صرخات وآهات ، على أسوار إدلب الجريحة
لماذا يكذبون ؟؟؟!!!
ألا يعلمون .. أنه لا يكذب إلا كل ختَار كفور .. وجبان رعديد .. ولئيم هزيل .. ومنافق زنيم ؟؟؟!!!
ألا يعلمون .. أن حبل الكذب قصير ؟؟؟!!!
وأنه مهما تفتقت عقولهم السقيمة .. ونفوسهم المريضة ، عن ابتكار طرق خبيثة ، لستر كذبهم .. سينكشفون ، ويُهانون ، ويُذلون ، وفي السعير يُقذفون ؟؟؟!!!
لماذا ..
إذا قُتل جندي واحد فقط من بني إسرائيل !!!
أقامت حكومته الدنيا ، وقلبتها رأساً على عقب !!!
وبادرت فوراً .. وفي خلال سويعات قليلة .. إلى الانتقام له .. وقتلت عشرات الأضعاف من عدوها !!!
وبدون استئذان من أحد .. ولا استشارة أحد !!!
بينما إذا قُتل عشرات من جنود بني محمد !!!
تداعت حكوماتهم .. إلى الصراخ والعويل والنحيب !!!
وإلى التهديد والوعيد بالانتقام !!!
وانطلقت تستشير هذا وذاك .. وتطلب الإذن بالثأر !!!
بل ..
وتطلب من هذا وذاك .. التوسط لدى القاتل .. ألا يعيدها مرة أخرى !!!
أليس هذا برهان ساطع .. على أن الدم الإسرائيلي .. أغلى من الهيكل والقدس عند حكومته ؟؟؟!!!
والدم المحمدي .. أرخص من التراب .. لدى حكوماته ؟؟؟!!!
وأن بني إسرائيل ، لديهم – اليوم - كرامة .. وعزة .. وأنفة .. ولا يقبلون النوم على ضيم ؟؟؟!!!
وأن بني محمد ، ليس لديهم – اليوم - من صفات الرجولة ، والإباء ، والكرامة شيء ؟؟؟!!!
وتستمر المشاهد المأساوية ، الحزينة ، المفجعة تعرض نفسها على مسرح الأحداث !!!
وتتوالى المدن والقرى بالسقوط بيد المليشيات الأسدية .. واحدة تلو الأخرى !!!
وتتوالى الحشود الصديقة بالدخول إلى الشمال !!!
ويبدو أنه – والله أعلم ، وحسب تسارع الأحداث ، وتقدم قوات النظام السريع - لن يأت يوم 15/3/2020 .. الذكرى التاسعة للثورة .. حتى تكون جميع المناطق ، قد رجعت إلى حضن الأسد !!!
والأخطر من هذا كله .. هو أن بعض أبناء الشمال نفسه ، يخونون أهلهم وعشيرتهم ، ويتنكرون لصلات القربى التي تربطهم بهم .. فيساندون النظام ويؤيدونه ، ويقاتلون إلى جانبه ضد شعبهم !!!
فإذا كان بعض من أبناء الشمال ، يعملون كشبيحة للنظام ، ويُذيقون أهليهم أشد العذاب ، وينتهكون حرمات الأحياء والأموات ، أكثر من أبناء القرود ، وأبناء المتعة !!!
فلا لوم على القدر ، إذا ما استمر في إرسال عواصفه وقواصفه ، وسخطه وغضبه ، ومصائبه ، على أبناء الشمال كلهم !!!
تطبيقاً للسنة الربانية :
( وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖ ) الشورى 30 .
(
( وَٱتَّقُواْ فِتۡنَةٗ لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّةٗۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ ) الأنفال 25 .
وحينما يرسل الله العذاب على أمة عاصية لأوامر الله ، ومفسدة في الأرض ، وتحادد الله ، وتأكل الحرام .. فإن العذاب يعم الجميع ، طالحهم وصالحهم ، وعاصيهم ومطيعهم ..
لأن الصالحين منهم ، رضوا بالفساد ، ولم ينكروه .. فحق عليهم ، أن يذوقوا العذاب ، مثل المفسدين ..
كما ورد في الحديث :
( عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : " إِنَّهُ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا عَمِلَ فِيهِمُ الْعَامِلُ الْخَطِيئَةَ فَنَهَاهُ النَّاهِي تَعْذِيرًا ، فَإِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَالَسَهُ وَوَاكَلَهُ وَشَارَبَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ عَلَى خَطِيئَةٍ بِالْأَمْسِ ، فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ - تَعَالَى - ذَلِكَ مِنْهُمْ ضَرَبَ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ، وَلْتَنْهُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى أَيْدِي الْمُسِيءِ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا ، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّهُ بِقُلُوبِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ وَيَلْعَنُكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ " . رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ ) .
وهذا الحديث الثاني .. يؤكد هلاك الصالحين مع المفسدين ، حينما يكثر الخبث ..
( عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ ) صحيح البخاري.
