الأسرة واللوائح في العالم
الديموقراطية يضع الكثيرون عليها أملاً وهمياً هي تفتقر إليه في ذاتها ، فهي تفترض أن جميع الناس قادرون على أن ( يحكموا ويُحكموا ) ، وهو أمر كاذب ومخالف للواقع . كما أنها تفترض وجود سلطات قضائية وإدارية نزيهة لتراقب عمل السلطات السياسة والعسكرية ، وهو أمر مستحيل في ظل انهيار القيم الذي تسببت به الليبرالية وتقديس وتكديس المال الذي تسببت به الرأسمالية .
ان النهاية المتوقعة لكل نظام ديمقراطي في ظل فرعنة رأس المال والإعلام هو النظام الاوليغارشي الذي يقوم على حكم مجموعة من أصحاب الثروات والنفوذ وحصر السلطات جميعاً في أيديهم .
والمثال الواضح عالمياً لهذه النتيجة هي الولايات المتحدة الأمريكية التي تخضع لحكم عوائل محددة سياسياً واقتصادياً ولانتقائية جامعات محددة قضائيا . وفي المنطقة العربية كانت مصر أوضح مثال للحكم الاوليغارشي في عهد حسني مبارك ، بدليل ان جميع العوائل الاقتصادية عادت للنفوذ في ظل عودة الحكم العسكري . وفي روسيا تحكم مجموعة من عصابات رأس المال تحت إشراف عصابات أكبر تملك وسائل الاقتصاد والإعلام .
لهذا فالتجربة السياسية الغربية فاشلة وستنتهي إلى مآلات مجهولة يتصارع فيها رأس المال مع الرغبة الشعبية في الانعتاق . كذلك هي تجربة تعسفية عالميا , تخلق مجموعة من بؤر العسكرة .
اما التجربة الاجتماعية المبنية على فكرة المتعة الانانية الفردية فقد فككت النظام الاسري بالكامل وسلمت الصغار الى رأس المال , والذين إذا لم يتم تداركهم بالإصلاح والنظم الروحية سيتحولون الى مسوخ مادية تدور في فلك الرأسمالية .
وبعد ذلك الكم من التنظير الاجتماعي الغربي وتسويقه الى العالم لا نجد سوى المزيد من عسكرة القوانين التي لا تتناسب والاسرة . فعلى المجتمع الغربي أن يعيد النظر في مجمل ما كتب من قوانين اجتماعية . والا يقارن بين وحشية الغرب وجمالية الروح الشرقية .
ان معدل سن الزواج[1] في دول اسيا الوسطى يصل الى 24,9 , وفي روسيا 26,2 , وفي الدول السلافية وأوروبا الشرقية 26,6 , وفي دول شرق آسيا 27,85 , وفي المكسيك والبرازيل 27,5 , وفي الدول العربية يصل الى 28.6 , وفي الدول الغربية 33,135 .
ومن الواضح ان بساطة الحياة وقلة صخبها واقتراب المجتمعات الشرقية من بعضها والحاجة الى تكوين اسرة والاعتماد على الأبناء وقلة تعقيد القوانين الحكومية وتوفر عوامل الأمن الأسري من أهم أسباب إقبال الناس على الزواج في المجتمعات الشرقية . في حين تغيب هذه العوامل كما يبدو في الغرب .
وقد كانت التجربة الاجتماعية الغربية غير ناجحة في ظل ارتفاع معدلات الطلاق والتفكك الأسري . حيث أن النسبة المئوية لمعدلات الطلاق[2] في الدول الغربية وشرق أوروبا وروسيا 42,2 ترتفع كلما اتجهنا غربا , وفي دول الخليج 32 , وفي الدول العربية 15,8 , وفي الدول المسلمة الاسيوية والأوروبية 14,4 . رغم ان دولاً مثل الولايات المتحدة الامريكية تسمح بحد ادنى لسن الزواج يصل الى 12 سنة لكنَ الثقافة التي يفرضها المجتمع تصل به الى سن 33 .
ويمكن تفسير هذه الظواهر بتفشي ثقافة المتعة الانانية في الغرب والوحشية الاجتماعية والاستناد الى القوانين الحكومية في المواجهة الاسرية التي غيبت المشاعر الإنسانية تماماً وساعدت في التدابر الاسري . أما في الخليج فكان اجتماع البداوة مع المال وبالاً على القيم القبلية هناك مع ضبابية الهوية الحضارية . ويبدو أنه كلما ازداد الاعتماد على التقدم التقني ازدادت معدلات الطلاق , ويجب الفصل بين تطور الماكنة وتقدم الإنسان . من ثم ليس هناك من سبب عقلائي لنقل التجربة الغربية لقوانين الاسرة الينا , وان من يقومون بذلك ببغاوات لا تفهم شيئا . بل يجب حماية الاسرة والمجتمع في الشرق من الفايروسات التنظيرية غير الشرقية . كذلك يجب دراسة التجربة السياسية الديموقراطية بتمعن والنظر في مآلاتها وعواقبها .
[1] ويكيبيديا : اغلب الإحصاءات لعام 2011 م وما قبله
[2] ويكيبيديا : اغلب الإحصاءات لعام 2010 م
وسوم: العدد 883