كل مراجعة للقانون الجنائي المغربي لا مناص لها من أخذ الشريعة الإسلامية بعين الاعتبار
تسيطر على الدعوات المطالبة بمراجعة القانون الجنائي المغربي الذي تعود صياغته إلى الستينات من القرن الماضي لعرضه على البرلمان قصد المصادقة عليه فكرة الدفاع عن الحقوق والحريات الفردية ، ومن ضمنها حرية ممارسة الجنس المتمثلة فيما يسمى المثلية والرضائية ، وما يترتب عن هذه الأخيرة من إجهاض، وهي كلها جرائم أخلاقية من منظور الإسلام ،الدين الرسمي للدولة وفق دستور 2011 .
ومعلوم أن الجهات المطالبة بهذه المراجعة أو هذا التعديل يرتكز مطلبها على هذا دستور2011 ، لكنها تتجاهل تنصيصه على أن الإسلام عقيدة وشريعة هو دين الدولة الرسمي ، ويبدو أنها تختزله في الجانب التعبدي دون الجانب التشريعي ،علما بأنهما متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر .
ولا يمكن بتاتا أن تقع مراجعة في القانون الجنائي من طرف فقهاء القانون دون حضور فقهاء الشريعة الإسلامية ، وذلك لمنع أي تناقض محتمل بين فقرات الدستور ، وهو تناقض من شأنه أن يجعل الأمة المغربية المسلمة طرائق قددا .
وتنصيص دستور 2011 على أن الإسلام هو دين الدولة الرسمي يعني أن التشريعات القضائية لا يمكنها أن تتعارض مع الشريعة الإسلامية ،لأن ذلك إن حصل سيعني الخروج المتعمد عن مقتضيات هذه الشريعة ،وهو أمر مرفوض بموجب ما نص عليه دستور تمت موافقة الشعب عليه ، ولا يمكن تعطيل فقرة من فقراته بشكل من الأشكال إلا إذا تمت موافقته على ذلك ، ولن يقبل الشعب المغربي أبدا التصويت على تعطيل فقرة منه تنص على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة .
إن التخلص من فكرة قصر الدين على الجانب العقدي دون الجانب التشريعي ، وهي فكرة تسيطر على أذهان الكثيرين خصوصا الذين يرومون استبدال شريعة الإسلام بشرائع وضعية من شأنه أن يجعل هؤلاء يقبلون الجلوس مع فقهاء الشريعة الإسلامية والاستفادة من خبرتهم من أجل إيجاد توافق بين فقه القانون الجنائي وفقه الشريعة.
معلوم أن القاعدة العامة التي يصدر عنها الشرع الإسلامي هي أن الأصل في الأشياء الإباحة ، وأنه لا يحرم إلا ما حرم الله عز وجل . ومعلوم أن ما حرم الله عز وجل يعتبر جرما يستوجب عقوبة عاجلة في الدنيا قد تسقط عقوبة آجلة مع التوبة ، وقد تجتمع العقوبتان معا إن لم تحصل التوبة أو لم تقبل ، والأمر في ذلك لله عز وجل .
وما يعتبره البعض ممن يريدون تقليد العالم العلماني في تشريعاته حقوقا وحريات فردية كالمثلية والرضائية والإجهاض يعتبر في شرع الله عز وجل جرائم بلغة القانون أو معاص بلغة الشرع . ومطالبة هؤلاء بإسقاط صفة الجرم عن هذه المعاصي في القانون الجنائي لبلد دينه الرسمي هو الإسلام تعتبر تجاسرا خطيرا على الله عز وجل الذي خص البشرية قاطبة برسالة خاتمة يحكم شرعها الناس جميعا إلى قيام الساعة .
والذين يزعمون أن هذه الرسالة قد انتهى دورها ، ولم تعد صالحة للبشرية في هذا الزمان والأزمنة المقبلة ينقضون ركنا من أركان الإيمان ،وهو الإيمان بالكتب المنزلة من عند الله عز وجل وآخرها رسالة الإسلام الخاتمة و الواجب الاعتقاد بأنها موجهة إلى الناس جميعا ليصح الإيمان وإلا فإنه ينقض ، هذا إذا كان هؤلاء يدعون الإيمان ، أما إن لم يكونوا كذلك فلهم أن يقولوا في هذه الرسالة ما يحلو لهم وما يشاءون، ولهم موعد مع خالقهم جل وعلا لن يجدوا من دونه موئلا .
وإذا كانت المطالبة بتغيير القانون الجنائي المتعلق بالتضييق على الحريات التي أباحه الشرع الإسلامي من قبيل حرية الرأي وحرية التعبير وما شابه فنعما هي ، والشعب المغربي مؤيد لها ، أما إذا أدرجت فاحشة قوم لوط ، وفاحشة الزنا ، وقتل الأجنة بالإجهاض ضمن الحريات والحقوق فبئست الحريات والحقوق هي.
ونختم بالتحذير من أية مغامرة قد يقع فيها فقهاء القانون أوالبرلمانيون وهم يقترحون تعديلات للقانون الجنائي دون استشارة فقهاء الشريعة وذلك بالخلط بين تلك الجرائم ، وبين الحقوق والحريات المشروعة ، وستكون العواقب وخيمة وردود الأفعال لا يعلم حدتها ولا خطورتها على هذا البلد الآمن المطمئن إلا الخالق سبحانه وتعالى.
وسوم: العدد 844