وهذا الحديث الثالث .. يوضح عاقبة الصالحين الهالكين مع المفسدين :
وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا ( إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَنْزَلَ سَطْوَتَهُ بِأَهْلِ نِقْمَتِهِ وَفِيهِمُ الصَّالِحُونَ قُبِضُوا مَعَهُمْ ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى نِيَّاتِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ ).
فلينتظروا ، وليبشروا بالمزيد من الأهوال والقوارع ، والمصائب !!!
حتى يتوبوا إلى الله ، وتتطهر صفوفهم من الأوباش ، والأوغاد ، والأنجاس ..
ومن الغرائب العجائب .. ومن المضحكات المبكيات !!!
ما يتصرفه البعض :
حيث ..
يتفاخر بعضهم متباهياً ..
أنهم قتلوا أعداداً كبيرة من المليشيات الأسدية ، والروسية !!!
ودمروا عدداً كبيراً من آلياتهم العسكرية !!!
ولكن الخاتمة ..
أنها استمرت في التقدم ، والاقتحام ، والتوغل في عمق الشمال !!!
واستطاعت السيطرة على مدن وقرى كثيرة ، بالرغم من خسائرها الفادحة ...
فالأمور بخواتمها .. وليس بمقدار الخسائر الواقعة !!!
ومع هذا ..
تتابع غارات الأسد وشركائه على المدنيين !!!
فتمزق أجسادهم ، أشلاء ممزقة ، أمام أنظار العالم اللاهي ، العابث !!!
فيبتسمون ، ويصمتون !!!
وتتدفق أعداد هائلة من النازحين ، المشردين !!!
يهيمون على وجوههم في الطرقات ، والبراري !!!
ولا يجدون مأوى يحميهم ، حتى ولو خيمة ، أمام أنظار المجتمع الخانع !!!
ولا يحركون ساكناً !!!
وفي الوقت نفسه ..
يستمر بعض الشيوخ والوعاظ ، وبعض قادة الفصائل يدندنون ، ويتفيهقون ، ويؤكدون أن النصر آت قريباً جداً ، وأنهم يرونه رأي العين !!!
قد قالها من قبلهم قادة في الغوطة ، وحلب وسواها ، مثل قولهم ، تشابهت قلوبهم !!!
ثم خرجوا هاربين ، فارين من الزحف ، مولين الأدبار !!!
ثم أخذوا يتاجرون بالأموال ، التي سرقوها غيلة !!!
وباعوا الثورة ، والدين والآخرة ، بعرض الدنيا الرخيص !!!
لو كانوا حقاً متيقنين من النصر ، ما فروا ولا هربوا !!!
بل صمدوا ، وثبتوا ، وقاتلوا حتى يلقوا الله على ما تيقنوا به !!!
ولما آثروا الحياة الدنيا ، على الأخرة !!!
هكذا كان يفعل المجاهدون الصادقون ، لا يغادرون أرض المعركة ، حتى يُقتلوا في سبيل الله ...
وهكذا فعل عبد بن الزبير في قتاله للحجاج .. بقي في الحرم يقاتل وحده ، حتى قُتل مقبلاً غير مدبر ..
وفاز بالشهادة ، والنصر على من قتله ، بدون حق ..
أما ..
من يظن أن النصر قريب ، قاب قوسين أو أدنى ، فهو واهم ، ومخدوع ، ومُضَلل ..
إن النصر يحتاج إلى ثمن غالِ ..
ويحتاج إلى إيمان عميق ، وقوي بالواحد الديان ..
ويحتاج إلى تضحية ، وفداء ، واستبسال ، وثبات ، وصمود في ساحة الوغى .. حتى الموت في سبيل الله
وطاعة مطلقة لأمر الله وحده ..
ورفض كامل لطاعة العبيد ، إذا تعارضت مع طاعة الله :
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا لَقِیتُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ زَحۡفࣰا فَلَا تُوَلُّوهُمُ ٱلۡأَدۡبَارَ﴾ [الأنفال ١٥].
﴿وَمَن یُوَلِّهِمۡ یَوۡمَىِٕذࣲ دُبُرَهُۥۤ إِلَّا مُتَحَرِّفࣰا لِّقِتَالٍ أَوۡ مُتَحَیِّزًا إِلَىٰ فِئَةࣲ فَقَدۡ بَاۤءَ بِغَضَبࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِیرُ﴾ [الأنفال ١٦].
ويحتاج إلى رجال صادقين ، صابرين ، أشداء ، لا يفرون من الزحف .. ولو تخطفتهم الذئاب ..
فكل هذه المقومات ، والشروط لتحقيق النصر ..
تكاد تكون معدومة ، لدى ما يُسمى الجيش الوطني ، وأخواته من الفصائل الأخرى ..
إلا عند قليل من المقاتلين !!!
وهذا لا يُقرب النصر قيد أنملة !!!
فكيف سيأتي النصر ، ومقوماته ، وأركانه معدومة ؟؟؟!!!
المصادر:
1- موسوعة الأحاديث .
2- فتح الباري شرح صحيح البخاري .
وسوم: العدد 865