زين العابدين علي بن الحسين بن علي
سلسلة من أعلام التابعين للاستاذ حمدي الحسن أبو حسان مدير جمعية دعاة الى الخير في نيزب غازي عنتاب تركيا
من أعلام التابعين .
وَفَد هشام بن عبد الملك على مكة حاجا وكان يومئذ وليّا للعهد فأقبل يريد الطواف فلم يلتفت إليه أحد فالبيتُ بيت الله والناسُ جمعيا عباده .
بينما أخذت كُتلُ الناس تنفرِجُ وتستقبلُ بنظرات الحبّ والشوق لرجل قسيمٌ وسيمٌ وضيء الوجهِ عليه سكينةُ ووقار وبدأ بين عينيه أثرُ السجود ..
حتى بلغَ الحجرَ الأسود واستلمه رضي الله عنه .
وهنا التفتَ أحدُ الرجال وسأل هشام بن عبد الملك وقال : من هذا الذي أكرمه الناس كل هذا الإكرام ؟
فقال هشام : لا أعرفه !
وكان الشاعر الفرزدق حاضرا فقال :
إن الدنيا كلها تعرفه إنه علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه وعن أبيه وعن جده .
ثم أنشد :
هذا الذي تعرفُ البطحاءُ وطأتهُ
والبيتُ يعرفهُ والحلّ والحَرمُ
هذا ابن خيرِ عبادِ اللهِ كلهمُ
هذا التقيُّ النقي الطاهرُ العَلمُ
هذا ابنُ فاطمةٍ إن كنتَ جاهلَهُ
بجدّهِ أنبياءُ اللهِ قد خُتموا
فليَس قولُكَ "من هذا " بضَائرهِ
العُربُ تَعرفُ من أنكرتَ والَعجمُ .
والقصيدة طويلة .
علي بن الحسين وأمه تدعى شاهِ زِنَان ابنة ( يزدجر ) ملك الفرس التي سبيت وأسلمت وحسُن إسلامها وتخلت عن اسمها ودعيت غَزالة واختارت لها خير الأزواج الحسين بن علي رضي الله عنه
نشأ علي رضي الله عنه في بيت النبوة وتشرب العلم والفقه صغيرا فأبوه سيد شباب أهل الجنة ، واتسمت شخصيته بالعلم والورع والتقوى وإيثار الٱخرة على الدنيا .
حتى غدا علي بن الحسين من أعمق فتيان بني هاشم عبادة وتقى وأعظمهم فضلا وخلقا وأكثرهم إحسانا وبرا .
كانت تأخذه رعدة بين وضوئه وصلاته فتنفض جسده نفضا .
ودعاه الناس بزين العابدين .
وكان يطيل سجوده لله فسمي بالسجّاد .
وأفاضت التقوى عليه ماشاء الله أن تفيض من شمائل الفضل والنبل والحلم حتى إزدانت كتب السير بروائع أخباره .
وسع الله عليه وأفاض فيضا ، فكانت له تجارة رابحة وزراعة نامية ، دلت عليه الخير الوفير والمال الكثير ، فكان ثراؤه نعم الثراء للعبد الصالح فحبب إليه صدقة السّر .
كان إذا جن الليل يحمل أكياس الدقيق على ظهره ويخرج بها في عتمات الليل يجوب أحياء المدينة ليتصدق على ذوي الحاجات ممن لا يسألون الناس إلحافا فكانت جماعات كثيرة من أهل المدينة تعيش وهي لا تدري من أين يأتيها رزقها رغدا ولما مات علي بن الحسين عرفوا ذلك .
لما وضع زين العابدين على المغتسل وجدوا على ظهره ٱثار سواد فقالوا ماهذا ؟
قيل لهم إنه من آثار حمل أكياس الدقيق إلى مائة بيت في المدينة فقدت عائلها بفقده .
علي بن الحسين أحبه الناس أصدق مايكون الحب ، وأجلوه أعظم مايكون الاجلال ، وتعلقوا به أشد مايكون التغلب فكانوا يترقبونه لينعموا برؤياه غاديا إلى المسجد أو رائحا منه .
رضي الله عن سِبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرضاه
فقد كان صورة فذة للذي يخشى اللهَ في السر والعلن ،
ويُضني النفسَ خوفا من عقاب الله وطمعاً في ثوابه .
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالكرام فلاح
وسوم: العدد 871