, ط2, دار آراس - مطبعة وزارة التربية, أربيل - العراق, 2002م.
14- معجم أعلام المورد. منير البعلبكي, ط1, دارالعلم للملايين- بيروت, 1992م.
16- مقالة للدكتور حسام الدين السامرائي في "موقع الألوكة" على الشابكة بعنوان: "الجماعة رحمة والفرقة عذاب".
17- مقالة للعلامة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي - حفظه الله- في"فيس بوك" عنوانها: "حسن البنا نموذج في التربية الوسطية".
18- موقع "الدرر السنية" للشيخ علوي السقاف, على الشابكة.
19- معلوماتي الشخصية.
وسوم: العدد 840