التربيع والتدوير في مقالي عن السفاح " شهيد القدس " !!!
نبهني أخ من أهل الحصافة أن بعضهم قد يجري مقالي عن فيلق القدس وبطله المجرم السفاح قاسم سليماني مجرى الجد ، الذي يضعني في النهاية في صفوف الذين لا يعلمون !! وقال الأخ الناصح إن هذا قد يلتبس على بعض من يقرأ مع أوصاف مدح قد تؤخذ على ظاهرها في بعض السياقات ؛ ولاسيما إذا قرئ المقال في ظرف متأخر عن ظرفه الذي نحن فيه ..
وللبيان فإنني بنيت المقال على أسلوب من أساليب البيان العربي في إبراز التضاد الصارخ بين الاسم والمسمى ، والموصوف والصفة ، للتنبيه على عظيم المفارقة وفحش الفرية ، حين يوصف المجرم السفاح بالبطولة ، أو ينسب الخبيث النجس النتن إلى القداسة على سبيل الوصف أو سبيل الإضافة !! رب ما أحلمك ، غر المفترين عليك في مدح أعدائك من القتلة والمجرمين حلمك عليهم !!
وعلى هذه الطريقة في البيان ، يخاطب القرآن الكريم أبا جهل وقد صار في قرارة العذاب " ذق إنك أنت العزيز الكريم "..فهذا الذي كان يدعي أو يُدعى له العزة والكرم يخاطب بها على سبيل المبالغة بالزجر والتقريع والمهانة ...
في عصر البيان العربي كتب الجاحظ رسالته في " التربيع والتدوير " التي بناها على عيب خَلقي في خصمه : القصر والسمنة ، وشبهه بالمربع تارة وبالدائرة أخرى ...ثم كرّ عليه في إظهار جهله بطرح جملة كبيرة من الأسئلة عليه ..
وأولع المتنبي بهذا الشكل من الصور البيانية حتى ليصدمك بالرؤوس التي ينثرها سيف الدولة فوق الأحيدب كما نثرت فوق العروس الدراهم . فينقلك من ساحة المجزرة بكل ما فيها من أشلاء ودماء ورؤوس مقطعة إلى ساحة العرس المخملية بكل ما فيها من نعومة وطيب ورخاء ..
ولقد هالتني على الحقيقة القدرة على النفاق وعلى الكذب التي تمتع بها بعض الناس وهم يضفون صفات الشهادة والبطولة مرتبطة بشرف القدس على قاتل سفاح مجرم والغ في أعراض المسلمات وفي دماء المسلمين على محور طنجة - جاكرتا ..
هالتني هذه القدرة الضخمة المدورة المربعة المكعبة المجسمة على النفاق الذي تحول إلى عذر وذريعة يجاهر بها ويتكأ عليها ليس في التربيع والتدوير بل في الشرعنة والتحليل ؛ تقول له كيف قال ؟! فيجيبك لا بد " لمسننات الماكينة من تزييت ..!!
كما هالتني جرعة المفرزات التي أطلقتها مجموعة من الناس في وقت معا ، وهم للعلم من عديد من بلاد العرب والمسلمين ، فما صدر عن أجربة الكذب وكُنُف النفاق ، والكُنُف جمع كنيف ، شيء يفوق ما تتقبله طبائع النفوس دون غيثان ، وترفضه بدائه العقول ، وقيل لعربي من أين تعرف الكذب قال من كبره ..
أردت أن أسألهم في مقالي الصباح : إذا كانت القدس تملك هذا " الصلاح الدين " الممكن فلماذا ازدادت محنتها ؟ عتمتها ، وتمادت كربتها ؟!! ا
أردت أن أدمغ كل الحساسين ، جمع حسون ، وهو البوم القبيح ، عن حقيقة ما فعله السفاح المجرم الأثيم بأهل الإسلام مما يفوق أضعافا ما فعله نازي أو صهيوني من قبل ..
وأشفع كل ما قلت من عجبي بالقدرة على النفاق ، إن كان ما قيل نفاقا ، وأن نقول إن ما قيل هو بعض نفاق العمل أبلغ بالعذر ، لأنه إن كان ما قيل قد قيل مع القناعة على الحقيقة فهو ما يصعب عليّ تسمية حكمه في هذا السياق ..
أقول ونحن قوم قد تربينا على أن التصفيق حرام ، ونحن صغار ، واعتقدنا حرمته القطعية ، حتى وعينا ؛ وعندما كبرنا ووعينا أدركنا أن التصدية والتصفيق لا تليق بالكبار .
أحاول أحيانا أن أجامل صاحب يد أو أشكره أو أن أبالغ في شكره فلا أقدر ، مع حرصي ، على أكثر من شكرا وجزاك الله خيرا ..
أقول للأخ الذي نبهني ففتح لي باب القول : شكرا وجزاك الله خيرا..
وسوم: العدد 858