ركائزُ السُّلطة في سورية بين عهدين
إنّه في الوقت الذي نجح فيه النظام بالاستمرار في السلطة، عقب تسع سنوات عصيبة، من خلال ركائز: الشرعيّة، القوة ، الحماية؛ فإنّه ظلَّ يعاني من أزمة في ( ركيزة الثروة )، وهي المعاناة نفسها التي شهدتها سورية في عهد الرئيس الراحل، ولاسيّما في هذه الأيام التي أخذت فيها التقارير تتحدّث عن مقاربات دولية جديدة في الملف السوريّ.
فهو على الرغم من استعادته السيطرة على نسبة كبيرة من الجغرافية السورية؛ ماتزال جلُّ الموارد الطبيعية من نفط وغاز، وكذا الطرق الدولية والمعابر، إمَّا خارج سيطرته أو ليست بذات مردود ماديّ مجدٍ.
إنّه في وضع ماديّ حرج، ولاسيّما بعد توالي المطالبات الروسية والإيرانية بسداد الأقساط المستحقة عليه، وآخرُها دعوة حشمت الله فلاحت، النائب وعضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، لاستعادة أموال إيران من سورية. جاء ذلك في مقابلة له مع صحيفة "اعتماد" الإيرانية الأربعاء: 20/ 5 – الجاري: " لقد منحنا سورية من ( 20 -30 ) مليار دولار، وعلينا استعادتها؛ لأنّ هذه الأموال التي صرفت هناك تعود للشعب الإيراني".
تأتي هذه المطالبات فيما الأمور بين في صدٍّ ورَدٍّ بين الرئيس الأسد وابن خاله، قطب الاقتصاد الأبرز في سورية ( رامي محمد مخلوف )، فبينما تنشر وكالات الأنباء يوم الثلاثاء: 19/ 5- الجاري، نبأ إلقاء الحجز الاحتياطي على أمواله وأموال زوجته وأولاده إلى حين سداد ما ترتب عليه من مبالغ مالية، و حرمانه من التعاقد مع مؤسسات الدولة مدة ( 5 سنوات )؛ تؤكد الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في اليوم التالي، عبر حسابها في التيليغرام، نقلًا عن وزارة العدل، أنّ ما تم تداوله غير صحيح.
لتتوالى الأنباء عن منعه من السفر، وإعلان استقالة شقيقه إيهاب، كنائب رئيس مجلس إدارة شركة SyriaTel، منذ يوم الخميس: 14/ 5، بسبب خلافات مع شقيقه رامي، على طريقة تعاطي الأخير مع الإعلام، ومع الملف القانوني والمالي للشركة، وإعلان ولائه للرئيس الأسد، "شركات الدنيا لا تزحزح ولائي لقيادة الأسد"، ليقوم رامي بتعيين ابنه عليّ ( 21 عامًا ) بديلًا عنه.
اللافت للنظر في ذلك أنّ ( رامي ) نفسه، وبعد تداول الوثائق، خرج وأكد عبر حسابه في فيسبوك صحة المعلومات، وأعلن أن الدولة قد أصدرت قرارها بإلقاء الحجز الاحتياطي على أمواله وأموال عائلته، كما لم يصدر عنه منذ إعلان النفي أيُّ رد حتى الآن.
إنّ ما يجري من صراع على النفوذ في سورية، لهو أمر طبيعيّ في ظلّ سعي الرئيس الأسد، لتعزيز قبضته على مفاصل السلطة، وهو لا يخرج عمّا تشهده الأنظمة من تبدّل في مراكز القوة في أوقات الأزمات، و لاسيّما أن النظام في سورية هو بين عهدين، تبدّلت فيهما الوجوه ومركز السيطرة.
وسوم: العدد 878