هل باتَتْ إدلب على طاولة إدارة الرئيس ترامب ؟
يذهب عددٌ من المراقبين أنّ إدارة الرئيس ترامب باتَتْ في وضع مريح، بعد توقّف مجلس الشيوخ عن مساءلته تمهيدًا لعزله؛ الأمر الذي يحمله على الالتفات إلى جملة من الملفات الساخنة في منطقة الشرق الأوسط.
و في المقدمة منها الملف السوريّ، ولاسيما عقب التطورات المتسارعة التي يشهدها منذ مطلع سنة 2020، و ليس ببعيد أن يكون في جدول زيارة وزير خارجيته المعلن عنها إلى السعودية مساء الخميس: 13/ 2ـ الجاري.
إذْ من غير المقبول لدى صانع القرار الأمريكي، أن يدع هذا الملف بعهدة روسيا، بعدما اتضح أنّ بوتين سيمضي في تحركه نحو إدلب، ليقضي على المعارضة المسلحة، بذريعة الإرهاب، و جعل آخر جيوب المعارضة تخضع بقوة السلاح إلى سلطة الرئيس الأسد.
و هو الأمر الذي يذكرنا بما كان من الرئيس جورج بوش " الأب "، إبّان أزمة الخليج سنة 1991، عقب قيام الرئيس صدام حسين، بإعلان ضمّ الكويت إلى العراق، باسم المحافظة " 19 "، و ذلك في خطوة تكاملية مع خطوتها نحو أفغانستان بذريعة الانتقام للهجمات على برجيّ التجارة في نيويورك، من تنظيم القاعدة المتحالف مع حكومة طالبان، و هو ما أقدمت على تعزيزه في وضع يدها على مناطق شرق الفرات في سورية، عقب 2011، بذريعة محاربة تنظيم داعش، الذي جمعت له تحالفًا يقترب عدد أعضائه من 85 دولة.
صحيحٌ أنّ مناطق نفوذ أمريكا في شرق الفرات محصّنة بوجه روسيا و حلفائها من الميليشيات الإيرانية، و قد زادت من تحصينها مؤخرًا؛ لدرجة قيامها ظهيرة الاربعاء: 12/ 2ـ الجاري، بتوجيه ضربتين جويتين لأحد حواجز مليشيات " بعث العروبة "، الموالية للنظام في قرية خربة عمو، جنوب القامشلي، عقب تعرّضه لقافلة أمريكية كانت تريد الوصول إلى المنطقة.
غير أنّ هناك طائفة من المراقبين ترى في التصريحات المتناقضة التي صدرت عن المسؤولين الأميركيين، حول ما تشهده إدلب من تصعيد عسكريّ مفرط، تتولّى روسيا أمره، في مقابل تحركات تركيا لحماية المدنيين هناك، و إيقاف أكبر موجة تشريد و نزوح تشهدها سورية منذ سنة 2011، و ما صاحب ذلك بعد مقتل 14 عسكريًا من الجنود الأتراك المرابطين في نقاط المراقبة المتفق عليها مع روسيا بموجب اتفاق سوتشي؛ و هو الأمر الذي أربك رؤية الكثير من الخبراء في واشنطن بشأن حقيقة موقف ونوايا إدارة الرئيس ترامب نحو الحليف التركي.
ففي الوقت الذي يعزّي فيه الوزير بومبيو عائلات الجنود الأتراك الذين قتلوا في إدلب، يوم الاثنين: 10/ 2ـ الجاري، بقصف لا يبعد عن أنظار موسكو، في تغريدة له على تويتر، و يعلن عن إرسال جيمس جيفري، المكلّف بالملف السوري، إلى أنقرة من أجل تنسيق الرد على هذا الهجوم المزعزع للاستقرار في المنطقة.
نجد على النقيض من هذين الموقفين، موقفًا مغايرًا لهما، من مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين، في أثناء ظهوره في ندوة، يوم الثلاثاء: 12/ 2ـ الجاري، استضافها المجلس الأطلسي بالعاصمة واشنطن، في ردّه على سؤال عن إمكانية تدخل إدارة ترامب لوقف العدوان على إدلب، ووقف الهجمات على قوات دولة حليف بالناتو هي تركيا: " نحن لنا تناول آخر يختلف عن الإدارات السابقة، ماذا علينا أن نفعل وسط هذه الهجمات على إدلب؟ هل نهبط عليهم من السماء ونطالبهم بوقف القتال؟ نحن ندرك الدور السيء الذي يقوم به نظام الرئيس الأسد، لكن في الوقت ذاته، الذي لا تساعد فيه روسيا على تهدئة الموقف، نجد تركيا تفعل الشيء ذاته ".
إنّ الأنظار كلّها باتتْ متَّجهة الآن إلى موقف الرئيس ترامب من ذلك، فهو إلى الآن لم يدل بأية تصريحات، و لم يطلق أية تغريدات تتعلق بتطورات الأوضاع في إدلب والشمال السوري.
وسوم: العدد 864