قراءة في كتاب : مهارات إدارية وهمسات تربوية من حياة خير البرية محمَّد
مارس الإنسانُ الإدارةَ منذ أقدم العصور ، من خلال تهيئة طعامه وشرابه ومسكنه ، وبطريقة معالجته لِما يعترضُه من مشاكل ، وفي تعامله ومشاركته للآخرين في أنماط حياتهم . وتطورَ مفهوم الإدارة مع تقدُّم وتطوُّر حياة الإنسان ، فارتقى بها التفكير السليم ، والتجارب والخبرات ، والوسائل التي يملكها الإنسانُ .
ولقد عرَّفَ المفكرون وأهل العلم الإدارة بأنها نوع من الترتيب والتنظيم لتحقيق أهداف معينة ، وأنها فنٌّ يرتقي بالممارسة وبالموهبة وبحسن التصرف ، وهناك مَن جعلها فنًّا يوجه الآخرين في مؤسسة ـ ما ـ لاستغلال الموارد والإمكانيات ، ومحاولة توفير ما يمكن توفيره من الجهد والمال ، ولم ينس هذا الأخير أهمية قيم المودة والألفة والتفاهم بين أعضاء فريق المؤسسة لإنجاح العمل .
كما تتعدد أنواع الإدارة بحسب طبيعة المجموعة والزمن والحدث ، فإدارةٌ تعتمد على الأنظمة واللوائح ، وأخرى تركز على أفعال الآخرين وتتأثر بها ، وثالثة تقوم على قدرة وجاذبية المسؤول الأعلى في الإدارة ... إلى غير ذلك من أنواع الإدارات التي نراها أو نسمع عنها . وجميع هذه الإدارات تعتمد في الأصل على أفكار وتصرفات أصحابها وتجاربهم وخبراتهم ، وهي تعمل لمصلحتها الخاصة ، وربما تعمل على هواها ومزاجها . وقلما تجد إدارة من هذا النوع تتجاوز محيط مصالحها الذاتية ، والحدودَ التي رسمتها لنفسِها .
والباحث هنا الدكتور / محمد أحمد حمدان الشهري ، بأُطروحته التي نال بها شهادة الدكتوراه أراد أن يلفت الأنظار إلى نوع آخر من الإدارة المتميزة ، والتي لم يعرفْها البشر في قديم العصور وحديثها لتفرُّدِها بدقة مهاراتها ، وعظمة تربيتها ، وامتداد مفاهيمها وسُمُو مقاصدها وشمول جوانبها المتنوعة والمؤثرة في النفوس ورسوخ ما فيها من قيم ومآثر في حياة البشر لدنياهم وأخراهم . وتلك هي إدارة النُّبوَّةِ المؤيدة بالوحي ، التي عرفها الخلقُ في حياة رسول الله محمَّد بن عبدالله r . فهي الإدارةُ الشاملة لحياة البشرية وتوجهاتها ، وصاحبها لاينطق عن الهوى ، فجميع أقواله وأفعاله وتقريراته سُنَّةٌ هاديةٌ ، تنبئُ عن سُموِّ إدارته في مواجهة الأحداث الجسام ، وفي بنائه للدولة ، وفي تربيته لأصحابه وأمته على امتداد الأيام ، وفي إعداده الجيوش للجهاد ونشر الدعوة ، وفي تشجيعه وتحفيزه لأبناء المسلمين لأداء أعمالهم ومهامهم بكل إتقان وإخلاص ، وهي الإدارة التي تؤكد ثباته r على المبدأ ، وفيها بيان لصبره وثقته بربه ، وقد استطاع الدكتور محمد الشهري بانسيابية رقيقة أن يلج أبواب وفصول تلك الإدارة النبوية السامية ، ويأخذ القارئ برفق ليطلع على مطارف العز والرفعة ، في موافقة تلك المعاني للمفهوم الشرعي للنبوة ، حيث مقامها الرفيع ، ولا يختار اللهُ لها إلا بعلمه : ( الله يعلم حيثُ يجعل رسالته ) 124/الأنعام . ولذا اختار المولى تبارك وتعالى محمَّد بن عبدالله نبيا ورسولا ، فحمل الأمانة ، وبلغ الرسالة ، وجاهد في سبيل الله حقَّ الجهاد حتى أتاه اليقين . بعد أن تألقت إدارته وسمت ، لتكون النبراس الذي لايمكن للبشر أن يأتوا بمثله ، فإصلاح النفوس ، وتنمية جوانبها الروحية والعقلية والجسمية ، ومعالجة أدوائها ، والسعي بها على مراقي الكمال والفلاح لم تكن إلا للرسل والأنبياء عامة ، ولخاتمهم خاصة صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين .
