الأصداء المحمودة والمذمومة، والواجبة والكارثية .. لأصوات الآخرين !
قال المتنبّي ، معتدّاً بشعره وبنفسه ، مخاطباً سيف الدولة الحمداني ، معرّضاً ببعض منافسيه ، الذين ينازعونه مكانته ، عند سيف الدولة :
ودَع كلَّ صوت ، غيرَ صوتي ؛ فإنّني أنا الصائحُ المَحكيُّ ، والآخَرُ الصَدى!
من الأصداء الواجبة ، لأصوات الآخرين ، أصداء أتباع الأنبياء ؛ إذ لايحقّ، لتابع النبيّ ، أن يجتهد ، من عند نفسه ، بما يخالف توجيهات النبيّ وإرشاداته ، ولا أن يقرّرأمراً ، من عنده ، مخالفاً هَديَ النبيّ الذي يتبعه .. أو أن يتبع أناساً آخرين ، منحرفاً عن هَدي النبيّ ، الذي يتبعه !
من الأصداء المحمودة ، لأصوات الآخرين ، أصداء العوامّ ، الذين يختارون علماء ثقات ، يتبعونهم في الأمور، التي لا علم لديهم فيها ، ولا خبرة ؛ ولاسيّما ، في أمور الدِين ، وما يتّصل بها !
من الأصداء المذمومة ، لأصوات الآخرين ، أصداءُ التابعين لغيرهم ، دون تبصّر، أيّاً كان هذا الغير، وفي أي مجال ، من مجالات الحياة : الاجتماعية والسياسية ، والفكرية ..! إلاّ أن يكون الابن ، ملتزماً بقرارات أبيه ، في بعض المسائل .. أو يكون الحزبيّ ، ملتزماً بقرارات قيادة حزبه ..! فمثل هذا الالتزام ،لايجعل المرء صدى ، لصوت غيره ، بالمعنى المذكور، آنفا ؛ إذ الأصل ، أن يكون هكذا ؛ وإلاّ اختلّت الأمور، في علاقة الابن بأبيه ، أو علاقة الحزبي بحزبه ! والمقصود بقيادة الحزب ، هنا ، الجهة الشرعية ، المخوّلة بصناعة القرارات ؛ لامجرّد فرد ، في إحدى مؤسّسات الحزب ، يطيعه شخص ما ، يكون تابعاً له وإمّعة ، ويكون صدى لصوته ، داخل الحزب ، فهذا من الأصداء المذمومة ؛ إذ الأصل ، أن يكون للمرء، شخصية مستقلة ، ورأي مستقلّ ، يناقش به القرارات ، ويتّخذ منها الموقف ، الذي يراه مناسباً لحزبه ، من بين البدائل ، التي يطرحها أعضاء المؤسّسة الحزبية ، للمناقشة والحوار!
من الأصداء الكارثية ، لأصوات الآخرين ، أصداءُ صنّاع القرارات ، في الدولة ، الذين يختارهم الناس ، لقيادتهم ، وتسيير شؤون حياتهم ، ثمّ يكونون أصداء ، لأصوات غيرهم ! وليست الاستشارة ، هي المقصودة ، هنا ، بل أن يكون صانع القرار إمّعة ، يتبع غيره ، في كلّ مايقول ؛ سواء أكان هذا الغير، ممّن يشاركونه ، في صناعة القرارات ، أم من غيرهم ، من داخل بلاده ، وخارجها !
وسوم: العدد 874