عصرنا والقيم وكورونا (فبأي آلاء ربِّكما تكذِّبان)
تعتبر الحضارة الإسلامية من أكثر حضارات العالم إنسانيةً وشمولية ، ومن أكملها نظماً وتشريعات، ومن أشدِّها ثباتاً ورسوخاً في النَّفس البشرية ،بل هي من أعظم الشرائع ترسيخاً للقيم والأخلاق في المجتمعات ،إذ أنها استوعبت المادة والروح، وهذَّبت النَّفسَ والحِسَّ، وعمرت القلب والفؤاد بكل مشاعر الحب والجمال، لتطلق سواعد الخير والمعروف من عقالها لنفع الإنسان ، وتندَّى راحات البر كالمعصرات ديماً هطلاء في حياة البشر .
فيالجمال حضارة الإسلام ويالعظمتها والتاريخ شاهدٌ أجل
تلك الحضارة التي بنت القيم والأخلاق ،وزكت النفوس والأفئدة، وسمت بمشاعر الإنسان وأحاسيسه حباً وإحساناً وإيثاراً ، وأشاعت القسط والعدل في حياة الناس .
هذه الحضارة عمادها تكريم الإنسان وعبوديته لخالقه دون سواه ليكون حُرَّاً كريماً، خليفةً مكرَّماً أجل بعبوديته لله سبحانه تكون كرامته ليتحررَمن ربقة الهوى والطاغوت ومن عبادة البشر والحجر والبقر ،
أليس الإسلام هو الاستسلام لله وحده عبوديةً وتحكيماً واتباعاً وتشريعاً واتباعاً لتعاليم الإسلام العظيم وهدي رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم
هذه حضارتنا الخالدة التي ضربت جذورها في الأرض ،وانتشرت شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً بالقيم والمثل والأخلاق والمبادئ لكنها الآن تعصف الرياح بأنحائها وحالها مختلفٌ فقد هبت عليها رياح الوهن .....، واعترى شجرتها الأصيلة جفافٌ وجفاءٌ من أهلها... ؟!ونمت عليها بعض النباتات الطفيلية والأشنيات والطحالب المؤذية محاولةً أن تلتف حول هذه الشجرة الأصيلة الضاربة بجذورها في عمق التاريخ والحضارة والأرض والإنسان وأنى لها ذلك ولوحاولوا رميها بقوسٍ واحدة !!!! فكلُّ ذلك لا يضيرها ولن يضيرها... فشجرتها يرعاها المولى سبحانه وهي باقية مابقيت الشمس والقمر وستورق شجرتها وستزهر ،وستعلو بإذن الله وتثمر ،ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصرالله ينصر من يشاء،والإشراق قاب قوسين أوشك أو يكاد بإذن الله .
وأمام هذه الأزمة المعاصرة الرهيبة،واجتياح وباء كورونا الأرض اجتياحَ النار في الهشيم فوجئت وفوجئ كثيرٌ من الناس مما قاله ساسة الغرب وأساطينه باستعدادهم للتضحية بالمسنين لإنقاذ الاقتصاد ؟؟!!،وآخر يقول دون اكتراث :استعدوا لوداع أحبابكم؟؟!! ليصاب هو بكورونا ويفرُّ منه كبير مستشاريه؟! وآخرين يصرحون بتبجحٍ أن لامشكلة عندهم إن ضحوا بآبائهم وأمهاتهم وفقدوهم من أجل الاقتصاد و المال!!!!! وآخر ظهر وهو يرتدي معطف الإنسانية في مقابلةٍ تلفزيونية ممثلاً لمؤسسةٍ طبية تدعي الانسانية وإذ به يصرح ويوافق على تجريب لقاح الكورونا على المرضى السود في أفريقيا كأنهم للأسف فئران تجارب في تصريحٍ عنصري كارثي لمؤسسةٍ تدعي الخدمة الانسانية الطبية !!؟؟، ليعتذر بعدها وهل يفيد الاعتذار بعد التصريح الكارثي؟!هذا ماتكشَّفت عنه حضارة الغرب المادية مع سطوة وانتشار كورونا وماخفي أعظم .