فقد كانت إدارته في مكة مع بدء نزول الوحي عليه r ، ودعوته لخواص الناس ، مؤيدَة من الله سبحانه وتعالى ، وفيها يتجلى لطفُ الله ، وعلى امتداد ثلاث عشرة سنة استطاع r أن يشكل البذرة الطاهرة القوية لتمتد جذورها وأغصانها وثمارها إلى آفاق الدنيا في مدة وجيزة من عمر الزمن ، فقد أنشأ بعد هجرته حكومته الإسلامية في المدينة المنورة ، وآخى بين المهاجرين والأنصار ، وأزال حزازات الجاهلية ، وعقد المعاهدات التي تنظم العلاقات بين المسلمين وغيرهم ، فكانت تلك المعاهدة دستورا شاملا يبين حقوق و واجبات المسلمين ، وحقوق و واجبات غير المسلمين في الدولة الإسلامية الناشئة ، كما شملت تلك الوثيقةالأحكام العامة لجميع أفراد المجتمع ، والذي يتمعن في هذا الدستور التي تضمه صفحات تلك الوثيقة ، يجد فيه إدارة غير عادية ، وإنما الإدارة التي توجهها عناية الله ، وتكلؤها رعايته سبحانه وتعالى . فكان r يتخذ خليفة له على المدينة إذا غاب عنها ، ويتخذ المستشارين ، ويعين النقباء والعرفاء والقادة . وكل ذلك بحكمة نافذة ودراية عالية ، كما كان r يعطي الجانب الأمني أهميته ، فيجعل أفرادا للاستكشاف ، وآخرين للتحري . ولأن دعوته r للعالمين كافة فقد بعث برسله وسفرائه إلى الملوك والأمراء يدعوهم إلى الإسلام ، وعيَّن الشعراء ليدافعوا عن الدعوة فكانوا الصوت الإعلامي المجلل في الحق ، وجعل المؤذنين للنداء إلى الصلوات ، واختار كُتَّابا للوحي . كما عمل r على تنظيم تداول الثروة ، ومنع الاحتكار . وكل ذلك كان بحكمة وإدارة عالية ملهمة مؤيدة من الله تبارك وتعالى بوحي ينزل عليه ، كما كانت مواجهته وتعامله مع المشكلات الطارئة على أكمل وجه وأحسن تصرف حيث يظهر أثر حكمته r في معالجتها ، تجلى ذلك في غزوة حنين ـ على سبيل المثال ـ إذ خصَّ النبيُّ r المؤلفةَ قلوبُهم من أهل مكة الذين أسلموا حديثا بمزيد من الغنائم ليتألف قلوبَهم . فوجد الأنصارُ رضي الله عنهم شيئا في قلوبهم ، وقالوا : يعطي قريشا ويتركنا ، وسيوفنا تقطر من دمائهم !! فبلغ ذلك رسولَ الله r فأرسل إلى الأنصار ، فاجتمعوا في مكان أعده لهم ، و وقف فيهم خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ( يامعشر الأنصار مقالة بلغتني عنكم وجدة ـ أي غضب وحزن ـ وجدتموها عليَّ في أنفسكم ، ألم آتكم ضُلاَّلا فهداكم الله ؟ وعالة فأغناكم اللهُ ؟ وأعداءً فألف الله بين قلوبكم ؟ ــ وكان كلما قال لهم من ذلك شيئا قالوا : بلى الله ورسوله أمنُّ وأفضل ــ ثم قال : ألا تجيبونني يامعشر الأنصار ؟ قالوا بماذا نجيبُك يارسول الله ؟ لله ولرسوله المنُّ والفضل . فقال r : أما والله لو شئتم لقلتُم فلصدقتم وصُدِّقتُم : أتيتنا مكذَّبا فصدقناك ، ومخذولا فنصرناك ، وطريدا فآويناك ، وعائلا فواسيناك . أوجدتم يامعشر الأنصار في أنفسكم من أجل لعاعة ــ أي شيءٍ من متاع الدنيا الزائل ــ تألفت بها قوما ليسلموا و وكلتكم إلى إسلامكم ، أما ترضون يامعشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟ فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به . والذي نفس محمَّد بيده لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار ، ولو سلك الناسُ شِعبا وسلكت الأنصار شِعبا لسلكتُ شِعب الأنصار ، وإنكم ستلقون من أثرة من بعدي فاصبروا حتى تلقوني على الحوض ، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار . قال فملأ اللهُ قلوب الأنصار يقينا ، فبكوا حتى اخضلَّت لحاهم وقالوا : رضينا بالله ورسوله قسما ونصيبا . وهنا يتجلَّى حُسنُ الإدارة فلم يغضبْ النبيُّ r ممَّا سمع ، ولم ينفعل ، ولم يُقرِّعْ ولم يعاتب . ولكنه حوَّل مجرى المشكلة بعد أن أدلى بها أصحابُها بدلوهم ــ وهم بشر ــ إلى هذا الأُفق السامي الطاهر ، فظهرت قيمة الحياة الدنيا التي لاتعادل شيئا بالنسبة للآخرة ، وليست بشيءٍ بالنسبة إلى محبة وطاعة وإيثار الله سبحانه وتعالى ورسوله r على كل شيءٍ فيها . وقد يُقال بأن هذه الإدارة مثالية وعالية ومتميزة ــ وهي كذلك بطبيعة الحال ــ ولكننا نقول بأنها إدارة النبوة المؤيدة بوحي السماء فهي أعلى وأسمى وأرقى من قدرات البشر كافة ، وهي دعوة لكل أُولي الإدارات أن يحذوا حذوَها ، ويسيروا على مناهجها ، إنها إدارة الإيمان الذي يبدد الحجبَ حتى ليرى المؤمن الحوض المورود الذي وعده رسولُ الله r للمؤمنين . رغم كل مشقات الحياة الدنيا ، ورغم كل التضحيات والمشاغل والمشاكل . فنور الإيمان والوقوف على الحقيقة يمنحان المؤمنين الرضا والسرور والتفاني في الدفاع عن هذا الإسلام . وهكذا نجد هذه الحكمة في إدارة كلِّ ما اعترض مسيرة النبوة خلال ثلاثة وعشرين عاما . سواء في مكة أو في المدينة ، ولو نظرنا إلى إدارته r في قصة عبدالله بن أُبي حيث كادت أن تقع الكارثة من تنابذ وقتال ، ولكنه r شعر بالمشكلة ، و ووقف على أبعادها ، واستمع إلى المعلومات التي تناقلها الناس حولها ، وحدَّد دوافع أصحابها ، وتحرَّى الحقائق ، ثم عالج المشكلة بإدارته الحكيمة ، وبأنوار نبوته الفيَّاضة ، وقوة تأثيره r . فكان فيها الخير والفتح بمشيئة الله عـزَّ وجلَّ .
