الفكرُ العميق يعالج الأمور المعقّدة بعمق ، والبسيطة ببساطة .. والسطحيُّ بالعكس!
الفكر الجادّ الواعي العميق ، يتعامل مع الأمورالمعقّدة العميقة ، بما يناسبها ، ومع البسيطة ببساطة .. شأن العلماء والمفكّرين !
والفكر السطحي ، يسطّح الأمور المعقّدة ، ويعقد الأمور البسيطة !
وبعض الناس ، بحجة التنوير والتطوير، أنحرفوا ، إلى التحوير والتزوير!
فهذه نماذج ثلاثة ، ولكلّ منها أحوال وتصرّفات !
النموذج الأول ..
أمثلة : سئل التابعي الجليل ، العالم المعروف ، الشعبي ، عن اسم زوجة إبليس ، فقال ساخراً : ذاك عرس ماشهدناه ! فقد أجاب على السؤال السخيف ، ببساطة ، وانصرف إلى ماهو فيه ، من أمور مهمّة !
وقال رجل ، جزعاً ، في سجن الحجّاج ، للشعبي ، الذي كان سجيناً معه : أغثني ياسيّدي ؛ فقد حلفت على زوجتي ، بالطلاق ، أنّ الحجّاج في النار، ثمّ فكّرت ، فرأيتني أتألّى على الله ! فما أفعل ؟ فقال الشعبي ، ببساطة ، ساخراً : ياابن أخي ، عد إلى زوجتك وعاشرها ؛ فإذا كان الحجّاج في النار، فقد برّت يمينك ، وإن كان الحجّاج ، سيدخل الجنة ، بعد كلّ مافعله بالمسلمين ، فلن يضيرك ، أن تعيش مع زوجتك ، بالحرام !
النموذج الثاني (1) : يروى عن أرخميدس ، أنه اكتشف قانون الثقالة ، في الحمّام، حين انتبه ، إلى أن الطاسة الفارغة ، تطفو على وجه الماء ! فخرج من الحمّام ، مسرعاً ، عارياً ، وهو يصيح : وجدتها .. وجدتها ..! فقد كان ذهنه مشغولاً ، بأمرصعب مهمّ ، وغفل عن كون المرء عارياً ، بين الناس ، فيه عيب ، أو ثلمة ، في خُلقه ، أو تفكيره ..!
(2) كثيرة هي ، حالات الزواج ، التي يفسدها أصحابها ، بالتعقيد ، الذي لامسوّغ له ؛ من حيث المبالغة ، في غلاء المهور، وفي تكاليف الزواج ، وفي شكلياتٍ ، تعكّر النفوس ، وتدفع بعض الأطراف ، إلى صرف النظر عن الزواج ، قبل أن يتمّ ، أو يدفع إلى الطلاق ، بعد أيام قليلة ، من الزواج !
النموذج الثالث : مفكّر يمثل نمطاً من الناس ، غرّته قدرته على التفكير العميق ، والغوص في بطون المسائل، فطفق يعمّم تعميمات فكرية سمجة، ويستنبط نظريات، من تعميماته الجزافية المرتجلة ، ويصنّف كتباً ، في الحديث عن هذه النظريات ! وحين سئل ، عن بعض المسائل ، في إحدى محاضراته ، تلعثم ، ثمّ فكّر، واجاب إجابة سطحية ، تتنافى ، مع مايدّعيه لنفسه ، من عمق التفكير.. وتكشف ضحالته ، أمام الناس ، الذين يتّهمهم بالسذاجة ، أو السطحية !
وسوم: العدد 879