رسائل لم يحملها البريد / ٤
أمطار تشرين
وذكريات الوطن الحزين
هناك في مدينة الحب في شهباء القلب كانت لي ذكريات وشجن . وحكايات وذكريات الطفولة مع فاطمة واحمد وهيفاء وحسن . تحت السماء وقفنا نتحدى البرد وندوس بارجلنا الصغيرة بركة الماء والفنن . ونقف في وجه الريح اللطيفة وهطول المطر . نتحلق وايدينا متشابكة ننشد في شجن .. ونغني اهازيجنا البريئة للفراشات والأزهار والوطن .. ( هري هري يا مطرة .لا تخافي من الشرطة )
نعم لا تخافي من الشرطة .
كبرنا وكبرت معها الأحلام. ولكن بقينا نغني ونردد هذه الاهزوجة الجميلة كاجمل كلام .
وكبر مع الزمن خوفنا من رجال الأمن والشرطة واولاد الحرام
نعم .. رأينا كيف غدا الوطن الجميل حبيس الخوف والانتقام . واعتلى الساحات اولاد اللئام . ونصبت المشانق بيد اولاد الخنا وخفافيش الظلام . وغادر الحب كل دار ومقام . واصبحت امطار بلادي حمراء ممزوجة بروح الطهارة و دم حرام
وغدت الارض خضيبا من دم الاطهار . و حاراتنا خاوية والريح تعصف في كل دار . نعق الغراب بارضها ومزق طهرها كل مغتصب غدار . واضحى الحي قفارا وخرابا ودمار .
نسينا امطار تشرين . وبرد تشرين . وليالي تشرين . وكيف كنا نتحلق حول المدفأة و يجمعنا دفىء القلوب ونفحات الروح وحكايا جدتي و ابتسامة امي . ولهو البراءة . وصوت الضيوف والسمار
اه يا مطر تشرين .. ان كنت تتساقط على حارتي فلا تنس ان تحمل الى ما تبقى من جيراني اشواقي و تحياتي . وان تغسل الارض المخضبة بدماء اهلي وعشيرتي . ولتمر على بقايا مدرستي تستذكر اهازيج الحب والبراءة مع من تبقى من اطفالها ...
عذرا يا مطر تشرين ... فلن تجد هتاك طفلا يغني في صفاء . و لن تجد في الشوارع الشاحبة والابنية المهدمة الا الالم وتنهدات الايامى والبكاء . وآهات تخرج من تحت الركام وهي تخفي قصص الغدر والشهداء واشلاء الابرياء .
ولا تنس ان تسقي بمائك حديقة مسجدنا التي تحولت الى مقبرة للشهداء . وملاذ لمن تبقى من النازحين الاحياء .
لا تنس ان تمر على بيت كل مشتاق من الجيران والابناء . ومن هاجر مكرها مدينة الحب والعطاء . وعاش في وطنه نازخا او خارجه رقما يتمنى العودة واللقاء .
وعلى كل نافذة انثر حبيباتك لتعيد الحياة الى بيوتنا الخاوية من اهلها والأحياء .
ولكن اياك ان تمسح ما كتبه الشهداء بدمائهم على الحيطان والجدران قبل ان يلفظوا انفاسهم الاخيرة .( سنخبر الل بكل شيء ) سنخبر خالق السماء
ولا تنس ان تطل على نافذة اخي مالك وتروي بعضا من عبراتك بيته الحزين . وتعود لتروي قبره وتخبره عن جنته التي غادرها من سنين . وترك فيها قلبا تمزقه الاهات والحنين .
مطر تشرين .. تذكر انني لم انساك رغم البعاد والحصار والانين . مذ كنت طفلا وانا الان اعبر سنين عمري الخمسين .
سأبقى اغني أهازيج الطفولة بدمع سكيب وقلب حزين ( هري هري يا مطرة . لا تخافي من الشرطة )
مطر تشرين .. سنلتقي قريبا في بلاد الياسمين . وسنغني
اجمل اناشيد الحب واهازيح البراءة وترانيم العاشقين
وسوم: العدد 876