كما تجلت تلك الحكمة في جميع أمور حياة المسلمين التي عايشوها ، ونجحت ، وليس لها إلا أن تنجح ــ إدارة النبيِّ r في تكوين فرق العمل ، وفي حالات المشاورة للقضايا ، وفي طرق التعامل مع الأعداء ، وفي كيفية تربية أصحابه رضي الله عنهم أجمعين ، وفي معاملته للأسرى ، ورفقه بالمتعلمين ، وفي تكريم الأقليات وأساليب الإقناع وضرب الأمثال ، كما تجلت حكمته r في معرفته بنفسيات الناس وإدارة متطلباتهم ، بالتشجيع والتكريم والتحفيز ، كقوله ذات ليلة : ( مَن يحرسنا الليلة ؟ ) . وقوله في موقف آخر : ( أبشروا فقد جاء فارسكم ... ) . وكذلك في جمال الألقاب ومعانيها المؤثرة التي منحها لأصحابه ، فقد سمَّى أبابكر رضي الله عنه بالصِّدِّيق ، وسمَّى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالفاروق ، وأطلق على أبي عبيدة رضي الله عنه لقب أمين الأمة ، وعلى خالدبن الوليد رضي الله عنه سيف الله المسلول ، وعلى زيد بن حارثة رضي الله عنه حِبَّ رسول الله r . وقال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( أنت مني وأنا منك ) ، وقال لجعفر رضي الله عنه : ( أشبهتَ خَلْقي وخُلُقي ) ، وقال لزيد : ( أنت أخونا ومولانا ) ، وقال لعثمان بن عفان رضي الله عنه بعد أن جهَّز الجيش : ( ماضرَّ ابن عفان ماعملَ بعد اليوم ) ، وقال لطلحة رضي الله عنه يوم أحد : ( أوجبَ طلحة ) ، أي وجبت له الجنة ... وهكذا عاش النبيُّ r قريبا من أصحابه ، حريصا على إسعادهم ، يرأف بالجميع ، وتلك من سجايا إدارته العظيمة لأصحابه رضي الله عنهم أجمعين ، تلك الإدارة التي امتدت إلى حياتهم الاجتماعية مثل امتدادها إلى جوانب حياتهم الأخرى . فنهى عن أن يتناجى اثنان دون الثالث ، وحرم الهجران لأكثر من ثلاثة أيام ، وأمر بزيارة المريض ، واتباع الميت ، وتشميت العاطس إذا حمد الله ، ونهى عن الغضب والتسرُّع في إصدار الأحكام على الناس ، كما شدد على تحريم الغيبة والنميمة ... إلى غير ذلك مما جاء في كتاب الله الكريم وفي سُنَّته r من إرشادات وتعليمات ، وكانت تُطبق بحكمة وبإدارة رصينة ، وبالموعظة الحسنة حتى مع مَن يسيءُ . كما في قصة ( أبي محذورة ) الذي كان ذا صوت جميل ، ولما سمع صوتَ بلال رضي الله عنه يؤذن ولأول مرة في مكة المكرمة يوم فتحِها ، راح أبو محذورة يردد صوت الأذان بصيغة استهزاء ، فسمعه النبيُّ r ، فأمر به ، فمثل بين يديه وهو يظن أنه مقتول لامحالة ، فمسح النبيُّ r على ناصيته وصدره بيده المباركة ، قال أبو محذورة فامتلأ قلبي إيمانا ويقينا بأنه رسول الله ، فأسلم رضي الله عنه وعلمه النبيُّ r الأذان ، وأمره أن يكون مؤذنا لأهل مكة وكان عمره يومئذ ستَ عشرة سنةً . فهذا تصرف القائد الحكيم الذي يدير حركة الدعوة باللين والرفق لحاجة المواقف إلى ذلك ، وبالقوة والحزم لحاجة المواقف الأخرى إلى ذلك . ويقدم التشجيع والتحفيز في مواقف أخرى ، وبتلك الإدارة النبوية صاغ الجيلَ الأول من هذه الأمة صياغة فريدة لايمكن أن تتكرر ، ولم يأت بمثلها الأولون ، حيث سمت النفوس وارتقت على مدارج الفضل والمآثر ، ويظهر هذا الجانب في رحمته بالناس ، ووعظهم على قدر عقولهم وأحوالهم ، فهذا أعرابي يعلنُ إسلامه ، ولكنه شرط أن لايترك الفاحشة ( وهي الزنى) ، فرمقه الأصحاب رضي الله عنهم بغضب واستنكار ، ولكن الرسول r أجلسه بين يديه ومسح على صدره ، وقال له : ( أتحبه لأمك ؟ ) قال الرجل : لا . فعدد له النبيُّ بعض أرحامه كابنته وأخته وخالته ... والرجل يقول في كل مرة : لا يارسول الله . فقال له r : ( كذلك الناس لايحبونه لأمهاتهم وبناتهم ... ) فقام الرجل وهو يكره هذه الفعلة الشنيعة ، ودعا له r أن يطهر اللهُ قلبَه ، ويحصِّن فرجه . ومن حُسن إدارته أنه كان يشارك أصحابه في أعمالهم وفي أفراحهم وفي أحزانهم ، ويتعب كما يتعبون ،وقد ظهر ذلك يوم بناء مسجده المبارك في المدينة ، وكان يجوع كما يجوعون ، ويؤثرهم على أهله ، وكان يعدل بينهم ، كما كان تخطيطه للمهام الصَّعبة محكما ودقيقا ، ويتابع التنفيذ ، ويقوِّم النتائج ، وكان يعرف مايحتاجه الناس ، ويلبي لهم ماهو في مصالحهم الخاصة والعامة . من خلال ترسيخ المفاهيم الإسلامية الإنسانية ، وقد كان يقول r : ( سلوني ...) ويبادر أصحابُه رضي الله عنهم أجمعين بالأسئلة والاستفسارات ، فيثني على السؤال الجيد وعلى صاحبه ، وربما أجاب بأكثر مما يحتاجه السائل ، لأن حديثه r لجميع أبناء الأمة على توالي العصور . وربما غفل السائل عن حاجة أو فكرة ، فيستدركها له أثناء جوابه r ، ولعظمته r فقد كان يُكنِّي أحيانا ، ويصرح في أحيان أخرى ، مراعيا أحوال السائل والسامعين من حوله لكيلا يكون في الجواب أي إحراج . وكانت إجاباتُه r تتصف بالرفق واللين والتكريم والتشجيع وبجوامع الكلم كما هو معلوم .
إنَّ فترة نبوته r كانت ميدانا شاملا لتجديد وجه الكون ، ونقل حياة البشرية من ظلمات الجاهلية ، وتفاهة قيمها وانحطاط معطياتها ، إلى التسابق في الخيرات والصالحات والمآثر ، بحكمة واتزان ، وأوجد r للخلق أجمعين الفرص النفيسة الثمينة لقبول أنوار الوحي وما فيه من رحمة وسعادة وسمو . لتحصين النفوس من الأهواء والمزالق ، كما عالج r بتلك الإدارة النفيسة مايعاني منه الناس وهم يواجهون الحياة وما فيها من خير وشر ، وجعل للإنسان وظائف ومهمات تجاه نفسه وأهله ومجتمعه و وطنه والناس أجمعين . كما أيقظت إدارتُه الحكيمة r الهمم والعزائم ، وحرص على تفعيلها ، والمواهب والقدرات التي وهبها الله للناس وأكدَّ r على الاستفادة منها في مقاصد سامية وإكرام أصحابها . وهيأ لهم الوسائل ومهد لهم السبل من غير تسلط ولا تجبر ولا قسوة . فاطمأنت إلى إدارته النفوس ، وأحبته القلوب ، وافتدته بكل ما تملك ، وآثرته على الأنفس والأبناء والأموال .
إنَّ كتاب ( مهارات إدارية وهمسات تربوية من حياة خير البرية r ) لمؤلفه الدكتور محمد أحمد حمدان الشهري لجدير بالاهتمام والقراءة والتمعن ، فهو صياغة جديدة لسيرة الرسول r بثوب جديد ، ودعوة لشباب الأمة الإسلامية للعودة الراشدة والواعية إلى رحاب سُنَّةِ نبيِّهم r من أجل إعادة المجد والسؤدد إلى هذه الأمة ، فأبواب المآثر والوعد النبوي لم ولن توصد بمشيئة الله ، رغم كل المعوقات والغارات الحاقدة على الأمة و دينها القويم .
وسوم: العدد 886