اعتماد ما يسمى بالمعايير الدولية عبارة عن دخول جحر ضب وراء أصحابها
من الأحاديث النبوية الشريفة المشهورة والتي تنهى عن تقليد اليهود والنصارى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم " قال أصحابه : اليهود والنصارى ؟ فقال : " فمن؟ ".
هذا الحديث الشريف نبوءة من نبوءات رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أخبر فيها عن بعض ما سيحل بأمته بعده . ومما أخبر به وهو وحي أوحاه الله عز وجل إليه أن الأمة المسلمة ستقع في تقليد من كان قبلها من يهود ونصارى في أحوالهم حتى يبلغ بها الأمر حد تقليدهم في أمور مخزية شبهها رسول الله صلى الله عليه وسلم بجحر الضب وهو من الزواحف يتخذ جحرا له مدخل ولا مخرج له خلاف كل المخلوقات التي تحفر جحورا بمداخل ومخارج ، فضلا عن كون حجره كريه الرائحة بسبب بوله .
ودخول مثل هذا الجحر يعني دخول نفق مسدود و في نفس الوقت منتن، الشيء الذي يعني الخسارة والضياع والمهانة والذلة . ونبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم كشفت عما سيصير عليه اليهود والنصارى من انحدار أخلاقي ستقلدهم فيه أمة الإسلام بسبب بعدها عن هديه صلى الله عليه وسلم ، فيفضي بها ذلك إلى وضع كارثي .
ومعلوم أن تقليد الأمة المسلمة في زماننا هذا لليهود والنصارى يتم عن طريق اعتماد والتزام واحترام ما يسمى بالمعايير الدولية والأصح أنها غربية يهودية ونصرانية ، وهي عند التحقيق ما يسنه اليهود والنصارى من سنن وقوانين وفق معتقداتهم المخالفة لما يعتقده المسلمون.
وما أكثر جحور الضب التي دخلها المسلمون وراء اليهود والنصارى منذ بدأ تخليهم عن شرع الله عز وجل وعن هدي رسوله صلى الله عليه وسلم . أليست الدعوات إلى تعطيل شرع الله عز وجل في بعض قضايا الأحوال الشخصية كالميراث وغيره ، و إقرار ما يسمى بالمثلية والرضائية والإجهاض ورفع التجريم والتحريم عنها في مجتمعات تدين بدين الإسلام من دخول تلك الجحور؟ وكيف سيكون حال الأمة المسلمة حين تدخلها؟
ولا يقتصر الأمر على دخول هذه الجحور بل صارت الأمة تتلقف كل ما يظهر في العالم الغربي الذي يديره اليهود وقد صار لهم نفوذ كبير فيه بامتلاكهم المال والإعلام إلى جانب النصارى . ويمكن القول أن أمة الإسلام لم تعد تعرف نمط حياة دون دخول الجحور خلف اليهود والنصارى ، ولم يعد عندها ما يميزها في مظاهرها وأحوالها عنهم إلا بقية من أمور كرفع الأذان وارتياد المساجد التي تتردد عليها أقليات قليلة مقارنة بالكثرة الكاثرة التي تهجرها ، ولو قورن ساعة الجمعة وهي لحظة عمارة المساجد عدد من يكون فيها بعدد من يكون خارجها لكانت الكثرة الكاثرة خارجها، وهي التي تكون ساعتئذ في مختلف جحور الضب تقلد اليهود والنصارى في أحوالهم في المطاعم والحانات والمقاهي والملاهي والشواطىء والمنتزهات ... وغيرها لا تبالي بقول الله عز وجل : (( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )) . وإنه لمن المؤسف أن يحصل دخول جحر الضب بالبيع يكون عند أبواب المساجد ساعة الجمعة .
وإن خراب الأمة المسلمة هو تقيدها بما يسمى المعايير الدولية التي لا ينتقى منها بذكاء وحيطة ما يوافق شرعها مما لا يوافقه، وما لا بأس فيه عليها مما فيه بأس كبير يهدد كيانها وهويتها ووجودها وبقاءها .
وعما قريب وتحت ذريعة اعتماد المعايير الدولية والأجدر أن تسمى الغربية قد تدخل بعض بلاد الإسلام التي توجد فيها الإبل جحرا وراء الأستراليين الذين سنوا سنة تقتيل الإبل بذريعة أنها تستهلك ماء جمّا ، وكانوا قد استوردوها أولا مرة من شبه القارة الهندية لتحمل أثقالهم في صحرائهم القاحلة ، وبعد استغلالها كان جزاؤها كجزاء سنمّار ، وقرروا إبادتها عن آخرها وقد قتلوا منها لحد الساعة ما يزيد عن عشرة آلاف رأس يصيدها القناصة وهم على متن طائرات عمودية ويطرحونها أرضا لتموت بعد معاناة وتتعفن . وقد يصير هذا الفعل الشنيع والعدوان الفظيع على هذا الحيوان المسكين من ضمن المعايير الدولية التي يجب أن تلتزم وتحترم ، ويحاسب ويعاقب من لا يلتزم بها . ومقابل إبادة الإبل يأسف الأستراليون على حيوان الكنغورو وغيره من الحيوانات التي أتلفتها حرائق الغابات، والتي لا تصلح إلا للتسلية ،وليس فيها من المنافع ما في الإبل ذات الألبان والأوبار واللحوم والشحوم والجلود . وما نظن تلك الحرائق سوى عقابا إلهيا انتقاما من قتلة الإبل التي جعلها الله عز وجل آية من آيات عظمته وأمر بالنظر إلى كيف خلقت ؟ ولا شك أن الأستراليين ينتظرهم عقاب من الله عز وجل على فعلتهم الشنيعة كعقاب قوم نبي الله صالح عليه السلام الذين عقروا الناقة التي جعلها سبحانه وتعالى آية لهم .
ومع وضوح ما في كثير مما يسمى معايير دولية من مهالك بالنسبة لأمة الإسلام ، فإنها مع شديد الأسف والحسرة تهرول إليها متفاخرة باحترامها رغبة في رضا الغرب عنها وخوفا من أن تتهم باعتماد شريعة الإسلام ، وهي اليوم أكبر جرم على الإطلاق . فمتى ستفيق أمة الإسلام من انسداد الجحور المنتنة التي تدخلها وراء اليهود والنصارى ؟
وسوم: العدد 860