ولكن أشدَّ ماآلمني وأثَّر في نفسي تلك القصة المبكية والمؤثرة التي رواها طبيبٌ فرنسي يتحدث فيها عن رجلٍ مسنٍ فرنسي مصابٍ بالكورونا ،وكان يتولى بنفسه متابعته ومعالجته، وكانت حالته حرجة... ،وهوموضوعٌ على جهاز التنفس الاصطناعي دون بوادر تحسن ،وكأنَّه أحسَّ بدنوِّ أجله ...فطلب من الطبيب الذي يعالجه أن يتصل بأبنائه ليودعهم بعد أن حُجر عليه لفترة من الزَّمان لم ير َ فيها أبناءه ،واستجاب الطبيب لطلبه،وأعدَّ للقائهم ،واتخذ كلَّ الاحتياطات الطِّبية ،ثمَّ اتصل بهم وقال لهم إنَّ أباكم يريد توديعكم ورؤيتكم للمرة الأخيرة ،ففوجئ من ردِّهم السَّلبي !؟وصُعق من جفوته إذ لم يكتفوا بعدم تلبية دعوة أبيهم بل أغلقوا السَّماعة بوجه الطبيب؟؟!!!! الأمر الذي جعل هذا الطَّبيب يعيش في أزمةٍ نفسية أقعدته في بيته وألزمته الفراش ممالاقاه من تجاهُلٍ وجحودٍ ونكرانٍ وعقوق ٍمنهم لأبيهم في هذا العالم المادي الجشع ، ليتلقى على إثرها العلاج والمهدئات النفسية حيث لم يعد قادراً على فعل أي شيء.
لأتذكر حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام فيما رواهأبي هريرةعن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر أحدُهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم.
والحقيقة التي تتجلى في فضاءاتنا وعالمنا أننا نعيش أزمةَ أخلاقٍ وقيم ومبادئ ،
ونحيا كلنا شئنا أم أبينا في عالَمٍ نسمعه ونراه ونحس به ونستشعر صداه عالَمٌ أنكر خالقه ؟؟!!وجافى مولاه ؟؟!! قلب الموازين !؟؟!وأضاع الميزان ؟؟!!طمس الروح !!!وحارب الأخلاق!!! كبَّل القيم !!!ونشر الفساد !!! فكان ماكان مما نراه جائحةٌ عمياء عمت البشرية وأقعدتها مكبَّلةً تبصرةً وذكرى ولعلهم يرجعون
لأقول في الختام سبحانك ياالله سبحانك ياالله لاملجأ ولامنجى منك إلا إليك ...سبحانك ياربَّنا ردَّنا لدينك ردَّاً جميلاً وأزل عنا وعن الأمة وعن عالمنا كلَّه الدَّاء والوباء والزَّلازل والمحن فأنت الله المنعم المتفضِّل ...وأنت الله الواحد الأحد وأنت الخالق مالكُ الملك ...وأنت قيوم السماوات والأرض... وأنت مولانا اللطيف بعبادك ،وأنت الرَّحمن الرَّحيم سبحانك إنا كنا من الظالمين.
جلَّ جلالُك وتعاليت في كمالك ... أنت مولانا لامولى لنا سواك ياذا الجلال والإكرام .. بيدك ملكوت كل شيء... وإليك يرجع الأمر كلُّه سبحانك نعوذ بك من كل شيء أنت آخذٌ بناصيته إن ربي على صراطٍ مستقيم
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
الرحمن علم القرأن خلق الإنسان علمه البيان الشمس والقمر بحسبان والنجم والشجر يسجدان والسماء رفعها ووضع الميزان ألاتطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولاتخسروا الميزان والأرض وضعها للأنام فيها فاكهةٌ والنخل ذات الأكمام والحبُّ ذو العصف والرَّيحان فبأي آلاء ربكما تكذبان (1-13)الرحمن والحمد لله رب العالمين
وسوم: العدد 871