"مملكة الجبل الأصفر" بين الوهم والحقيقة
بداية نحمد الله أن قيام هذه الدويلة المزعومة ليست على أرضنا السورية التي تتصارع عليها ذئاب الأرض وضباعها من الشرق والغرب، وحتى دول الجوار وبعض المتصهينين العرب.
"مملكة الجبل الاصفر" أو "دولة الجبل الأصفر" أسمٌ تداولته وسائل الإعلام العربية والعالمية وصفحات التواصل الاجتماعي بشكلٍ كبير، لكن أسئلة كبيرة تدور في اذهان كل من تقع عينه أو سمعه على اسم الجبل الأصفر، إذ يتساءل الناس، ما هي مملكة الجبل الأصفر؟ وأين تقع تلك المملكة؟ ومن هو ملكها؟ ومن هو رئيس وزرائها؟ وعن سبب قيام تلك الدولة التي تحمل ذلك الاسم الغريب بعض الشيء؟ وخلال السطور التالية سنحاول الإجابة عن جميع تلك الأسئلة التي تساور الكثيرين.
تقع مملكة الجبل الأصفر في شمال شرق أفريقيا بين مصر والسودان ولا تتبع أي منهما، وتعادل مساحتها مساحة دولة الكويت، وأطلق عليها اسم الجبل الأصفر بسبب معلم مهم يوجد فيها وهو جبل لونه هو اللون الأصفر.
وأعلنت عن قيام هذه المملكة بشكل رسمي "نادرة ناصيف" التي عرفت نفسها برئيس وزراء المملكة، نيابة عن ملكها، وذلك لتواجده في مدينة أوديسا بأوكرانيا.
ونادرة ناصيف تحمل الجنسيتين الأمريكية والسعودية ولها مقالات وآراء كثيرة، كونها إعلامية وناشطة نسوية، وكانت تنتمي إلى حزب المستقبل الذي أعلن عن إنهاء علاقتها به؛ على الرغم من ادعائها المستمر لكونها هي مؤسسة الحزب.
وأجرت نادرة نصيف عشرات اللقاءات الصحفية بشأن العديد من الرؤى السياسية والاقتصادية والتنموية والنسوية، وهي ناشطة في مجال حقوق الإنسان، وتعتبر من أكبر الداعمين والمؤيدين لرؤية ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" 2030.
وتقلدت نادرة ناصيف رئاسة مجلس الوزراء في مملكة الجبل الأصفر، بهدف استقبال اللاجئين والمشردين من كافة دول العالم الذين لا يحملون جنسيات، بحسب قولها.
وتشيد ناصيف بوسطية الديانة الإسلامية حيث كتبت: "جاء دينُ الإسلام بالحنفية السمحة، ومن مظاهرها استيعاب التنوع العلمي، واحترام اجتهاده، والحوار الأخوي معه، والتماس العُذر له ما أمكن"، وعلى ما يبدو أن هذه المملكة ستكون دولة إسلامية، إذ تضع على رأس علمها "بسم الله الرحمن الرحيم".
وعلى الرغم من ولادة دولة الجبل الأصفر الحديثة، إن صحت المعلومات، إلا أنها لاقت دعماً كبيراً من دول عربية وإسلامية ودولاً أوروبية، وأسست مراكز مالية وتجارية ومؤسسات يمكنها تقديم الخدمات لسكانها، كما أشارت بعض التقارير الصحفية والإخبارية المتداولة وعلى صفحات التواصل الاجتماعي.
ويشير القائمون على هذه الدولة؛ أن سبب قيامها يتعلق بأزمة اللاجئين والمهاجرين حول العالم، حيث تريد تلك الدولة تجنيس أكبر عدد ممكن من اللاجئين والمهاجرين بجنسيتها، وذلك في ظل أوضاع النازحين في العالم؛ وخاصة العالم العربي.
ووفقاً لبيان رئيسة مجلس وزراء هذه الدولة، فإن أعضاء الحكومة فيها ينتمون لعدة دول عربية وإسلامية، ولديهم خبرات ومؤهلات كبيرة من شأنها نجاح مثل ذلك المشروع العالمي، وقد اكتمل تشكيل تلك الحكومة.
ويحمل علم مملكة الجبل الأصفر صورة النخلة بالإضافة إلى البسملة "بسم الله الرحمن الرحيم" ويظهر تشابه كبير بين علم المملكة العربية السعودية ومملكة الجبل الأصفر، لاسيما أن اللون الأخضر يملأ العلم، وعلى الهامش اللون الأصفر، وفي بيان قيام الدولة أعلنت ما تتحدث عنه السعودية دوما وهو خطة التنمية المستدامة 2030، مما يؤكد أن المملكة لها اليد الطولى في إنشاء مثل تلك الدولة لحل أزمات اللجوء والهجرة لحلفائها الغربيين والأمريكيين.
وتوقف مراقبون سياسيون، وخبراء قانون، أمام تداول مقاطع فيديو، وصور، وخرائط، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن تأسيس هذا الكيان السياسي الجديد، باسم "مملكة الجبل الأصفر"، بالقرب من حدود مصر والسودان، بينما اختلفت الآراء في جدية الإعلان، وأهدافه وتوقيته.
وبينما ذهب عدد من المراقبين إلى أن الإعلان يبدو أقرب إلى السخرية، في حين طالب آخرون بالتعامل معه بصورة جدية.
مصدر دبلوماسي مصري مسؤول قلل من أهمية الإعلان، وقال إن القاهرة لا يشغلها هذا الأمر على الرغم من الشبهات التي تحوم حوله، مضيفاً: "ليس صحيحاً أن تلك الأراضي تقع في منطقة ليست خاضعة للسيادة المصرية"، متابعاً أن "أي دعوة للاستيلاء على أي أراض مصرية فالقانون الدولي يضمن لمصر حقها في الدفاع عنها بقوة السلاح".
وأوضح المصدر، أنه حتى الآن ما تم الإعلان عنه "محاولات ليست جديدة، ولكنه ليس لها أي سند، أو وجود حقيقي على الأرض، وهي عبارة فقط عن تحركات إعلامية ليست لها أي قيمة".
وتابع أن "أجهزة مصرية رفيعة المستوى تتبعت أصول الشخصيات، من الذين يقفون وراء تلك الدعوة، وتعرفهم جيداً وتعرف حجمهم الطبيعي، لذلك لا يوجد قلق لدى القيادة المصرية من تلك الدولة المزعومة".
ومن تصريحات الدبلوماسي المصري نستشف أن هناك في الأفق على ما يبدو فكرة قيام مثل هذه الدويلة إن لم تكن قامت بالفعل، وقابل الأيام ستكشف لنا الحقائق.
وسوم: العدد 841