بعض من العلم المضنون به ...
للإمام الغزالي كتابان سماهما : " المضنون به على غير أهله " المضنون به الكبير والمضنون به الصغير . وغير أهله يعني العامة مثلي ومثل كثير من أمثالي .. الكتابان في علم الكلام . ولا أنصحكم ولم أنصح نفسي بقراءتهما من قبل . حاولت مع أحدهما ، فتأكدت أن الكتاب لم يؤلف لمثلي فتركته .
والسادة العلماء كثير ما يضنون علينا بأنواع من العلوم الأخرى ..مع أنهم لا يكونون دائما مصيبين في مثل هذا الحظر غير المشروع ..
سيدي أبو هريرة من قبل قال : ورثت عن رسول الله جرابين من العلم فبثثت أحدهما وأمسكت الآخر ..السادة العلماء قالوا : الجراب الآخر متعلق بالسياسة وأحوالها ..ومغمغوها ..
الحقيقة ألتي علمت أن الجراب الآخر متعلق بالبشارة .. يوم الحائط والنعلين وسيدنا عمر يدفع في صدر سيدنا أبي هريرة .. وقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة أن يبشر الناس " وقول عمر أخشى أن يتكلوا .. خشية ما زالت ...
ومن العلم المضنون به ، أن ربنا أثنى علينا حين نجنح فنُلم ، ولم يخلقنا لنكون ملائكة لا يخطئون.... وتابع معي هذا السياق في معرض الثناء وأبشر
( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ ) ومعنى الاستثناء واضح ، والخوض في علم الكبائر واللمم يدخلنا في شغب كثير وأنا لا أحب الشغب على الناس ...
ولو قال الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وصمت لتم المعنى ، ولفهم أن اللمم في موضع التسامح ، ولكن صيغة الاستثناء في سياق الثناء ذات دلالة إضافية عجيبة يضن بها علينا من يريدنا أن نمشي وكأننا على الحبل المشدود ..
مرة أخرى اقرؤوا معي قوله تعالى :
( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا..)
الشريعة : الطريق إلى مورد الماء ، ويكون دائما مطروقا واسعا لكثرة ما يطرقه من الناس ..تعرفون الفرق بين الشريعة وبين الزنقة والزقاق ..
الشريعة أتوستراد من عشرين مسربا .. كلها تفضي بنا إلى المورد " الجنة " منا من يختار المسرب ألأول أو الثاني أو الخامس عشر أو العشرين منا من يسرع ومنا من يبطئ ومنا من يتسكع ..هذه هي الشريعة في السلوك العام ..
ثم اقرؤوا معي هذه الآية
( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ؛ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ، وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ ، وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ..)
مفهوم عجيب : إنسان ظالم لنفسه هو وارث للكتاب ..!! وهو أي الظالم لنفسه يدخل في الدائرة الجميلة ، دائرة " عبادنا " وما أجملها إضافة !! ، ودائرة " الاصطفاء " وما أجمله من اصطفاء !! يكون مع قليل الظلم المشار إليه في السياق ( الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) فهل تريدون أرحب وأوسع وأجمل من هذا ..
قال له يا رسول الله : كان مني كيت وكيت ، فأعرض عنه رسول الله ، فجاءه من الطرف الآخر فقال يا رسول الله كان مني كيت وكيت .فأعرض عنه رسول الله صلى الله وسلم عليه ..ثم قاموا إلى الصلاة ، وجاء بعد الصلاة يقول : يا رسول الله كان مني كيت وكيت ؛ فسأله رسول الله أصليت معنا العصر ؟؟ قال نعم ، فقال صلى الله عليه وسلم فهذه بذاك ..!!!
يغادرنا رمضان وقد اغترفنا منه رقة وشفافية وتقوى ومناعة بفضل الله ؛ لننطلق في الحياة فنعافسها . قال حنظلة : يا رسول الله نكون معك تحدثنا عن الجنة والنار كأنا رأي عين ، ثم إذا عدنا إلى بيوتنا عافسنا الأزواج والذرية ..!! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا حنظلة ساعة وساعة ، أحد عشر شهرا وشهر ، شهر فيه تجربة من التبتل الجميل ..شهر من الرهبنة المنظمة المقننة المعممة . لأن الرهبانية المبتدعة ليست نظاما للحياة العامة ..ولو أراد ربنا كل دهرنا رمضان لكان ، ولذهبت خصوصية رمضان !!
هذه المعاني والعلوم يجب أن تورثنا دائما حالة من الرضا عن الله والأنس به ، والحب له وأنه تعالى يرحم ضعفنا ، وميلنا ورغباتنا إن لم تجنح بعيدا .. يحبنا خطائين توابين ولا يحبنا مدّعين متعجرفين ..يقول أحدهم أنا : ما لممت قط !!!
أنا شخصيا كلما أكلت على المائدة أشرشر على ثوبي ، وثيابي ليست دائما ناصعة بيضاء ..قد يضايق هذا بعض الناس ، ويجعلهم يلفون حول عنقي شيئا ما .. ولكنني أستمتع باستعادة أيام طفولتي .....
هذا علم يضن به بعض الناس ولكنه مهم لأهل الإسلام
وسوم: العدد 878