ثورات الربيع العربي: قرّبت المسافات بين العقلاء، وصنعت عداوات لدى الحمقى!
ماكانت ثورات البشر، عبر التاريخ الإنساني ، ناجمة عن ترف ولا بطر، إنما كانت بدائل قسرية ، تمليها ضرورات قاهرة !
والحديث ، هنا ، ليس عن مغامرات بعض الحمقى ، وطلاّب السلطة ، من قادة عسكريين وسياسيين ، فهذا له شأن آخر! إنّما الحديث ، هو، عن ثورات الشعوب المضطهدة ، التي تصبر، على الظلم والجور، سنين طوالاً ، ثمّ لاتجد وسيلة ، تريحها من جور المتسلطين ، غير الثورات ، التي تحمل ، في طيّاتها ، مجازفات شتّى ، واحتمالات شتّى ، من النجاح والإخفاق ، وتصبح ، هي، ذاتُها، ميادين سباق، لبعض التجّار: تجار السلطة ، وتجار المآسي ، وتجار الدماء ، وتجار الأوهام !
ولن نتحدّث ، هنا ، عن شروط نجاح الثورات ، والعناصر الأساسية الفاعلة ، في هذا النجاح ، فلهذا الحديث سياق آخر مختلف !
الحديث ، هنا ، هو عمّا تفعله الثورات بالشعوب ، التي هي ، بحدّ ذاتها ، فئات شتّى، من حيث ..
أولاً- الصدق والإخلاص :
فئة الصادقين المخلصين ، التي تضحّي بالنفس والولد ، والمال والجهد والوقت.. وتتحمّل أضخم الأعباء ، في الثورة !
فئة الصادقين المخلصين : الذين يودّون الخلاص ، من الظلم والقهر، دون أن يشعروا ، أنهم مكلفون بتقديم شيء ، لإنجاح الثورة ، سوى العواطف النبيلة ، والتأييد القلبي !
فئة الانتهازيين : الذين يلهثون وراء الفرص ، التي تمنحهم مكاسب مادّية أو معنوية!
فئة المذبذبين ، بين هؤلاء وهؤلاء : ينظرون إلى كفّة الصراع ، ويميلون حيث تميل!
ثانياً - الوعي والعقلانية :
فئة العقلاء ، الذين يتعارفون ، من خلال الثورة ، ويحرصون على توطيد الصلات بينهم ، سعياً إلى إنجاح الثورة ، التي ينجحون جميعاً بنجاحها، ويُهزمون بهزيمتها!
فئة الحمقى والتافهين : الذين يتهارشون فيما بينهم ، ويتلاومون على ماضاع ، من أمنهم واستقرارهم ،ومصالحهم الصغيرة التافهة ، في ظلّ حكم المستبدّين المجرمين، ويكثرون اللوم والعتب ، والغضب- أحياناً- على من قام بالثورة ، ومن سعى إليها ، ومن أيّدها ، ويصرخون بهؤلاء ، قائلين : الله يخرب بيتكم ، خربتم بيوتنا .. كنا عايشين ! دون أن يسألوا أنفسهم ، كيف كانوا عايشين ، وما أنواع الذلّ والهوان ، التي كانوا يقاسونها ، في هذه المعيشة !
وسوم: العدد 881