مدينة ممباسا الكينية

ظلت مدينة ممباسا الكينية عاصمة لسلطنة عربية إسلامية في شرق إفريقيا لفترة طويلة من الزمن، وكانت محل حفاوة المواطنين السواحليين، وفي القرن السادس عشر تعرضت للتدمير عدة مرات بمن فيها على يد البرتغاليين الذين دمروها بمدفعياتهم ثم أحرقوا ما بقي من بيوت ومزروعات، ولكنها ظلت تمثل برهانا من براهين القوة الذاتية لهذا الدين، فقد كانت تنبعث كل مرة كالعنقاء من بين أنقاض الدمار، ونظرا لعدم امتلاك اللمسلخين للأسلحة المتطورة كان الموت البرتغالي يترصدها ويعود إليها من جديد، وعندما تسلّحت ذات عام ببضعة مدافع عثمانية واستعانت بعدد من المقاتلين الأتراك، تحالف البرتغاليون مع قبيلة إفريقية من آكلي لحوم البشر، وحوصرت المدينة من البر والبحر، وانهالت القذائف البرتغالية لتدمر كل شيئ وقُتل الآلاف من أبنائها ومن اختفوا في البساتين وتحت الأنقاض صاروا فريسة لثلاثة آلاف من أكلة لحوم البشر الذين كانوا جوعى بعد حصار طويل، فالتهموا المئات من المسلمين عربا وأتراكاً وسواحليين! وكان البرتغاليون في إحدى هذه المرات قد قتلوا سلطانا مسلما يدعى حسن والذي كان مكرهاً على صداقتهم ثم حاول التنصل من تلك الصداقة على أساس أنها خيانة لدينه وأمته، وبعد قتله أخذوا ابنه ووليّ عهده ذا السبع سنوات ويدعى يوسف، أخذوه إلى الهند وأخضعوه لتربية مسيحية صارمة حتى اعتنق المسيحية وصار يدعى جيرونيمو، وبعد أن صار شابا يافعاً زوجوه من مسيحية تدعى إيزابيلا وأعادوه إلى وطنه ثم توّجوه ملكا سنة ١٦٢٦م، لكن التزام رعيته بالإسلام جعله ينزع نحو الإسلام من جديد، وفي ١٦٣١م نجح في قتل القائد البرتغالي والسيطرة على الحصن وأعلن أنه السلطان يوسف بن الحسن ذلك المسلم الملتزم بدينه، وخلع الثياب البرتغالية وارتدى الثوب العربي مع الخنجر المعقوف (الجنبية)، وخاض معارك شرسة مع الحملات البرتغالية التي حاولت انتزاع ممباسا مرة أخرى، وظل غصة شديدة في حلق البرتغاليين طيلة سبع سنوات من التجوال في المحيط الهندي والبحر الأحمر إلى أن نجحوا في قتله بجنوب البحر الأحمر !

وسوم: العدد 866