تَطْبِيقُ الشَرِيِعَةِ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

سَألَنَي زَميِلٌ كَرِيمٌ : هَلْ هُنَاكَ مُجْتَمَعٌ بَشَرِيٌّ يُقِيمُ الشَرِيعَةَ الإسْلاَمِيَّةَ .. ؟ قُلْتُ: مُعْظَمُ المُجْتَمَعَاتِ البَشَريَّةِ تُطَبِقُ الشَرِيعَةَ.. لِأنَّ كُلَّ مُجْتَمَعٍ يَرْغَبُ أنْ يَفْعَل خَيْرًا مَا لِبِنَاءِ حَيَاةِ شَعْبِهِ.. وهَذَا مِنَ الشَرِيعَةِ.. ألَيْسَت الشَرِيعَةُ بِنَاءَ الحَيَاةِ .. ؟ فَقَالَ: مَا هُو الفَرْقُ إذاً بَيْنَ المُسْلِمِ وَغَيْرِ المُسْلِمِ في تَطْبِيقِ الشَرِيعَةِ .. ؟ قُلْتُ: مِنْ حَيْثُ بِنَاءُ الحَيَاةِ المَادِيَّةِ فَهُم سَواءٌ.. أمَّا فِيمَا يَتَعَلقُ بِبِنَاءِ الحَيَاةِ الرُوْحِيَّةِ وَالأخْلَاقِيَّةِ, ومِنْ حَيْثُ بِنَاءُ الحَيَاةِ الآِخِرَةِ وَالفَوْزُ بِنَعِمِها.. فَهُنَاكَ فُرُوقٌ بِحَسْبِ نَوْعِ العِلَاقَةِ مَعَ اللهِ سُبْحَانَه وَتَعالى..إنْ خَيْرًا فَخَيْرًا , وَإنْ شَرًا فَشَرًا. وَاللهُ تَعالى يَقولُ:" وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ". حَيْثُ مَقْصَدُ الشَرِيِعَةِ إقَامَةُ العَدْلِ وتَحْقِيقُ مَصَالِحِ النَّاسِ, وَابنُ القَيْم الجَوْزِيَّة - يَرْحَمُه الله تَعالى يَقولُ: " فَإذَا ظَهَرَت أمَارَاتُ العَدْلِ وَأسْفَرَ وَجْهُه بِأيِّ طَرِيقٍ كَان، فَثَمَّ شَرْعُ اللهِ وَدِينُه". وَالفَقِيهُ العَلَّامَةُ ابنُ عَقِيِلٍ - يرْحَمهُ الله تَعالى يَقولُ:" السِيَّاسَةُ الشَرْعِيَّةُ: مَا كَان مِنْ فِعْلٍ يَكونُ مَعَهُ النَّاسُ أقْرَب إلى الصَلَاحِ، وأبْعَد عَنِ الفَسَادِ، وإنْ لَمْ يَضَعَهُ صلى الله عليه وسلم وَلا نَزَلَ بِه وَحيٌ " وعُلَماءُ الأمَةِ يُؤكِدُون ذَلِكَ بِقَاعِدَتِهم الفِقْهِيَّةِ المَشْهورَةِ:" حَيْثُمَا تَكُونُ المَصْلَحَةُ فَثَمَّ شَرْعُ اللهِ ".

وسوم: العدد 885