دروس وعبر من خلال انفجار لبنان
13آب2020
معمر حبار
المتتبّع للانفجار العظيم الذي شهده ميناء بيروت بلبنان، والذي أودى بخسائر بشرية، ومادية تفوق قدرات لبنان والتي مازالت تعدّ موتاها، والذين لم يعثر عليهم لحدّ الآن، وتضمّد جراحها في انتظار أن تخرج من المأساة الكبيرة التي تعرّضت لها في أسرع وقت، وبأقلّ تكلفة. وممّا استطاع المتتبّع الناقد أن يقف عليه في الحلقة الأولى من ملاحظات:
- قادة لبنان ورؤساء الأحزاب اللّبنانيين الذين رأيتهم في صغري وأنا طفل ألهو وأعبث، وهم شبابا بشعر أسود يخاطبون اللبنانيين. هم أنفسهم رأيتهم عقب انفجار ميناء بيروت، وهم عجزة ضعاف، وقد كسا الشيب رؤوسهم. وأنا الآن في 54 سنة ونصف من عمري، وكأنّ الزمن توقّف عندهم، ولبنان عقيم لاينجب الخلف من الشباب. وهذه الملاحظة تصلح لجميع الدول المتخلّفة وليست حكرا على لبنان العزيز علينا. وكلّ ماهنالك أنّ الظرف أظهر الملاحظة.
- لايمكن بحال أن تبنى دولة قوية على الطائفية ولو ملكت عناصر القوّة، والحضارة، والتقدّم. والطائفية تزيح، وتسقط مجتمعات قوية، ومتقدّمة، وتملك عناصر القوّة، والعظمة.
- الدمار الذي لحق بإخواننا وأعزّائنا اللبنانيين مسّ الجميع، ودون استثناء. والقائمين على الطائفية مطالبون أن يعوا هذه النقطة، ويضعوها في الحسبان. فالأولى أن لايؤدي المرء بنفسه وبيديه إلى الدمار الذي لايفرّق، باعتبار الطائفية دمارا يأتي على الأرض، والعرض، والماضي، والحاضر، والمستقبل.
- لبنان يملك جامعات فرنسية، وأمريكية، وكندية، ومدارس فرنسية -فيما أعلم لحدّ الآن-. ومن المفروض -ومن الناحية النظرية- أن يكون مستواها العلمي عالي جدّا. والسؤال: كيف لهذا الكم من الجامعات ولم تستطع تخريج كفاءات في التعامل مع آثار الانفجار من حيث المواد الكيميائية، وما يتعلّق بها من مسائل علمية دقيقة. وتتّهم بعدها لبنان أنّها تفتقر للقدرات العلمية للقيام بالتحقيق بنفسها؟ إذن، الجامعات الأجنبية التي لاتساعد في تخريج كفاءات علمية يحتاجها المجتمع لمثل هذه الحالات لا خير فيها، وهي عبء يضاف لأعباء ليست لبنان ولا غيرها بحاجة إليها. والمطلوب إذن من لبنان وغيرها، أن تشرع من الآن في تكوين كفاءات علمية ذاتية متخصّصة في مثل هذه القضايا، وغيرها من القضايا المعقّدة، والخطيرة.
- تابعت انفجار لبنان عبر فضائيات لبنانية مختلفة متضاربة، بالإضافة إلى فضائيات عربية وغربية تميل هذه لهذا الفريق، وتحقد الأخرى على الفريق الآخر. وممّا شدّ انتباه المتتبّع الناقد أنّه لم يقف على فضائية رسمية ناطقة باسم الدولة اللبنانية، والمجتمع اللبناني يعود إليها المتتبّع ليأخذ منها الطابع الرسمي، ويقارن فيما بعد مع غيرها من حيث الصدق، والمضمون، والشكل. ولعلّ هذا يعبّر بصدق عن المأساة التي يعيشها لبنان، والتي تفوق مأساة انفجار لبنان.
- يقوم التحقيق على دولة قوية لاتميل لأحد، وقائد قوي لايعرف التراجع حين يكون صائبا، وقوّة ضاربة لاترحم الظالم وتحمي المظلوم، ووزير عدل لايخشى أحدا، وقاضي يمتاز بالكفاءة ومن ورائه قوّة الدولة التي تحميه وترعاه، وتموت دونه، ولا يقرب إليه أحد مادام هو النزيه، والصادق، والأمين.
- مايتعرّض له لبنان من ضغوط، وتهديدات، وحصار وإغراءات من دول عديدة مختلفة، إنّما تنحصر في نقطة واحدة ألا وهي: الحفاظ على أمن، وسلامة الصهاينة. وما عداها من نقاط تبع لهذه النقطة الجوهرية.
- في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى سأتطرّق لموضوع آخر يعتبر من نتائج انفجار بيروت.
- نتقدّم لأعزّائنا، وإخواننا اللبنانيين أن يحفظهم الله تعالى، ويحفظ لبنان العزيز علينا، وأن يعينهم في تخطي مأساة انفجار ميناء بيروت.
وسوم: العدد 889