أهو التخادُم : كلٌّ يَخدم ويُخدم .. أم الامتطاء : كلٌّ يَمتطي ، ويُمتطى ؟
قال تعالى :
(أهم يَقسمون رحمتَ ربّك نحن قسَمنا بينهم معيشتَهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضَهم فوق بعض درجاتٍ ليتّخذَ بعضُهم بعضاً سُخريّاً ورحمتُ ربّك خيرٌ ممّا يَجمعون).
قال علماء التفسير:
(ليتّخذ بعضُهم بعضاً سُخرياً) ، أيْ : ليَستسخرَ هذا هذا ، في خدمته إيّاه ، ويعود هذا على هذا ، بما في يديه من فضل ! يقول : جعل تعالى ذِكرُه ، بعضاً لبعض ، سببلاً، في المعاش ، في الدنيا !
وقال الشاعر:
الناسُ للناسِ ، مِن بَدوٍ وحاضرَةٍ بعضٌ لبعضٍ ، وإنْ لمْ يَشعروا خَدمُ !
أمّا أن يجعل المرءُ نفسَه ، مطيّة ذلولاً للآخرين : فالناس في هذا أصناف ..
بعضُهم : يسخّر ظهره ، ليمتطيه غيرُه ، ممّن هو أعلى منه ؛ كي يمتطي ، هو ، ظهرَ غيره ، ممّن هو أدنى منه !
وبعضُهم : يحني ظهرَه ، لكلّ من يمتطيه ، ليحظى بمنفعة : مادّية ، أو معنوية !
وبعضُهم : يمكّن مِن ظهره ، كلَّ مَن يمتطي ؛ لأن نفسه معتادة ، على ذلك ، ولو لم يَجنِ أيّة فائدة ، من ذلك !
وكلّ ذلك ، في الكلام ، عمّا ليس فيه أذى واضح ، للآخرين !
أمّا جعلُ المرء نفسَه ، مطيّة للآخرين ، لإلحاق الأذى بغيره .. وامتطاءُه غيرَه ، لأجل إيذاء هذا (الغير) ، أو إيذاء سواه.. ففي ذلك هُون وشرّ،أيْ :حَشفٌ وسوءُ كيلة، كما ورد في المثل !
وسوم: العدد 884