البَغيُ: قديماً وحديثاً .. صوَر ومآلات !
البغيُ : قديم ، جدّاً ، في حياة البشر، منذ بَغى قابيل ، على أخيه هابيل ، فقتله ، وندم على فعلته ، بعد أن نفّذها ، وحمَل وزرَها ..!
والبغي يوجَد ، حيث وُجد البَشر، في كلّ زمان ومكان ، وفي كلّ بيئة ومجتمع ، في: المدن والبوادي والأرياف .. في الدول المتقدّمة والمتخلفة .. بين المتعلمين والجهلة .. لدى الكبار والصغار.. لدى المؤمنين والملحدين ..!
قال تعالى ، في التدليل ، على كثرة البغي : (وإنّ كثيراً من الخُلطاءِ ليَبغي بعضُهم على بعض ..).
وقال تعالى ، في التدليل ، على حصول البغي ، بين المؤمنين : ( وإنْ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلِحوا بينهما فإنْ بَغتْ إحداهما على الأُخرى فقاتِلوا التي تبغي حتى تفيءَ إلى أمرِ الله فإنْ فاءتْ فأصلِحوا بينهما بالعَدل وأقسِطوا..).
وقال شاعر، عن البغي ، والمناصرة ضدّه:
أخاكَ ، الذي إنْ تدعُه لمُلمّةٍ يُجبكَ ، كَما تَبغي ، ويَكفِكَ مَن يَبغي
لا يمكن استعراض صور البغي ، كلّها ، وحسبُنا نماذج ، على شكل صوّر منها، وعلى شكل مآلات ، من مآلاتها !
من صوَر البغي ، قديماً :
سئل عليّ بن أبي طالب ، عن وصف الخوارج ، الذين تمرّدوا عليه ، واستباحوا دماء المسلمين ؛ إن كانوا كفرة ، أم كان لهم وصف آخر، يختلف عن وصف المؤمنين .. فقال : هم إخوانُنا بغَوا علينا ! وأرسل ابن عمّه ،عبدالله بن عباس ، إليهم، فحاورهم ، وفاء كثيرون منهم ، إلى الحقّ !
من مآلات البغي والبغاة ، قديماً : مآلُ الخوارج ، أنفسهم ؛ فقد اختلفوا ، فيما بينهم، اختلافات كثيرة وعميقة ، وكفّر بعضُهم بعضاً ، كما سَلط الله عليهم ، أعداءهم ، فكسروا شوكتهم : بالسيف ، وبأساليب من المناظرة والحوار.. وبالمكر، أحياناً ؛ كما فعل المهلّب بن أبي صفرة .. حتى انتهى أمر الخوارج ، في العصور القديمة ، بعد أن تشرذموا ، وتفرّقوا في الأمصار ..!
مِن صوَر البغي ، حديثاً :
بغيُ كثير من الحكّام ، على شعوبهم ، عامّة ، وبغي كثير منهم ،على فئات من شعوبهم !
بغيُ فئات من المقاتلين ، الذين نهجوا نهج الخوارج ، في عدد من الأمصار، تحت مسمّيات شتّى ، واستباحتُهم دماء المسلمين ، باجتهادات غريبة ، منسوبة إلى الدين، وهي أبعد ماتكون عنه !
من مآلات البغي والبغاة ، حديثاً : تمزُّق بعض الفئات الباغية ، في مناطق ، عدّة، وانحسارُ ظلّهم ، عن كثير من المناطق ، التي سيطروا عليها ، في سورية والعراق، وسواهما ..! وقد تمّ قهرُهم ، على أيدي بعض الفئات ، التي صنعتهم ، ـ أو وظّفتهم ، لتحقيق أهداف معيّنة، ضدّ الأمّة ، وحين تحقّق بعض تلك الأهداف، تحالفت ضدّهم، القوى التي استفادت منهم ، في تمزيق الأمّة الإسلامية ، بعد أن صار هؤلاء الخوارج ، عبئاً ثقيلاً ، على تلك القوى ، ووجدت كلفتهم عليها ، صارت أثقل من منافعهم !
وسوم: العدد 876